القدس المحتلة- تساؤلات عدة حملها قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي إنشاء كتيبة مدرعة جديدة من دبابات ميركافا “في3” (V3) ذات الطراز القديم التي أسماها “عوف هحول” أي طائر الفينيق، حيث تعتمد الكتيبة على قوات الاحتياط من سلاح المدرعات.

وتتكون كتيبة المدرعات -التي يتولى قيادتها المقدم إيريز سعدون- من جنود احتياط وضباط وقادة دبابات يتمتعون بخبرة عملياتية وقيادية بالتعامل مع دبابات ميركافا “في3” المعدة للبيع، حيث تقرر تجميد بيعها من أجل الانضمام إلى القتال في غزة.

ويتمتع هذا الطراز القديم بالقوة النارية والقدرة على التنقل والرماية الدقيقة، فضلا عن المدافع الرشاشة، بحسب الجيش الإسرائيلي.

ويأتى هذا القرار في ظل اشتداد المعارك البرية بين فصائل المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية المتوغلة في قطاع غزة المحاصر، ويتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في الدبابات والآليات العسكرية، بفعل الصواريخ المضادة للمدرعات والتي توثقها المقاومة عبر مقاطع مصورة تبثها يوميا.

وفي ظل الرقابة العسكرية التي تفرضها إسرائيل على سير وتطور المعارك البرية في غزة، يحظر الكشف عن حجم الخسارة بالمعدات والآليات العسكرية باهظة الثمن، مثل دبابات ميركافا “في4” ذات الطراز الجديد، ومدرعة “النمر” وكذلك دبابات ميركافا “في5” التي دخلت الخدمة التجريبية في سبتمبر/أيلول الماضي.

توغل الدبابات الإسرائيلية في أزقة قطاع غزة يعرضها لاستهداف مباشر من قذائف المقاومة (الجزيرة)

تجارب واستهداف

مع الإعلان عن تشكيل كتيبة احتياط بسلاح المدرعات والاستعانة بالدبابات القديمة في المعارك البرية، اختار الصحفي المختص في شؤون السلاح والتكنولوجيا عوديد يرون -في تقرير له بصحيفة “هآرتس”- تسليط الضوء على أنظمة الوقاية الدفاعية التي تجربها إسرائيل على الدبابات والمدرعات الحديثة خلال الحرب.

وفي إشارة إلى خسائر إسرائيل التي كبدتها صواريخُ المقاومة باستهداف المدرعات والدبابات الحديثة بالمعارك البرية بغزة، استذكر هذا الصحفي اختراق قذيفة مضادة للمدرعات ناقلة الجنود المدرعة من طراز “النمر” مما أدى إلى مقتل 11 جنديا من لواء “غفعاتي” ولذلك تأتي الاستعانة بالدبابات القديمة التي تعتبر أقل كلفة.

وألمح الصحفي إلى أن هذه الإجراءات تأتي من أجل الحفاظ على ما يسمى “سمعة ومكانة” الدبابات والمدرعات ذات الطراز الحديث والتي ما تزال منظوماتها الدفاعية “معطف الريح” قيد التجارب، بحيث إن الإبقاء عليها في ساحة الحرب ودائرة استهداف الصواريخ المضادة وتوثيق الإصابات المباشرة بها سيمس بمكانة الصناعات العسكرية الإسرائيلية.

تحذيرات وتداعيات

وفي يونيو/حزيران الماضي، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” النقاب عن نية الجيش الإسرائيلي بيع دول أوروبية وأجنبية مئات الدبابات من أنواع ميركافا “في 2 وفي 3” التي خرجت من خدمة سلاح المدرعات وبقيت مكدسة بمستودعات الجيش، حيث كان من المفروض أن يتم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تسليم 200 دبابة من الطراز القديم لأوكرانيا وبولندا، بيد أن الحرب على غزة حالت دون ذلك.

وأجمعت تقديرات مراسلين ومحللين عسكريين على أن قرار إسرائيل إعادة تشكيل كتيبة مدرعة من وحدات الاحتياط، والاستعانة بالدبابات القديمة، تعكسان الطرح الذي حذر من تداعيات إلغاء العديد من الألوية بالمدرعات، وأيضا الإجماع بأن قرار بيع الدبابات القديمة لدول أجنبية بمثابة “خطأ إستراتيجي”.

وحسب تقديرات لباحثين بسلاح المدرعات، فإن عدد دبابات الجيش الإسرائيلي يتضاءل باستمرار، من الوضع الذي كان عليه سلاح المدرعات آلاف الدبابات والمدرعات في تسعينيات القرن الماضي، إلى الحال الذي يوجد فيه اليوم أقل من ألف دبابة ومدرعة.

مع احتدام المعارك البرية بغزة الجيش الإسرائيلي يستعين بالدبابات القديمة من طراز "ميركافا-V3" التي أخرجت من خدمة سلاح المدرعات
المقاومة الفلسطينية أعلنت تدمير عشرات المدرعات الإسرائيلية خلال المعارك في غزة (الجزيرة)

خسائر وقتال

في هذا السياق، قال شاي ليفي المراسل العسكري لموقع “ماكو” (تابع للقناة 12 الإسرائيلية) إن القرار جاء “نظرا لتعدد ساحات القتال في غزة، وتزايد طلب القوات الميدانية للمدرعات والدبابات من حيث القوة النارية وسرعة التنقل”.

ويوضح أن طلب إنشاء كتيبة مدرعة ثانية والاستعانة بالقتال بالدبابات من الطراز القديم ليس صدفة “ففي الماضي كان هناك عدد غير قليل من الخبراء الذين حذروا من إغلاق الألوية المدرعة وتقليص سلاح المدرعات، وهو النقص الذي أصبح محسوسا الآن في المعارك البرية بغزة، وذلك دون قتال داخل الأراضي اللبنانية قد يندلع في المستقبل”.

وقدر المراسل العسكري أن تتم الاستعانة بدبابات ميركافا ذات الطراز القديم الأقل كلفة بالمعارك البرية في غزة، حيث يشتد القتال. ومن الممكن أن يتم وضعها في الأماكن التي غادرت فيها الدبابات والعربات والمدرعات الأكثر تقدما وتكلفة.

وأضاف أنه على مر السنين “كانت هناك حالة من الإهمال للجيش البري، وتمثل ذلك في إغلاق العديد من الألوية المدرعة، الغالبية العظمى منها في الاحتياط..”.

تقليص وإهمال

وأثار تقليص سلاح المدرعات وإلغاء بعض الألوية المدرعة الكثير من علامات الاستفهام، خاصة السنوات الأخيرة عندما بدأ جيش إسرائيل الحديث عن سيناريو حرب متعددة الجبهات مع غزة ولبنان، الأمر الذي يتطلب قوات كبيرة للمناورات البرية، بما في ذلك المزايا التي تجلبها الدبابة إلى ميدان المعركة.

من بين الخبراء -الذين خرجوا ضد خطوة إغلاق الألوية المدرعة وإخراج العديد من الدبابات من الخدمة- العقيد احتياط في لواء المدرعات بوعز زلمانوفيتش الذي قال “إذا كان هناك سبب واحد لإدخال الدبابات إلى منطقة مبنية، فهو قوة النيران” حسب ما نقلت عنه القناة 12 الإسرائيلية.

وأوضح زلمانوفيتش أن قوات المشاة، حتى في التوغل البري، ليست البديل عن قذائف الدبابات عيار 120 ملليمترا ومدافع الدبابات الرشاشة، خاصة وأن ذخيرة الدبابات تم تكييفها للقتال في المنطقة المبنية والمأهولة.

ويجزم عقيد الاحتياط الإسرائيلي أنه لا يوجد بديل لقدرات المدرعات والدبابات في ساحات القتال البرية، مؤكدا أنه لا المروحيات القتالية ولا الطائرات بدون طيار تستطيع توفير الحماية والقوة النارية لقوات المشاة، وهذا إلى جانب مدة النشاط القتالي المستمر في الميدان.

واختتم زلمانوفيتش بقوله “لا أعرف عدد الدبابات الموجودة بالجيش الإسرائيلي، وآمل أن يكون هناك ما يكفي وأكثر، لأنه بدون الدبابات سيواجه الجيش صعوبة في القيام بمهامه بالمناطق المبنية”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.