بعد خوضه تجربة ناجحة في اليابان في تخصص واجهة الدماغ الحاسوبية (Brain – Computer Interface)، انتقل الباحث الجزائري عبد القادر نصر الدين بلقاسم إلى جامعة الإمارات العربية المتحدة لمواصلة بحوثه في الميدان على أمل أن يسهم في نشر هذا التخصص بالمنطقة العربية، إذ يشرف اليوم على أول مختبر في هذا التخصص بالعالم العربي.

ويعتقد بلقاسم أن آفاق هذا المجال وتطبيقاته لا حدود لها ويمكنها محاكاة قصص أفلام الخيال العلمي، ففي المستقبل قد يحسد الأصحاء نظراءهم المعاقين على ما يملكونه من أعضاء اصطناعية بسبب قوتها وسرعتها ومدى استعمالاتها، وقد يمكننا أيضا قيادة السيارات بل حتى الطائرات بمجرد التفكير.

وربما يمكننا يوما ما حفظ الذاكرة والوعي والعاطفة في وحدة ذاكرة فلاشية، ووضعها في أي حاسوب للإبقاء على من نحبهم معنا إلى الأبد.

عن مشواره الدراسي وتخصصه وآفاق هذا التخصص الملهم، يتحدث الدكتور عبد القادر نصر الدين بلقاسم للجزيرة نت في هذا الحوار عبر البريد الإلكتروني:

في الفترة بين عامي 2006 و2010 حصل عبد القادر نصر الدين بلقاسم على الماجستير من الجزائر (مواقع التواصل)
  • بداية حدثنا عن مشوارك الدراسي من مدينة غليزان الصغيرة بالجزائر إلى اليابان؟

درست بولاية غليزان التي هي مسقط رأسي حيث حصلت على شهادة البكالوريا، ثم انتقلت إلى مدينة مستغانم المجاورة لمتابعة دراستي الجامعية، وهناك حصلت على شهادة مهندس دولة في الإلكترونيات عام 2006، ثم على شهادة ماجستير في الذكاء الاصطناعي عام 2010 من جامعة إيسطو بوهران.

ثم عملت مهندسا في شركة بيع وتصليح العتاد الطبي بوهران، ثم بمطحنة للقمح بمعسكر، كما عملت أستاذا مؤقتا بجامعة وهران لمدة فصلين كاملين، ثم أستاذا “مستخلفا” بالثانوية في غليزان، ثم أستاذا مؤقتا بمدرسة عسكرية للبحرية بمستغانم، ثم أستاذا مؤقتا بجامعة غليزان، فمهندس دراسات بمنصب دائم بشركة توليد الكهرباء “سونلغاز” بغليزان.

بعد ذلك سافرت إلى اليابان بعدما تحصلت على منحة دراسية من وكالة اليابان للتعاون الدولي “جايكا” لدارسة دكتوراه. وفي اليابان تعلّمت اللغة اليابانية، كما درست الثقافة الجزائرية باللغة الفرنسية لليابانيين الشباب.

وحصلت على شهادة الدكتوراه في ظرف عامين ونصف العام سنة 2015 من معهد طوكيو للتكنولوجيا (باليابانية: توكيو كوغيو دايغاكو) المصنف من بين أفضل 100 جامعة في العالم، وهناك ابتكرت طريقة جديدة للتحكم في الأشياء باستعمال حركات العين الملتقطة من الإشارات الكهربائية للدماغ.

حصل عبد القادر بلقاسم عام 2018 على جائزة “إم آي تي” (MIT) للمبتكرين دون سن الثلاثين (مواقع التواصل)
  • هل فكرت في العودة إلى الجزائر؟

نعم فكرت في ذلك، وقمت بمحاولات لتحقيق ذلك ولكن الأبواب كانت مغلقة، فقبلت العمل بجامعة أوساكا (من بين أفضل 100 جامعة في العالم) في معهد الطب مع أشهر العلماء في الروبوتيك وواجهة الدماغ الحاسوبية، حيث أصبحت بعدها أستاذا مساعدا بالجامعة نفسها، وهناك طوّرت طريقة للتحكم في كلتا يدي روبوت بمجرد التفكير في ذلك.

وقد اخترعت جهازا منخفض التكلفة يمكن ارتداؤه حول الأذنين، به خوارزمية تعمل على إشارات التخطيط الكهربائي للنشاط الدماغي لقياس درجة التعب والنعاس عند السائقين والتركيز لدى الطلاب والعمال، وبفضل ذلك حصلت على “جائزة إم آي تي تكنولوجي ريفيو للمبتكرين دون سن الثلاثين” عام 2018.

وتُمكّن هذه التقنية الجديدة المبتكرة من تصنيف حركات العين من إشارات الدماغ باستعمال اثنين من الأقطاب الكهربائية المثبتة حول الأذنين، وتساعد التقنية ذوي الاحتياجات الخاصة على إرسال رسائل باستعمال حركات العين الملتقطة من إشارات أدمغتهم فقط، وتساعدهم أيضا في التحكم في الروبوت والكرسي الكهربائي المتحرك والإنارة والأجهزة المنزلية، وممارسة بعض ألعاب الفيديو للترفيه عن أنفسهم.

وعملت بعد ذلك على مشروع التحكم في يدي روبوت آلي شبيه بالإنسان باستعمال إشارات الدماغ من خلال تقنية جديدة توصلت إليها، ونشرت نتائج الدراسة على غلاف مجلة علمية عالمية.

وأسست مؤخرا مختبري الخاص لتطوير واجهات الدماغ الحاسوبية، الذي يعتبر الأول في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وأعمل على مشاريع متنوّعة أكثر طموحا، منها التحكّم في سرب من الروبوتات والطائرات من دون طيار باستعمال إشارات الدماغ، والتحكّم في الكرسي الكهربائي والأجهزة المنزلية بالدماغ.

أسس بلقاسم مختبره الخاص لتطوير واجهات الدماغ الحاسوبية الذي يعتبر الأول في المنطقة (مواقع التواصل)
  • هل كنت تتوقع هذا النجاح؟ وما العوامل التي ساعدتك في ذلك؟

عندما قدمت استقالتي من منصب دائم بشركة وطنية لتوليد الكهرباء، كان كل تركيزي على خوض تجربة جديدة باليابان لإثبات ذاتي وتحسين قدراتي، رغم تخوفي الكبير آنذاك والنجاح نسبي من شخص لآخر ويجب أن يكون دائما ومستمرا في الزمن لنعتز به. وأنا حقيقة حققت إنجازات كثيرة في بيئة تنافسية صعبة وفي مدة زمنية قصيرة.

الدافع القوي الوحيد الذي دفع أغلب الجزائريين إلى الهجرة هو عدم توفّر بيئة صحية عادلة تقدّس العلم والعمل، وتقدس النزاهة والكفاءة، وتساعد الشباب على صقل مهاراتهم وتوفر لهم فرصا عادلة ومتكافئة لإبراز قدراتهم وإبداعاتهم من دون عوائق بيروقراطية.

وأظن أن الأشهر الأولى في اليابان كانت صعبة جدا علي، ولكن الباحث المتفوق هو من يتأقلم بسرعة في أي محيط يوضع فيه، والمحيط الياباني معروف بشراسة المنافسة والعمل لساعات طويلة، ولكن عندما يكون لديك هدف واضح ورؤية واضحة فستسخر كل الأدوات الممكنة لتدرك الركب، والباحث الجزائري المتخرج حديثا من الجامعة الجزائرية يملك الكثير من العلم النظري ليمكّنه من فهم العلوم الناشئة والتكنولوجيات الحديثة، وفي كلمة يجب أن يكون (الباحث) مثابرا وعنيدا.

  • لماذا غيّرت وجهتك نحو الإمارات؟ وكيف وجدت الأجواء هناك مقارنة بما سبق من تجارب؟

بعد مدة طويلة من التعلم والإبداع باليابان، كانت دولة الإمارات من الوجهات الأولى التي فكرت فيها بعدما تحصلت هناك على جائزة للابتكار على أعمالي العلمية عام 2018، حيث أعجبتني البيئة العربية المشجعة للعلم والمقدّرة للعلماء.

أما عن مقارنة اليابان بالإمارات، فكل دولة لها إيجابيات وسلبيات، ولكن على المرء الناجح التركيز على الإيجابيات فقط، إذ أصبحت بجامعة الإمارات العربية باحثا مستقلا تماما ولدي مختبري الخاص وأنظم المؤتمرات العالمية في مجال واجهة الدماغ الحاسوبية، وهذا وحده إنجاز كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عبد القادر بلقاسم: بعد التعلم والإبداع باليابان، كانت الإمارات من الوجهات الأولى التي فكرت فيها (الجزيرة)
  • حدثنا عن تخصص واجهة الدماغ الحاسوبية، ما هو؟ وما أهميته؟ وما آفاقه؟

واجهة الدماغ الحاسوبية هو مجال متعدد التخصصات، مزيج من علم الأعصاب ومعالجة الإشارة والذكاء الاصطناعي، يحاول ربط دماغ الإنسان بالمحيط الخارجي دون المرور بالعضلات، خاصة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من إعاقات حركية تعيقهم عن أداء مهامهم اليومية، أو الأشخاص المشلولين تماما، وتتمثل أهمية هذا المجال في تطبيقاته الطبية وغير الطبية.

وفي هذا المجال يحاول العلماء اقتراح طرق للاتصال المباشر بين دماغ الإنسان والحاسوب أو الآلة دون الحاجة لاستخدام الأعضاء الجسدية الأخرى كالعضلات الطرفية، إذ يتم إصدار الأوامر لأي جهاز إلكتروني بالمحيط الخارجي باستخدام نشاط الدماغ الملتقط باستعمال حساسات توضع على فروة الرأس أو على الدماغ مباشرة.

وسيسهم التحكم في الروبوتات الطبية عبر الدماغ في مساعدة المعاقين حركيا والطاعنين في السن وغيرهم. فهناك معاقون يحتاجون لأطراف اصطناعية أو كراسي كهربائية أو حتى تصفح الإنترنت بصفة طبيعية، وذلك بالتحكم فيها فقط بإشارات أدمغتهم.

  • يوفر إيلون ماسك موارد كبيرة لتطوير الواجهة التخاطبية بين الدماغ والآلة (نيورالينك) والتي تقع ضمن مجال أبحاثك، برأيك ما مدى أهمية توفر التمويل والمنافسة في تسريع عملية الابتكار؟

في الحقيقة إن أهمية توفر التمويل الكافي تظهر جليّا لدى من يفكر في التخطيط للمستقبل بإبداع وحكمة لاغتنام فرص المنافسة وتسريع عملية الابتكار وذلك بتجميع المبدعين والمتفوقين للعمل تحت رؤية واضحة، وهذا ما يقوم به إيلون ماسك أو غيره مثل شركة “فيسبوك” (Facebook) و”مايكروسوفت” (Microsoft).

فمن دون تمويل لا يمكن حتى لكبار العباقرة منافسة الشركات المتوسطة فما بالك بالشركات الكبيرة، لأن السوق لا يتعامل بالعاطفة، بل يتعامل ببرغماتية تشجع المنافسة الشرسة.

ولتفوز في هذا العصر تحتاج أن تأتي بحلّ ذكي مبدع (نافع ومنافس بكلّ المقاييس) لم يفكر فيه أحد لمشكل ما، وأن تكون من الأوائل الذين يقترحون حلولا له للحصول على التمويل الكافي لمشروعك. فهم اليوم لا يحتاجون للتفكير في الحلول، بل يحتاجون للوصول إلى من يمكنهم فعل ذلك لشراء أوقاتهم ومهاراتهم.

عبد القادر بلقاسم: واجهات الدماغ الحاسوبية لها تطبيقاتها المدنية والعسكرية (مواقع التواصل)
  • تطبيقات هذا التخصص امتدت إلى القطاع العسكري، كيف ذلك؟

يتم استعمال هذه التكنولوجيا لمساعدة المصابين بالحرب لاستعادة حياتهم الطبيعية بعد فقدانهم الحركة أو الكلام أو السمع أو الرؤية، بل حتى لمعالجة الأمراض العصبية مثل الباركنسون، والأمراض النفسية مثل الاكتئاب.

كما يتم استعمال هذه التكنولوجيا حتى لتحسين أداء الجنود في الحرب، أو قيادة الطائرات مثلاً باستعمال الارتجاع العصبي أو “نيوروفيدباك” (Neurofeedback).

  • تم مؤخرا غرس رقاقة في دماغ مواطن أميركي في أول تجربة عالمية، كيف ترى ذلك؟

في الحقيقة فإن غرس رقاقات إلكترونية في دماغ الحيوان أو الإنسان هو عمل ليس جديدا نسبيا، وليس إيلون ماسك من كان السباق بالقيام به. ففي اليابان حيث عملت بجامعة أوساكا مع أطباء متخصصين في جراحة أعصاب، قام فريق بحث بتجارب سريرية على أشخاص مشلولين تماما، وكانت تجارب ناجحة تدوم من 6 أشهر إلى أعوام. ولكن ما قام به إيلون ماسك كان عملا هندسيا رائعان إذ استطاع مضاعفة عدد الأقطاب التي تلتقط إشارات الدماغ الكهربائية، وهذا وحده إنجاز رائع في مجال واجهة الدماغ الحاسوبية.

بلقاسم: هناك مشكل يتعلق بعدم تكافؤ وتسارع تطور العلوم الهندسية والعلوم الطبية (الجزيرة)
  • هل هناك بحوث وتجارب فيما يخص استقبال الإشارات من الخارج؟ بمعنى أن الدماغ يمكنه استقبال إشارات، وهذا طبعا يجعلنا نعتقد أنه يمكن مستقبلا التحكم في الإنسان مثلما تصوره أفلام الخيال العلمي.

في الحقيقة هناك مشكل يتعلق بعدم تكافؤ وتسارع تطور العلوم الهندسية والعلوم الطبية المتعلقة بفهم آليات عمل الدماغ، بمعنى آخر فنحن الباحثين قمنا بقفزة نوعية في تطوير الخوارزميات والتطبيقات الهندسية في مجال واجهة الدماغ الحاسوبية وفي تصنيع الأطراف الآلية، ولكن هناك عوائق طبية تقف بيننا وبين المستقبل الذي نحلم به.

ولكن لو فرضنا أنه سيتم حل هذه المشاكل الطبية المتعلقة بعلم الأعصاب في 10 أو 20 عاما المقبلة فحتما سيشهد هذا المجال قفزة نوعية تحاكي كل أفلام الخيال العلمي. ففي المستقبل قد يحسد الأصحاء المعاقين على ما يملكونه من أعضاء اصطناعية بسبب قوتها وسرعتها ومدى استعمالاتها.

فلو فهمنا عمل الدماغ بشكل عميق فسوف يمكننا التحكم في كل ما يحيط بنا بمجرد التفكير، حيث يمكننا قيادة السيارات بل حتى الطائرات بمجرد التفكير، ويمكننا استبدال كل الأعضاء العضوية بأعضاء اصطناعية ذكية، بل يمكننا حتى زراعة دماغ في جسم آلي. ربما يمكننا حتى حفظ الذاكرة والوعي والعاطفة في وحدة ذاكرة فلاشية ووضعها في أي حاسوب للإبقاء على من نحبهم معنا إلى الابد. هذا المجال هو مجال متعدد التخصصات، ولهذا فتقدمه مرتبط بتقدم كل من مجال البيولوجيا العصبية والروبوتيك والذكاء الاصطناعي.

  • هل يمكن العمل على تخصص واجهة الحاسوب الدماغي في عالمنا العربي؟

هذا ما أحاول أن أقوم به في الشرق الأوسط (وأتمنى تعميمه في شمال أفريقيا) بتأسيس أول مختبر لواجهة الدماغ الحاسوبية وعقد مؤتمرات دولية في هذا المجال. ولكن لا أنكر أن هذا يحتاج العديد من الموارد المالية والبشرية الكفؤة لنشر ثقافة العمل في بيئة متعددة التخصصات.

بلقاسم: عدم تطور البحث العلمي في الجزائر نتيجة حتمية للنظر إليه على أنه ترفٌ (الجزيرة)
  • بما أنك فكرت سابقا في العودة للجزائر، هل لديك أفكار لتحسين وتطوير مستوى البحث العلمي في بلدك؟

السبب الرئيسي لعدم تطور البحث العلمي في الجزائر هو النتيجة الحتمية للنظر إليه على أنه ترفٌ فكري أو هامشي ليس إلا. إن الجامعة ليست مدرسة أو ثانوية لنقل المعرفة وتشجيع الحفظ واجترار المعلومات، بل مسرح للنقاش الحر والتفكير وتحقيق المشاريع المبدعة لدفع عجلة التنمية وإضافة معرفة على المعرفة الحالية. وأتعجب هنا من مسؤول يحصل على منصب رئيس جامعة أو وزير للتعليم العالي والبحث العلمي من دون ما يقترح رؤية مستقبلية واضحة بكل التفاصيل حول النهوض بهذا القطاع المهم.

وللنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر نحتاج 5 أشياء تتعلق بثلاثة مستويات (طلبة وأساتذة وحكومة):

• وضع معايير موضوعية صارمة لتقييم الأساتذة الجامعيين (على 3 أسس: البحث العلمي، والتدريس البيداغوجي، والخدمات المجتمعية)، والتركيز على مخرجات البحث العلمي والإبداع وذلك لتشجيع التنافس ومكافأة الأكثر إنتاجية للجودة.

• تحسين محيط التعليم العالي والبحت العلمي في جميع الجوانب، كاللجوء إلى التحول الرقمي (مثل Blackboard) لضمان الشفافية (transparency) والتتبع (traceability) النزيه لتقييم أداء الأساتذة والطلبة خاصة فيما يتعلق بالمناهج ومخرجات التعليم.

• حل كلّ المنظمات الطلابية والنقابات الفاسدة التي تقحم السياسة أو الأيديولوجيات في الجامعة، وتعويضها بنواد علمية وثقافية.

• إنشاء هيئة وطنية، مثل “مؤسسة العلوم الوطنية” (National Science Foundation) بأميركا، لتشجيع وتمويل المشاريع العلمية المهمة وذات قيمة مضافة لربط الجامعة بالقطاع الاقتصادي والصناعي والفلاحي.

• تشجيع الأدمغة المهاجرة للعودة أو المساهمة عن بعد في الرؤية المستقبلية للتعليم والبحث، وإدراجهم في جميع اللجان العلمية والثقافية والاقتصادية لتبادل الخبرات، ولتوحيد الجهود وتنظيمها.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.