وقف المارة في إسرائيل في أحد الأيام يلقون البيض على “سومية عمر”، المهاجرة من دارفور، التي سرعان ما وجدت نفسها في قبضة العنصرية الإسرائيلية لأنها مهاجرة سوداء ليس إلا، وسُرِقَت حقيبتها في وضح النهار، بعد أن ظنَّت أنها وجدت ملجأ من الاقتتال الأهلي في موطنها الأصلي. في مشهد آخر، يجلس أحد الضباط التوغوليين حديثي التخرج وهو يتدرَّب على برامج تجسس إسرائيلية حديثة اشتراها النظام في توغو لتتبُّع معارضيه. وفي صورة ثالثة يجلس عجوز في “كيغالي”، عاصمة رواندا، وهو يتذكر طفلته التي قُتلت في المذبحة الرواندية الشهيرة بسلاح إسرائيلي أيضا.

هذه بعض الصور التي يستحضرها الأفارقة حين يأتي ذكر دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكن أيّا من هذه الصور لا يحظى بالقدر الكافي من الضوء حين يأتي الحديث عن إسرائيل وأفريقيا، والفضل يرجع إلى الدعاية المكثفة التي عكفت عليها تل أبيب طيلة السنوات الماضية، لا سيّما منذ قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “بنيامين نتنياهو” بجولة في كينيا وأثيوبيا ورواندا وأوغندا بعد أن رفع الكنيست شعار “إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل” عام 2016. لقد دأبت تل أبيب على الاهتمام بالتوغل الاقتصادي والسياسي -والعسكري أحيانا- داخل القارة الأفريقية في السنوات الأخيرة، حتى صار الكثير من المحللين ومنهم عرب يعزفون نغمة البروباغندا الإسرائيلية نفسها، ويشيرون إلى النجاح الإسرائيلي في أفريقيا.

بيد أن التحليلات التي تُكتب عن هذا النجاح المزعوم عادة ما تتناسى عاملا مُهمّا، وهو خِبرات الأفارقة أنفسهم المباشرة مع إسرائيل، التي تشكل عنصرا فاعلا في تشكيل الرأي العام، إذ يتعامل البعض مع الأرقام فقط، ويتناسون أهمية التجارب الشخصية في صناعة المشهد التاريخي وما يمكن أن تمثله من تأثير على المدى الطويل. إن الفجوة بين الصورة اللامعة التي صنعتها إسرائيل عن علاقاتها مع النظم الحاكمة في أفريقيا، والتاريخ المُظلِم لعلاقة مشروعها الصهيوني بالأفارقة أنفسهم على مدار العقود الماضي، هو الثغرة الأبرز في رواية النجاح الإسرائيلي، والتي نسعى لتسليط الضوء عليها لفهم فقاعة الدعاية الإسرائيلية وحدودها، بل وكشف زيفها الواضح أحيانا.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.