أديس أباباـ لا تزال أزمة إقليم أمهرة الواقع شمال إثيوبيا تراوح مكانها، منذ اندلاع صراع بين الحكومة ومليشيات مسلحة، مطلع أغسطس/آب الجاري، مما دفع الحكومة الفدرالية إلى إعلان حالة الطوارئ بالإقليم الذي تقطنه ثاني أكبر القوميات في البلاد.

وكانت حدة المواجهات بالإقليم قد تراجعت، بعد أن أعلنت أديس أبابا تحرير المدن الكبرى من “خطر العصابات” وذلك بعد معارك استمرّت أياما بين قوات الجيش الفدرالي ومليشيات محلية.

وأمهرة، هو أحد أقاليم إثيوبيا البالغة 12 إقليما، ويتمتع بحكم شبه ذاتي ضمن النظام الفدرالي، ويتميز بموقعه الإستراتيجي، حيث يحاذي السودان من الغرب والشمال الغربي وإريتريا شمالا، بجانب مجاورته 4 أقاليم بالبلاد.

ويعاني الإقليم الذي يصنف بأنه “ملتهب” -دوما- من انتشار المليشيات وجماعات خارجة عن القانون، حيث تعد مليشيات “فانو” أكبر الجماعات المسلحة هناك، تليها “قيمنت” التي عقدت اتفاق سلام مع حكومة الإقليم في ديسمبر/كانون الأول 2022.

وضمن سياق الأوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها الأمهريون، عين مجلس الإقليم أريجا كيبيدي حاكما جديدا خلفا لرئيسه السابق يليقال كيفالي الذي قدم استقالته في الاجتماع الطارئ لمجلس الإقليم الجمعة الماضية، كما عين نحو 13 مسؤولا في تشكيلة الحكومة الجديدة للإقليم.

مطالب المحتجين

ويرى عدد من المراقبين أن تعيين حاكم جديد، وتعديلات في إدارة الإقليم، خطوة مهمة تساعد في تهدئة الأوضاع الأمنية، باعتبارها جزءا من مطالب المحتجين الذين دعموا تحرك مليشيات فانو بالأحداث الأخيرة، بينما يرى آخرون أن الخطوة غير ذي جدوى باعتبارها تغييرات داخل الحزب الحاكم بالإقليم، فضلا عن تجاهلها لإيجاد وجوه جديدة من خارج الحزب.

وتوقع الكاتب والباحث السياسي الإثيوبي موسى شيخو أن تؤدي خطوة تعيين حاكم جديد لاستقرار الإقليم، قائلا “مع عودة الحياة لطبيعتها في أغلب مدن الإقليم تم الإعلان عن التعيينات الجديدة، ربما ستنجح في تحقيق أهداف الحكومة في جلب الأمن والاستقرار”.

وأوضح شيخو -في حديث للجزيرة نت- أن التعيينات الجديدة جزء من محاولة معالجة الأوضاع والعمل على إعادة الاستقرار وإخماد التمرد، مضيفا أن التغيير الحكومي بالإقليم له دلالة واضحة على التقصير والفراغ الذي كان مهيمنا على مسؤولي الإقليم السابقين.

وأشار الى أن الحكومة تمكنت من استئناف دوائرها الرسمية بالإقليم بعد توقف نحو أسبوع بسبب تردي الأوضاع الأمنية بعد ما وصف بتمرد ما يعرف بقوات شعب أمهرة “الفان”.

جذور الصراع

وأرجع شيخو جذور الصراع إلى توجه الحكومة لحل ما يعرف بالقوات الخاصة شبه الرسمية والتي كانت خارج منظومة المؤسسة العسكرية، ونزع سلاح المليشيا التي كانت تقاتل إلى جانب هذه القوات خلال حرب إقليم تيغراي، مضيفا أن متشددي قومية الأمهرة يرون أن حل هذه القوات بمثابة إضعاف الأمهرة وتهميشهم.

ومنذ أبريل/نيسان الماضي، بدأت معارضة فانو للسلطات الفدرالية، عقب إعلان الأخيرة رغبتها تفكيك “القوات الخاصة” بالبلاد، وهي وحدات مسلحة أنشأتها بعض حكومات الأقاليم منذ 15 عاما، حيث يرى القوميون بأمهرة في هذا القرار رغبة في إضعاف منطقتهم، مما دفع لتصعيد المواجهات بين الحكومة والجماعات المسلحة مطلع الشهر الجاري.

وكان الحاكم السابق للإقليم كيفالي قال -في خطاب استقالته- إن النضال السياسي لشعب الأمهرة معقد وإن عدم وجود هدف مشترك ورؤية وإستراتيجية نضالية مناسبة وعدم اصطفاف الآخرين مما جعل العمل على قيادة الإقليم تحديا كبيرا.

في المقابل، وصف الباحث السوداني بالشؤون الأفريقية عباس محمد صالح، الصراع في إقليم أمهرة، بالمركب بسبب التداخل المحلي والإقليمي الأوسع نطاقا مع السياسي والأمني، مضيفا أن كل هذه التعقيدات جعلت الإقليم يشكل معضلة حقيقية تواجه السلطات الفدرالية التي تكافح على عدة جبهات لتعزيز الاستقرار في الإقليم بكافة الوسائل.

وأضاف صالح -في حديث للجزيرة نت- أن الإقليم يتحول شيئا فشيئا لتحدي أمني خطير يتطلب تدابير صارمة للحفاظ على الأوضاع هناك كي لا تخرج عن السيطرة، مستبعدا أن يكون تعيين الحاكم جاء نتاجا لضغوط شعبية.

وقال “لا أعتقد أن عملية التعيين نتاج ضغوط شعبية، حيث ينقسم الشارع هناك في خيار مقاومة الحكومة الفدرالية بين مستويات عالية من التطرف القومي والسياسي ليس فقط بالخطاب العام وإنما حتى وسائل المقاومة باللجوء للسلاح لتحقيق ما يراه مطالب عادلة لشعب الإقليم”.

خطوة شكلية

ويرى الباحث السوداني أن تعيين حاكم جديد للإقليم خطوة شكلية إلى حد كبير، موضحا أن الحكومة الفدرالية ترى تناغم قيادة الإقليم على المستويات العليا مع سياستها ضروري لإستراتيجية إدارة أزمات الإقليم التي لا تحتمل أي نوع من الاختلاف معها، وذلك لإبقاء الأوضاع هناك تحت نظر السلطات الفدرالية في إطار النظام الدستوري القائم حالياً على المدى الطويل.

وحول آخر التطورات في أمهرة، عقدت القيادة العامة لحالة الطوارئ بالإقليم -السبت الماضي- اجتماعا لتقييم عمليات إنفاذ القانون الجارية لاستعادة سلام أمهرة، بمشاركة الجنرال أبيباو تاديسي نائب رئيس الأركان ومسؤولين من مركز القيادة العامة لحالة الطوارئ، وحكومة الإقليم والاستخبارات.

وذكرت هذه القيادة -في بيان- أن عمليات إنفاذ القانون الجارية بالإقليم كانت ناجحة، وبدأت عودة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية تدريجيا، وفي المقابل تقول تقارير غير رسمية إن أوضاع أمهرة الأمنية غير مشجعة وتشهد بعض مناطق الإقليم مواجهات بين الجيش الفدرالي والجماعات المسلحة من وقت لآخر.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.