تشعر النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و39 عاما بالقلق من هواجس الإصابة بسرطان الثدي، ولا سيما اللائي لديهن تاريخ مرضي عائلي من الدرجة الأولى، وربما يرغبن في إجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية (ماموغرام) بانتظام في سن مبكرة، تصل إلى 10 سنوات أقل من سنّ تشخيص قريباتهن.

لكن مع ثبوت فعالية التصوير الشعاعي في الكشف المبكّر عن سرطان الثدي، وتقليل احتمال الوفاة جراء الإصابة به، فإن بدء تلك الرحلة الشاقة في سن صغيرة لا تضمن تشخيصا مبكرا لسرطان الثدي، بل تزيد تعرض النساء للشعاع وتلقيهن نتائج إيجابية زائفة، ثم خضوعهن لإجراءات تشخيصية غير ضرورية، مثل تصوير شعاعي إضافي، أو أخذ خزعة من الثدي.

نصف النساء يتلقين نتيجة إيجابية كاذبة واحدة على الأقل طوال عقد من فحص ماموغرام السنوي لسرطان الثدي (شترستوك)

نتائج إيجابية كاذبة

ووفق دراسة أجراها الباحثون في قسم علوم الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في مارس/آذار الماضي، فإن نصف النساء يتلقين نتيجة إيجابية كاذبة واحدة على الأقل، طوال عقد من فحصهن السنوي لسرطان الثدي باستخدام التصوير الشعاعي (ماموغرام)، بسبب كشف التصوير عن تشوّهات في الثدي ترجع في الغالب إلى أورام حميدة أو كثافة أنسجة أثداء النساء في أعمار أقل من 45 عاما.

ولا تأتي النتائج الإيجابية الكاذبة لتصوير الثدي الشعاعي بعواقب نفسية فقط، بل تزيد من احتمال إصابة النساء بسرطان الثدي لاحقا؛ فقد أعلن باحثون في مركز السرطان الشامل بجامعة كارولينا الشمالية ارتفاع فرص الإصابة بسرطان الثدي بين النساء اللواتي تلقين نتيجة إيجابية كاذبة بنسبة 76%، مقارنة بالنساء اللواتي حصلن على نتائج سلبية حقيقية.

واستبعد الباحثون أن تكون كثافة أنسجة الثدي سببا للإصابة بسرطان الثدي لاحقا، لكنهم أشاروا إلى أن النساء اللواتي يتلقين نتائج إيجابية كاذبة لتصوير الثدي الشعاعي سيواجهن نوبات قاسية من القلق والخوف، وسيصبن بالأرق، وسيتّبعن سلوكيات ضارة بصحتهن، أو ربما يصبن بسرطان الثدي نتيجة كثرة تعرضهن للإشعاع خلال فترة متابعة النتائج الكاذبة، كما سيتخلفن عن مواعيد كشوفهن الدورية بعد ذلك، مما يقلل من فرص الكشف المبكّر عن إصابتهن بسرطان الثدي.

وشددوا على أهمية متابعة الفحص الدوري بالتصوير الشعاعي للثدي، لأن فوائد الكشف المبكر عن سرطان الثدي تفوق سلبيات النتائج الإيجابية الكاذبة.

استبعد الباحثون أن تكون كثافة أنسجة الثدي سببا للإصابة بسرطان الثدي (الفرنسية)

السنّ الفضلى لفحص الثدي

ونشرت مجلة الجمعية الأميركية للسرطان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نتائج بحث مشترك بين مركز السرطان بجامعة كاليفورنيا ومركز الأشعة في جامعة كارولينا الشمالية، وحللت الدراسة نتائج تصوير الأشعة السينية التي أجرتها مراكز الأشعة في الفترة بين 1996 و2016 لأكثر من 300 ألف امرأة، سواء كان لديهن تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي أو لا؛ لتقييم متى ينبغي أن تبدأ فحوص النساء اللواتي لديهن تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي.

وقارن الباحثون معدل الإصابة التراكمي بين هؤلاء النساء حتى 5 سنوات قبل تشخيصهن بسرطان الثدي، وكشفوا أن اللواتي لديهن قريبات مريضات بسرطان الثدي لا ينبغي عليهن بدء رحلة الأشعة السينية قبل 10 سنوات من سنّ تشخيص قريباتهن، بل تُعد 5 سنوات فترة كافية، فإذا تم تشخيص الأم في سن 45، ينبغي على الابنة بدء التصوير الشعاعي بانتظام في سنّ 40، وليس قبل ذلك.

ونصح الباحثون النساء اللواتي لديهن قريبات مريضات بسرطان الثدي بأن يتشاورن مع أطبائهن لاختيار الأنسب لهن وتقييم الأخطار، واعتبروا أن احتمال الكشف المبكر عن سرطان الثدي خلال تلك السنوات الخمس تساوي احتمال تشخيص امرأة معرضة لخطر متوسط وتبلغ من العمر 50 عاما، وهو العمر الموصى به لبدء التصوير الشعاعي للثدي.

إذا لاحظت امرأة أو طبيب وجود كتلة أو أي تغير غير عادي في شكل الثدي أو حجمه، فمن المهم فحصه (غيتي إيميجز)

هل هناك بديل؟

قد يكون تصوير الثدي بالرنين المغناطيسي الوسيلة الأنسب للكشف المبكر عن سرطان الثدي، خصوصا في حالات الأثداء ذات الأنسجة العالية الكثافة؛ إذ يقل معه عدد النتائج الإيجابية الكاذبة، كما يقل أيضاً عند استخدام التصوير الشعاعي الثلاثي الأبعاد للثدي في مقابل الثنائي الأبعاد، في حالات لنساء ذوات أثداء قليلة الكثافة، ومن بلغن سن الـ45، واللواتي يخضعن لفحوص سنوية. لكن يقل استخدام التصوير الشعاعي الثلاثي الأبعاد لارتفاع تكلفته خارج التأمين الصحي.

وبالنسبة للنساء من سن 45 إلى 54 سنة ممن لديهن قريبات من الدرجة الثانية تم تشخيصهن بسرطان الثدي، فتنصحهن جمعية السرطان الأميركية بتصوير الثدي بالأشعة السينية مرة كل عام، وتمنح الخيار لمن هن أكبر أو أصغر من تلك الفئة العمرية بأن يخضعن للتصوير الشعاعي مرة كل عامين.

ولم يثبت الفحص الروتيني للثدي من جانب مقدمي الرعاية الصحية (الفحص السريري للثدي)، أو من جانب النساء أنفسهن (الفحص الذاتي للثدي)، قدرته على تقليل الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي. ومع ذلك، إذا لاحظت امرأة أو طبيب وجود كتلة أو أي تغيير غير عادي في شكل الثدي أو حجمه، فإن من المهم فحصه.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.