قالت مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية إن الطراد موسكفا (سابقا “سلافا” أي المجد بالروسية) كان فخر البحرية الروسية ورمزا لقوتها في البحار والقطعة الرئيسة لأسطول البحر الأسود، قبل أن يغرق يوم 14 أبريل/نيسان الجاري، بحريق على متنه كما تقول روسيا أو بصواريخ مضادة للسفن كما تدّعي أوكرانيا.

ولمعرفة كيف تمكنت أوكرانيا من إغراق “موسكفا”، ومدى أهمية خسارة هذه القطعة لروسيا، أجرت الصحيفة مقابلة مع المتخصص في الشؤون البحرية فيسنت غروازلو رئيس تحرير النشرة الإخبارية “مير إي مارين” (Mer et Marine) المتخصصة في الأنواع المختلفة من السفن العسكرية التي تستخدمها القوى العظمى.

فرضية الحريق على متنه

قال غروازلو إن الطرادات الروسية الموروثة من الحقبة السوفياتية تُعدّ قنابل عائمة لأنها محشوة بالذخيرة والوقود، وليس بها موضع إصبع إلا وفيه شيء قابل للانفجار، ومن ثم لا يمكن استبعاد أن يكون لحريق على متنها التأثير نفسه الذي يحدثه الصاروخ.

وعند السؤال عن كيفية تفسير احتمال تمكن الأوكرانيين من إغراق هذا الطراد رغم دفاعاته المضادة للصواريخ، ردّ غروازلو بأن موسكفا رغم أنه قديم تم تجهيزه بوسائل قوية للدفاع عن نفسه ضد التهديدات الجوية، وذلك بصواريخ أرض جو و6 مدافع متعددة الأنابيب مصممة لمقاومة الصواريخ، إلا أن “السياق التشغيلي حاسم ولا نعرفه بالتفصيل، إذ قد يكون تعرض للهجوم في وقت تعرض فيه لأضرار ما، أو ربما تكون الظروف الجوية السيئة في المنطقة قد حدّت من أداء أنظمة الكشف الخاصة به، وربما تكون وسائل الدفاع التي يستخدمها أقل كفاءة مما كنا نظن”.

تدخل طائرات مسيّرة

وأشار غروازلو إلى أن الأوكرانيين تحدثوا عن تدخل طائرات مسيّرة من طراز “تي بي 2” (TB2) قد تكون شوّشت على دفاع الطراد الروسي من أجل تسهيل الهجوم الصاروخي عليه، علما أن صاروخ “نبتون” الذي يقول الأوكرانيون إنهم استخدموه ضد موسكفا هو فرضية ذات مصداقية، لأن هذا الصاروخ المضاد للسفن الذي يقدر مداه بـ300 كيلومتر كان من الممكن إطلاقه من الساحل بعيدا عن متناول وسائل الكشف، إلا أنه يحتاج لضرب هدف متحرك مثل القارب إلى وسائل جوية لإعادة توجيهه إلى هدفه.

واستنتج المتخصص أن الطائرات من دون طيار ربما تكون قامت بهذا الدور، وذلك يعني أن هذا التكتيك الذي تصورته الجيوش منذ سنوات قد ظهرت جدواه عمليا، وأكد أهمية “التهديد الذي تشكله الطائرات المسيّرة” الموجود في البر والبحر كأحد الدروس الرئيسة للحرب في أوكرانيا.

الأسطول الروسي يظل الثالث

وعن حالة الأسطول الروسي وقدرته على منافسة بحرية الولايات المتحدة أو فرنسا، قال غروازلو إن البحرية الروسية التي تمتلك نحو 60 غواصة وأكثر من 170 سفينة قتالية سطحية تعدّ ثالث أكبر بحرية في العالم من حيث “الحمولة” بعد الصين التي تجاوزت الأسطول الأميركي من حيث عدد الوحدات في مطلع عام 2020.

وتمتلك روسيا نظريا -كما يقول الخبير- قوة بحرية كبيرة جدا ولديها قدرة هائلة على الضربات النووية، ولكن الجزء الأكبر من أسطولها لا يزال يتكون من قوارب قديمة صُمّمت خلال الحرب الباردة وربما لم تعد مناسبة للقتال الحديث، لكن الجيوش الغربية تقول إن روسيا لا تزال ممتازة في ما يتعلق بالغواصات، كما أن ظهور صواريخ باليستية تفوق سرعة الصوت لديها يثير قلق الأساطيل الغربية.

الأسطول الأميركي أكثر تقدما

ومع ذلك، لا تستطيع البحرية الروسية منافسة الأسطول الأميركي الأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية، أما البحرية الفرنسية فإن لديها مشكلة كمية قبل كل شيء، فضلا عن مخزون الأسلحة الذي لا يكفي لمواجهة نزاع شديد الحدة.

ورغم أن خسارة موسكفا تعدّ ضربة قاسية للغاية وتحرم روسيا من وسيلة مهمة للمراقبة في البحر الأسود، فهي لا تؤثر في العمليات البرية ولا في سيطرة البحرية الروسية على البحر الأسود، إلا أن غرق الطراد إذا كان بالفعل بسبب هجوم أوكراني فإن ذلك سيؤدي إلى إعاقة حرية عمل البحرية الروسية التي ستضطر إلى الابتعاد عن الساحل لتتجنب الخطر.

حاملة طائرات وحيدة ومتوقفة

وذكر المتخصص في الشؤون البحرية أن روسيا ليس لديها حاليا حاملة للطائرات لأن حاملة الطائرات الروسية الوحيدة “كوزنتسوف” التي بنيت في عهد الاتحاد السوفياتي في أوكرانيا غير متوفرة حاليا بسبب خضوعها لإصلاح شامل منذ عام 2018، لأنها واجهت كثيرا من المشكلات الفنية نتيجة لمفهوم هجين يحاول الجمع بين القوة النارية للطراد مع حمل الطائرات والمروحيات.

وختم الخبير بأن روسيا عبّرت عن طموحها لبناء حاملات طائرات جديدة، ولكن هذه المباني معقدة للغاية ومكلفة، وحتى مشروع الطراد العملاق الذي كشف عنه في عام 2009 فإنه لم يتحقق بعد، ولعل موسكو لم تجد بعد الموارد المالية والتقنية لإطلاق برامج بهذا الحجم.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.