مدة الفيديو 21 minutes 46 seconds

هو شاعر من الفحول في الجاهلية وأشعرهم في رأي النقاد، لم تكتف سيرته بمضارب قومه، وما أحاط بها من بقاع الجزيرة العربية، بل جاوزتها إلى بلاد أخرى، وامتزجت حياتُه واقعا بخيال، فكانت أشبه بالأسطورة.

سلطت حلقة (2022/8/7) من برنامج “تأملات” الضوء على الشاعر جندح بن حُجر بن الحارث الكندي (500540م) المشهور بلقب امرئ القيس، الذي جمع إلى الملكة الشعرية نسبا تليدا، فأبوه حُجر الكندي ملك بني أسد وغطفان، وقيل إن أمّه فاطمة بنت ربيعة أخت كليب والمهلهل.

وُلد امرؤ القيس في نجد ونشأ ميّالا إلى الترف واللهو، ويحكى أنه كان يقول الشعر فاحشا متهتّكا في سرد قصصه الغرامية، نهاه أبوه ولكنه لم ينته، فطرده فسار في الأرض، يطوف في أحياء العرب ترافقه جماعة من أصحابه، فغرق في اللهو يشرب الخمر وينظم الشعر وتغني له القيان، حتى أتاه خبر مصرع أبيه، وهو ببعض أرض الشام، فقد خرج بنو أسد على أبيه وقتلوه، فقال قولته المشهورة “رحم الله أبي، ضيعني صغيرًا، وحمّلني دمه كبيرًا. لا صحو اليوم ولا سُكْرَ غدًا، اليوم خمر وغدًا أمر”

وتُقسم سيرة امرئ القيس إلى مرحلتين: مرحلة مُجون وعبث، ومرحلة أخرى هي بحث عن ثأر بالتطواف في بقاع الأرض، حاملا حرقة الانتقام بين ضلوعه، وقد طلّق حياته الأولى، فلقّب بالملك الضليل، وهو يستنجد القبائل التي لم تُنجده إلا قليلا، ثمّ كان سَيرُه إلى القيصر جستنيان الأول في القسطنطينية.

عشق وموت

وكان قيصر الروم مبتغاه الأخير، يقول الرواة إن امرأ القيس لما نزل بأرض الروم عشق ابنة القيصر الذي أجاب دعوته في البداية، لكنّ رجلا من بني أسد وشى بامرئ القيس عند القيصر فأرسل إليه جبّةً مسمومة، وما إن لبسها حتى سرى السمّ إلى جسمه وتقرّح، فمات ودفن في أنقرة، وتقول روايات أخرى إن قيصر لم يفِ بوعده، فموته كان بسبب إصابته بالجدري في أثناء عودته، فتقرح جسده كلّه، ومات عقب ذلك وسُمي بذي القروح، وارتبطت بنهايته المأساوية أبيات تقطر حزنا وأسى؛ حين عرف خاتمته.

وترك امرؤ ديوان شعر طُبع مرارا، شرحه البطليوسي النحوي، وامرؤ القيس هو صاحب المعلقة المشهورة التي مطلعها:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل   ***  بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وهي أولى المعلقات، بها 80 بيتا من البحر الطويل، نظمها إثر حادثة جرت له مع ابنة عمّه عنيزة التي كان يهواها، فوصف الحادثة ثم انتقل إلى وصف الفرس والصيد والبرق والمطر.

ويقول الرواة أيضا إن امرأ القيس أول من ذكر الديار التي عفا رسمها في شعره، برحيل أهلها عنها، وقد كانت مرتعًا له، ولحبيبته، فوقف عليها واستوقف، وبكى واستبكى، فاستحسن العرب منه هذه الطريقة، واتّبعه عليها الشعراء، فأصبحت من بعده أسلوبا يقلّد، فطريقة استهلال القصيدة بهذا الوقوف عاشت عصورا مديدة، منذ الجاهلية ثم صدر الإسلام فالعصر الأموي حتى العصر العباسي، وما زال حنين الشعراء في أيامنا هذه يشدّهم إلى اللمحة الوجودية في هذا الأسلوب، والصدق الإنساني.

 

 

 

 

 

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.