سلفيت- يعاود الحاج زياد عبد الرازق (أبو يوسف) زراعة أرضه بأشجار الزيتون التي خلعها المستوطنون من جذورها ثم حطموها انتقاما، كي لا ينتفع منها أو يستصلحها ويعيد غرسها.

وحيث وجدناه، كان أبو يوسف (50عاما) يعتني بغراس زيتونه الفتية التي زرعها قبل أسابيع قليلة، يقتلع الأعشاب الضارة من حولها ثم يُغطي جذعها الطري بالحشائش اليابسة لحمايتها من المستوطنين وخنازيرهم البرية التي لا تقل في خطورتها عنهم.

وتلقى أبو يوسف هذه الغراس كدعم من الجمعية العربية لحماية الطبيعة في الأردن ضمن برنامجها “زراعة مليون شجرة في فلسطين” الذي يدخل عقده الثالث، ويهدف لتثبيت الفلسطينيين بأرضهم وخاصة تلك المصنفة “ج” حسب اتفاق أوسلو (يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي أمنيا) والتي يهددها الاستيطان.

ومساء الاثنين الماضي، أطلقت الجمعية حملة (ازرع صمودك) بموسمها الرابع في الأردن بالتعاون مع إذاعة “حُسنى” المحلية، لجمع التبرعات وتقديمها عبر مشاريع زراعية مختلفة أبرزها استصلاح الأرض وزراعة الأشجار المثمرة للفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة.

الحملة استهدفت وتزامنا مع إطلاقها بالأردن أرضا للأسير رزق صلاح من قرية الخضر ببيت لحم بزراعة 800 شجرة مثمرة قرب مستوطنة دانيال (الجزيرة)

حماية الأرض من التهويد

وفي أرض “النصبة” بقرية ياسوف قرب مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، غرس أبو يوسف 100 شجرة استلمها عبر الحملة على دفعتين، هذا العام والعام الماضي بعد أن اقتلع المستوطنون أكثر من 60 زيتونة معمرة له هناك.

ويوميا يزور أبو يوسف أرضه ولا ينقطع عنها إلا لظروف طارئة، فهو لا يريد كما أخبر الجزيرة نت أن يفقدها كغيرها من تلك التي تمدد فوقها الاستيطان وحرمه منها. ويقول إن تواصله مع أرضه يحميها من اعتداءات المستوطنين.

ويضيف “لا يكتفي المستوطنون بخلع الأشجار، بل يطلقون مواشيهم لترعاها، وخنازيرهم لتدمر المحاصيل وتهاجم المزارعين”.

وخلسة وفي أيام السبت (عطلة اليهود الأسبوعية) يستغل أبو يوسف غياب المستوطنين ويزور أرضه قرب مستوطنة “تفوح” الجاثمة فوقها، للعناية بأشجاره والمحافظة عليها رغم مساعي الاحتلال للاستيطان فوقها.

وتقيم إسرائيل حاجز زعترة العسكري و4 مستوطنات هي “تفوح” و”تفوح الغربية” و”نفيه نحميا” و”رحاليم” على أراضي قرية ياسوف البالغة مساحتها 6400 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وتضع يدها على معظمها.

وكان آخر التهديدات للقرية إخطارا بمصادرة 158 دونما قبل شهر، ووقف بناء 60 منزلا تحت التهديد بهدمها بحجة وقوعها في مناطق “ج” أو ضمن “النفوذ الأمني للمستوطنات”.

وتأتي حملة “ازرع صمودك” لتعزز وجود المواطنين الفلسطينيين بأرضهم ولا سيما بزراعة أشتال جديدة بدلا عما يقتلعه المستوطنون، والتي استفاد منها أهالي ياسوف بمواسمها الثلاثة السابقة، كما يقول محمد عبد الفتاح رئيس جمعية المزارعين في القرية التي يسكنها أكثر من 2300 فلسطيني.

ويقول عبد الفتاح للجزيرة نت إنهم حصلوا على أكثر من 800 شجرة زيتون من الحملة، وزرعت بدلا من 300 شجرة معمرة اقتلعها المستوطنون.

ويضيف الرجل “هم يخلعون ونحن نزرع”، مشددا على أن الزيتون “عنوان المقاومة والتحدي”، ودعا لتوفير سياج شائك لحماية الأرض ومنع اعتداءات المستوطنين وخنازيرهم.

المليون أصبح ملايين

وتشير إحصاءات برنامج “المليون شجرة” الذي أطلقته الجمعية منذ عام 2000 إلى زراعة أكثر من 2 مليون و700 ألف شجرة حتى الآن في نحو 136 ألف دونم يتهددها الاستيطان وتعود لأكثر من 39 ألف مزارع فلسطيني.

وفي مواسمها السابقة حمت حملة “ازرع صمودك” 3 آلاف دونم مهددة بالمصادرة بعد زراعتها بما يزيد على 77 ألف شجرة مثمرة متنوعة، وحفر 18 بئر مياه.

وفي أحد أنشطتها، تقوم الحملة بزراعة أرض يملكها الأسير الفلسطيني السابق رزق صلاح في بلدة الخضر قرب مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، حيث ستتم زراعة أرضه المقدرة بـ14 دونما والقريبة من مستوطنة “دانيال” الإسرائيلية بـ800 شجرة.

وسبق أن أسهمت الحملة بدعم الأسير نفسه لاستصلاح أرض أخرى له بمساحة 6 دونمات وزراعتها بأشتال العنب وغيرها.

وتستهدف الحملة مناطق “ج” الخاضعة لسيطرة الاحتلال والمقدرة بأكثر من 62% من مساحة الضفة الغربية. ولاقت رواجا كبيرا خلال إطلاقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلّقت النائبة السابقة والناشطة المجتمعية في الأردن ديمة طهبوب على الحملة بقولها “يا أهل الحشد والرّباط، اليوم فلتسرجوا بالزيت، فأهل القدس يحمون البيت”.

فيما كتبت نسرين شوربجي تقول بلهجتها العامية “يا جماعة في حال إنكم لسا ما عرفتو (لم تعرفوا بعد) عن حملة ازرع صمودك لسا قدامكم (ما زال هناك) وقت لتتبرعوا ولو لشجرة وحدة (واحدة) باسمكم في القدس”.

وجاءت فكرة زراعة مليون شجرة منذ عام 2000 كما يقول إبراهيم مناصرة منسق الجمعية العربية لحماية الطبيعة بالضفة الغربية، للرد على جرائم الاحتلال باقتلاع آلاف الأشجار.

وحسب مناصرة الذي تحدث للجزيرة نت، فإن الحملة تجاوزت طموحها بزراعة مليون شجرة، وأطلقت “ازرع صمودك” التي تستهدف أكثر مناطق القدس للعام الرابع لتعزز الفكرة وتنعشها. وقال إن “التبرعات مستمرة ولا تتوقف”.

الحملة استهدفت وتزامنا مع اطلاقها بالاردن ارضا للاسير رزق صلاح من قرية الخضر ببيت لحم بزراعة 800 شجرة مثمرة قرب مستوطنة دانيال- الصور من منسق الحملة ابراهيم مناص (4)
الحملة تستهدف دعم المزارعين بالغراس والأسرى السابقين باستصلاح وزراعة أراضيهم، ويذهب ريع بعض مشاريعها لمؤسسات مقدسية (الجزيرة)

نماذج متعددة

وتنفذ الجمعية حملتها بأسلوبين، الأول بمساعدة المزارع للبقاء في أرضه وعدم تركها خشية مصادرتها، والآخر بإعادة زراعة الأراضي المهددة باعتداءات المستوطنين.

وتدعم الحملة المزارعين بزراعة الأشجار وشبكات المياه وشق الطرق، إلى جانب برنامج آخر يتعلق بدعم أسرى محررين لاستصلاح وزراعة أراضيهم.

أما النموذج الثالث في الحملة، فيهدف لتحسين الدخل سواء للجمعيات أو للأفراد. ووفر أحد برامجها الذي استهدف زراعة 20 دونما في الأغوار الفلسطينية دخلا لصالح جمعية برج اللقلق في القدس، والتي تنشط بتقديم خدماتها داخل البلدة القديمة.

كما أطلقت الجمعية حملة “عيد الأم” وتخصيص هدية لها بزراعة شجرة في القدس، “فتم زراعة 3 آلاف شجرة”.

ويرى مناصرة أهمية الحملة بكونها “قائمة على دعم مستمر وبين شعبين هم أشقاء بوحدة الحال والمآل”، وبعيدة عن “الدعم الأجنبي المشروط والذي يبتز الفلسطينيين”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.