كابل- بعمق 8 أمتار وعرض 150 مترا وطول 285 كيلو مترا، يوشك أكثر من 5 آلاف عامل إكمال الجزء الأول من حفر قناة خوشتيبه شمالي أفغانستان، بتكلفة بلغت حوالي 91 مليون دولار، تقول الحكومة إنها من خزينة الدولة.

وتوفر القناة لأفغانستان 9 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، مما يساهم في ري أكثر من 700 ألف هكتار من الأراضي الزراعية شمالي البلاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول مدير مشروع حفر القناة عبد الرحمن عطاش إن أعمال الحفر في القناة ستنتهي قريبا، مشيرا إلى أنه أول مشروع ينفذه الأفغان وبتمويل حكومي، لأن الأطراف المانحة الخارجية لا تقدم المساعدات لمثل هذه المشاريع الوطنية، على حد قوله.

عبد السلام حنفي نائب رئيس الوزراء الأفغاني (وسط) يتفقد أعمال حفر القناة (الجزيرة)

استكمال المحاولات السابقة

وتعتبر قناة خوشتیبه أكبر مشروع ري في أفغانستان، بدأ العمل في حفرها عام 1973 في حكومة الرئيس الراحل محمد داود خان، لكن الاجتياح السوفياتي ثم الحروب الأهلية تسببت في إيقاف العمل. وبعد نحو 30 سنة قامت حكومة الرئيس السابق حامد كرزاي بإجراء دراسات ميدانية والتخطيط لاستكمال أعمال الحفر، لكن تدهور الوضع الأمني وسيطرة طالبان على المناطق التي تمر منها القناة عرقلت بدء العمل.

وقد أوضح وزير الزراعة والري السابق نجيب وردك أن الحكومة أجرت عام 2004 دراسات ميدانية للمشروع والتخطيط لبدء العمل من جديد، لكن الوضع الأمني عرقل أعمال الحفر في القناة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول وردك “لا أحد يعارض أهمية المشروع لأفغانستان، واهتمام طالبان على شق القناة أمر إيجابي، وعلى الحكومة الحالية العمل في شق القناة لأنها من المشاريع التي تساعد الأفغان في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، ومن حقنا الاستفادة من مياه نهر أمو”.

وخططت الحكومة الأفغانية الجديدة العمل على شق القناة عبر 3 مراحل رئيسية، الأولى تبدأ في ولاية بلخ بطول 108 كيلومترات، والمرحلة الثانية في ولايتي جوزجان وفارياب بطول 117 كيلومترا، والمرحلة الأخيرة شق قنوات الري وشبكات المياه في الولايات الثلاث.

ويأتي ذلك في سياق ما أعلنته الحكومة بشأن استئناف العمل في 11 مشروعا للبنية التحتية، معظمها يتعلق ببناء السدود لتوليد الكهرباء، وإدارة وتنظيم المياه، فضلا عن الطرق الرئيسية.

الجزء الأول من قناة خوشتيبه وقد أكمل أعمال الحفر فيه
الجزء الأول من قناة خوشتيبه في أفغانستان بعد اكتمال أعمال الحفر (الجزيرة)

أين التمويل الدولي؟

ويرى الخبراء أن حفر قناة خوشتيبه له أهمية بالغة لتنمية الاقتصاد الأفغاني والخطوة الرئيسية للاكتفاء الذاتي، وتعتقد حركة طالبان أن المجتمع الدولي لا يمول المشاريع الأساسية التي تساهم في نمو الاقتصاد والبنية التحتية في البلاد، لذلك قررت التركيز على المشاريع الجاهزة التي ثبت جدواها الاقتصادية، لكن الوضع الأمني سابقا حال دون الانتهاء منها.

في هذا السياق، يقول رئيس دائرة إدارة المياه بوزارة الزراعة والري السابق نعيم سالار زي “من المفارقة أن حركة طالبان كانت تمانع العمل في بناء السدود والطرق وشق قنوات الري في مناطق متفرقة من أفغانستان، والآن شمرت عن ساعديها لاستئناف العمل”.

وأوضح سالار زي أن طالبان تهدف من وراء ذلك مخاطبة الشعب الأفغاني بالقول إن الحركة لديها إستراتيجية واضحة تجاه المشاريع التنموية، وأنها لا تنتظر الاعتراف الدولي بحكومتها حتى تحصل على المساعدات الدولية لبدء العمل في هذه المشاريع، مؤكدا أنها مبادرة مهمة للغاية، وعلى الشعب أن يساعد حركة طالبان في استكمال هذه المشاريع.

الة الحفر تعمل في القناة وحسب مسؤوليين أفغان تشارك في أعمال الحفر أكثر من أربعة الالاف الة حفر وسائل اخرى
أعمال شق القناة تشارك فيها أكثر من 4 آلاف آلة حفر حسب مسؤولين أفغان (الجزيرة)

دول الجوار

مشروع شق قناة خوشتيبه ونقل المیاه من نهر أمو إلى الحقول والمزارع في أفغانستان أثار ردود فعل كبيرة من الدول المجاورة، وخاصة أوزبكستان وتركمانستان التي تروي حقول القطن من النهر ذاته.

ويمكن تقسيم الدول التي تستفيد من مياه نهر أمو إلى:

دول المنبع: أفغانستان وقرغيزستان وطاجيكستان.

دول المصب: تركمانستان وأوزبكستان. وللمفارقة فإن دول المنبع هي الأقل استخداما لمياه النهر من دول المصب.

في هذا السياق، أشار مصدر في الخارجية الأفغانية إلى اعتراض تركمانستان وأوزبكستان على حفر القناة، وقالتا إن عرضها كبير وتؤثر على حجم المياه في نهر أمو، وقد طالبت الأخيرة بعقد المفاوضات بشأن تقسيم وإدارة المياه.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح المصدر أن الحكومة الأفغانية الجديدة لم ترد حتى الآن على مطالب هذه الدول، قائلا “أعتقد أن هذه الدول قبلت بالأمر الواقع لأنها تستفيد من المياه، وليس لها دور في تزويد النهر بالمياه”.

بدوره، يقول الخبير في إدارة المياه نجيب أقا إن أفغانستان تزود نهر أمو بأكثر من 30% من المياه، ولها حدود ساحلية طويلة مع دول آسيا الوسطى، لكنها لا تستفيد من المياه رغم حاجتها الماسة بسبب سياسة الاتحاد السوفياتي السابق، وقد تعرض الشعب الأفغاني إلى ظلم كبير، وفقا لحديثه للجزيرة نت.

ويذكر أن الخطوة الأولى نحو تأسيس الوضع القانوني لنهر أمو، بين أفغانستان والاتحاد السوفياتی السابق، كانت في 13 يونيو/حزيران 1946، بتوقيع اتفاقية الخط الحدودي بين البلدين، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبح نهر أمو هو الخط الفاصل بين أفغانستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان، التي ورثت الاتفاقية من الاتحاد السوفياتي.

لكن انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 أدى إلى إحداث تغييرات جوهرية في الإدارة الداخلية والخارجية لموارد المياه في بلدان آسيا الوسطى، وعام 1992 وقع وزراء المياه في الدول الخمس: كازاخستان وقرغيزستان وتركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان، اتفاقية التعاون المائي والالتزام بحصص المياه في الحقبة السوفياتية، لكنهم تجاهلوا حصة أفغانستان.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.