عودة السفارات الغربية كانت مؤشرا إيجابيا بالنسبة للسكان الذين عادوا بأعداد كبيرة، لأنهم يعتقدون أنه ما كان لهذه السفارات أن تعود، لو لم يكن لدى بلادها معلومات حول خروج كييف فعلا عن قائمة الأهداف الروسية بالاجتياح مجددا.

كييف – كانت الدول الغربية أول من أغلقت أبواب سفاراتها في العاصمة كييف، أو نقلت بعثاتها الدبلوماسية إلى لفيف وغيرها من مدن الغرب الأوكراني، عندما كانت إمكانية نشوب حرب روسيا على أوكرانيا مجرد وجهة نظر، وأحد السيناريوهات “المستبعدة”، وفق كثير من المسؤولين والمحللين.

واليوم، بعد أكثر من 80 يوما على نشوب الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي، تعود السفارات بوتيرة متسارعة إلى كييف، وشملت -حتى الآن- نحو 40 سفارة غربية وإقليمية وحتى عربية، كسفارتي فلسطين ولبنان.

وتضم قائمة العائدين دولا رئيسة تدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، كبريطانيا وبولندا ودول البلطيق، مع تأكيد واشنطن على أن مايو/أيار الجاري سيشهد عودة سفارة الولايات المتحدة الأميركية، التي تتصدر قائمة الداعمين.

زيارات مكثفة وعالية المستوى تشهدها أوكرانيا بصورة شبه يومية، تشمل رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية (رويترز)

زيارات مكثفة وعالية المستوى

كل هذا يتزامن مع زيارات مكثفة وعالية المستوى تشهدها أوكرانيا بصورة شبه يومية، تشمل رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية ودفاع، لدرجة أن مسؤولين غربيين وإقليميين كبارا في عدة دول قد يصلون أوكرانيا في يوم واحد، الأمر الذي لم تشهده البلاد في فترات السلم قبل الحرب.

ومن بين أبرز من زار أوكرانيا مؤخرا كان رؤساء دول البلطيق وبولندا، ووزيرا خارجية ودفاع الولايات المتحدة، والسيدة الأميركية الأولى، ورئيس الوزراء الكندي، ووزيرة الخارجية الألمانية، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة.

كما شهدت أوكرانيا قبل أسابيع زيارة كل من وزير الخارجية، والمتحدث باسم الرئاسة التركية، في إطار جهود الوساطة التي تقوم بها أنقرة.

كل ما سبق يدفع إلى التساؤل حول الأسباب التي تدفع الدول إلى فتح سفاراتها، قبل أن تلوح للحرب نهاية في الأفق حتى، والإجابات مختلفة بينها، وفق آراء المحللين.

الأمان النسبي ومصالح الرعايا

وبالنسبة للسفارة التركية، التي كانت أول العائدين إلى كييف في أوائل أبريل/نيسان الماضي، فيتعلق الأمر بعودة الأمان النسبي، وبمصالح الرعايا الأتراك في أوكرانيا؛ والأسباب مشابهة وفق تصريحات يدلي بها مسؤولو دول أخرى، لها رعاياها كثر في أوكرانيا، كأذربيجان.

السفير التركي، يغمور أحمد كلدره، قال إن “السبب الذي دعا إلى نقل عمل السفارة هو ذاته الذي فرض عودتها”، في إشارة إلى زيادة ثم تراجع حدة المخاطر؛ وإن “عودة السفارة مهم لتنظيم عمليات إجلاء الرعايا عن مناطق التوتر، وإيصال المساعدات الإنسانية إليها”، وفق قوله.

Informal Meeting Of NATO Foreign Ministers As Russian War In Ukraine Continues
اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو أكد دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا (غيتي)

رسائل دعم وحماية لكييف

لكن زوار أوكرانيا أنفسهم، وخاصة من المسؤولين الغربيين، لا يخفون التعبير عن دعمهم المستمر لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وفي هذا الإطار قرروا عودة سفارات بلادهم إلى كييف.

ويرى إيهور كوهوت مدير مركز “التحليل السياسي” أن “عودة السفارات الغربية كانت مؤشرا إيجابيا بالنسبة للسكان الذين عادوا بأعداد كبيرة، لأنهم يعتقدون أنه ما كان لهذه السفارات أن تعود، لو لم يكن لدى بلادها معلومات حول خروج كييف فعلا عن قائمة الأهداف الروسية بالاجتياح مجددا”.

ويضيف كوهوت -في حديثه للجزيرة نت- “عودة السفارات تحمل رسائل مهمة لموسكو، مفادها أن كييف في دائرة الاهتمام والحماية الغربية، وأن في تهديدها مجددا تهديد للغرب”.

ويدلل على هذه الفكرة بالقول “نحن نلاحظ أن معظم المسؤولين باتوا يصلون كييف عبر القطارات لا السيارات، وهذا بعد أن قصفت روسيا عدة محطات للسكك الحديدية؛ بمعنى أن رسالة أولئك المسؤولين للكرملين مفادها: تهديد أوكرانيا تهديد لنا، فلا تتجرأ على التمادي أكثر، ونحن متحدون في دعم أوكرانيا والدفاع عنها”.

Protest to demand a rescue operation in Mariupol outside the Ministry of Foreign Affairs of Ukraine, in Kyiv
مطالبات شعبية بتوفير الدعم لإجلاء المدنيين المحاصرين في ماريوبول (رويترز)

ارتياح في الشارع الأوكراني

ويبقى الأكيد أن عودة السفارات وكثرة الزيارات تلقي بظلالها إيجابا على الشارع الأوكراني عموما، وعلى سكان العاصمة كييف خصوصا.

وتقول السيدة نتاليا للجزيرة نت “ربما الخطر لم يتراجع، لكني أعتقد أن الغرب يضع نفسه كحاجز ضد أي محاولات روسية جديدة للنيل من كييف؛ وفي هذا الإطار أفهم أيضا حجم الدعم الاقتصادي والعسكري الذي يتدفق على البلاد”.

فيما يعتقد الشاب فيتاليك أنه “في واقع الأمر، لا عمل للسفارات الآن في كييف إلا الدعم، فلا سياحة ولا استثمار ولا فعاليات أو اتفاقيات أو أي شيء آخر يذكر؛ حتى إن جميع أطقمها لم تعد إلى كييف كما علمت. وجودها خطوة رمزية باعتقادي، كانت كفيلا بوضع روسيا عند حدها نوعا ما، وزيادة مستوى الأمان”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.