عاد الهدوء إلى العراق بعد انسحاب أنصار التيار الصدري من المنطقة الخضراء وإنهاء الإطار التنسيقي اعتصام أنصاره في العاصمة بغداد، لتنتهي بذلك 24 ساعة ملتهبة عاشتها البلاد بين يومي الاثنين والثلاثاء، سقط فيها عشرات القتلى والجرحى. ودعا الرئيس العراقي لانتخابات مبكرة ضمن “تفاهم وطني”، في حين هدد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالاستقالة إذا استمرت “الفوضى والصراع”.

انتهاء الاعتصامات

وانسحب أنصار التيار الصدري من المنطقة الخضراء بعيد كلمة لزعيم التيار مقتدى الصدر، طالب فيها مؤيديه من المعتصمين بإلغاء الاعتصام والانسحاب “فورا” من أمام البرلمان، مشددا على أنه سيتبرأ منهم إذا لم ينسحبوا.

وأوضح مراسل الجزيرة في بغداد أن أنصار التيار طلبوا ممن يرافقهم في الاعتصام الانسحاب أيضا من محيط المنطقة الخضراء، مشيرا إلى انسحاب دراجات نارية تابعة للتيار الصدري.

وعقب دعوة الصدر، أعلن الإطار التنسيقي إنهاء اعتصام أنصاره في بغداد بعد نحو 3 أسابيع من بدئه، ودعا أنصاره المعتصمين إلى العودة إلى منازلهم “سالمين غانمين”، بحسب وصف البيان.

كما دعا الإطار التنسيقي مجلسَ النواب وباقي المؤسسات الدستورية للعودة إلى ممارسة مهامها الدستورية والقيام بواجبها تجاه المواطنين، وطالب بالإسراع في تشكيل ما وصفها بحكومة “خدمة وطنية” تتولى الإصلاح ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة، لمنع تكرار ما حصل.

كما أعرب الإطار -الذي يضمّ كل القوى السياسية الشيعية باستثناء التيار الصدري- عن أسفه لوقوع ما سماها الفتنة العمياء، وما سببته من سقوط ضحايا من أبناء الشعب العراقي.

انتخابات مبكرة

وبعد انتهاء الاعتصامات، دعا الرئيس العراقي برهم صالح -في كلمة للعراقيين مساء الثلاثاء- إلى تنظيم انتخابات مبكرة ضمن “تفاهم وطني”، بما ينهي التوترات السياسية ويمهّد الطريق للخروج من الأزمة.

ووصف صالح ما شهده العراق أخيرا بأنه أزمة سياسية مستحكمة مرتبطة بمنظومة الحكم وعجزها، ودعا الإطار التنسيقي للتواصل مع جماعة مقتدى الصدر.

تهديد بالاستقالة

من جهته، هدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالاستقالة، وقال -في كلمة متلفزة مساء الثلاثاء- إنه إذا استمرت إثارة الفوضى والصراع والتناحر، فإنه سيعلن خلو منصب رئيس الوزراء وسيحمّل المتورطين المسؤولية.

وأضاف أن “الحرب كانت معلنة من جميع الأطراف لإضعاف الدولة وقرارها لأسباب انتخابية”، مؤكدا أنه تم فتح تحقيق في الأحداث، وقال “شكلنا لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين وأراقوا الدم رغم التوجيهات المشددة التي أصدرناها لمنع استخدام الرصاص”.

وشدد الكاظمي أن الأمر يتطلب موقفا حازما، وأن “السلاح الذي استخدم هو مال مهدور ودم مهدور”، بحسب تعبيره.

ووفق مصادر طبية، خلّفت الاشتباكات ما لا يقل عن 23 قتيلا و380 جريحا، حيث اندلعت مواجهات بين متظاهرين من أنصار التيار الصدري وقوات الأمن، وأخرى بين أنصار التيار الصدري ومؤيدي الإطار التنسيقي، عقب إعلان مقتدى الصدر -الاثنين- اعتزاله العمل السياسي نهائيا.

عصائب أهل الحق

من جانبه، دعا الأمين العام لعصائب أهل الحق في العراق قيس الخزعلي إلى عودة جلسات البرلمان، وتشكيل حكومة جديدة لتبدأ أعمالها بأسرع وقت.

ووصف -في كلمة له- التطورات الأخيرة في العراق بأنها كانت محاولة انقلاب فاشلة استهدفت الدولة باستثناء رئيس السلطة التنفيذية، مضيفا أن الوضع الحالي في البلاد هو الأسوأ ويستوجب من الجميع التحرك لإنهائه.

كما طالب الخزعلي بتطبيق القانون ومحاسبة المتورطين في أحداث المنطقة الخضراء.

الخارجية الأميركية ودعوات عربية

بدورها، حثّت وزارة الخارجية الأميركية جميع الأطراف في العراق على حلِّ خلافاتهم بالحوار. وقال متحدث باسم الوزارة في إحاطة عبر الهاتف إن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكتها مع عراق قوي مستقر.

وعلى الصعيد العربي، دعت دول عربية -أمس الثلاثاء- العراقيين إلى ضبط النفس واختيار الحلول السلمية للأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد.

فقد دعت وزارة الخارجية القطرية في بيان “كل الأطراف العراقية إلى وقف التصعيد وتغليب صوت الحكمة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.

كما دعت إلى “حل الخلاف القائم بالحوار السلمي بما يحقق تطلعات العراقيين”، مؤكدة دعم الدوحة لأمن العراق ووحدته وسيادته.

بدورها، قالت وزارة الخارجية السعودية -في بيان- إنها “تتابع ببالغ القلق والاهتمام تطورات الأحداث الجارية” في العراق، معربة عن “أسفها لما آلت إليه التطورات”، ودعت “جميع الأطراف والقوى السياسية في العراق إلى الوقوف صفاً واحداً للحفاظ على مقدرات ومكتسبات العراق وشعبه”.

وحث البيان “جميع الأطراف والقوى السياسية في العراق إلى اللجوء للحلول السلمية لمعالجة مطالب الشعب العراقي الشقيق، بما يضمن الأمن والاستقرار والازدهار للبلاد وشعبها”.

من جهته، أجرى ملك الأردن عبد الله الثاني اتصالين هاتفيين مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأكد “دعم الأردن الكامل للعراق في الحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة شعبه”، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الأردنية الرسمية.

وشدد ملك الأردن على “ضرورة تجاوز الظروف الحالية عبر الحوار وتغليب المصلحة الوطنية للمضي قدما في مسيرة التقدم والازدهار والاستقرار”.

بدورها، أعربت البحرين في بيان لوزارة خارجيتها، عن “بالغ قلقها وأسفها إزاء تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في العراق”. وحثت “جميع القوى والأطراف السياسية العراقية إلى استكمال المسار الدستوري والديمقراطي وتلبية تطلعات الشعب العراقي في الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية والسلم الأهلي والتنمية المستدامة”.

وفي الكويت، قالت وزارة الخارجية إنها تتابع “بقلق بالغ تطورات الأحداث الجارية في العراق”، داعية كافة الأطراف إلى “ضبط النفس ونبذ العنف وتغليب لغة الحوار والمصلحة العليا لبلدهم، حفاظا على مكتسباته وحقنا لدماء شعبه الشقيق”.

من جهته، أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بـ”الجهود المخلصة من الأطراف العراقية، ودعوات التهدئة من مختلف القوى السياسية بالبلاد لوقف التصعيد وأعمال العنف”.

وأوضح -في بيان- أن تلك الجهود “أدت إلى احتواء سريع للأزمة الأخيرة في العراق”، وتمنى أن “يتم استثمار تلك الجهود الصادقة للبناء عليها لتعزيز مسار الحوار بين الجميع من أجل سلامة العراق والحفاظ على مقدراته”.

كما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية، بأن وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، بحث مع نظيره العراقي فؤاد حسين تطورات الأوضاع بالعراق، خلال اتصال هاتفي بينهما.

وأكد وزير خارجية الإمارات “وقوف بلاده وتضامنها مع العراق في ظل التحديات التي يمر بها، ودعمها لأمنه واستقراره ووحدة وسيادة أراضيه”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.