ناقشت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) ما أورده تطبيق المواعدة “مزماتش” (Muzmatch) من أن العاصمة الفرنسية باريس يوجد بها هي وحدها مليون مسلم، مشيرة إلى أن ذلك أمر مثير بالفعل.

وفي تقرير بقلم لوك لينوار، أوضحت الصحيفة الفرنسية أن هذا الرقم جاء في حملة إعلانية تقوم بها شركة مزماتش لبضعة أيام في باريس، لغرض تسريع توسعها في فرنسا، وهي شركة مقرها في لندن ولديها تطبيق يعرض لقاءات الزواج “الحلال” بين المسلمين.

وقد غطت الشركة بعض الجدران الباريسية بملصقات كبيرة تدعي أن المدينة بها “مليون مسلم”، وهو ما أثار الكثير من ردود الفعل، لا سيما من قبل فريق حملة المرشح للرئاسة الفرنسية إريك زمور، الذي جعل من محاربة الإسلام هواية، وقد خاطبته الشركة مباشرة بشعار آخر يقول “مرحبا بكم.. المحمديون هنا”.

مجاز مرسل

وتساءلت الصحيفة كيف حصلت هذه الشركة الناشئة على هذا “الرقم المذهل”؟ قبل أن تستعرض الإحصاءات التي تحدثت عن أعداد المسلمين في فرنسا، مشيرة إلى أن سكان باريس كانوا يزيدون قليلا عن مليوني نسمة في عام 2019، إذ بلغ عددهم مليونين و161 ألف نسمة، حسب المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، وبالتالي فإن الرقم الذي قدمه مزماتش يبدو خياليًا منذ البداية، ما لم يكن هنالك تحول هائل.

وأضافت أنه بعد الاتصال بالشركة، اعترفت بأنها أطلقت باريس مجازا على منطقة إيل دو فرانس من باب إطلاق الجزء على الكل، وكأن مصممي التطبيق يطبقون ما يسمى “لندن الكبرى” على العاصمة الفرنسية، إلا أن ذلك أيضا لا يجعل تحديد النسبة الحقيقية بدقة أمرا سهلا.

وتوضح الشركة الناشئة أنها في ظل عدم وجود إحصاءات عرقية، خلطت عدة مصادر، مثل “إيوماب” (EUMAP) و”ستاتيسيا” (Statista)، تقدم الرقم 5.4 ملايين مسلم في فرنسا عام 2020، وتعتبر الإسلام الديانة الثانية في البلاد، كما تستشهد بمجلة “إيكونوميست” (The Economist) التي قدّرت عدد السكان المسلمين في إيل دو فرانس بنسبة 10-15% من العدد الإجمالي، أي ما يبلغ 1.7 مليون شخص، في مقال بعنوان “متى تتجه البلديات إلى مكة” عام 2008.

غير أن المعهد الفرنسي لاستطلاعات الرأي “آي إف أو بي” (Ifop) قدر أن عدد المسلمين في إيل دو فرانس يمثل ضعف عددهم في باقي البلاد عام 2010، وهذا يعني أنه قبل 12 عاما كان هناك 3 ملايين و77 ألف مسلم في فرنسا، يعيش مليون و18 ألفا منهم في إيل دو فرانس وحدها، أي نحو ثلثهم.

ومع ذلك -تقول الصحيفة- يجب أن تؤخذ هذه الأرقام بحذر لأن التقديرات تختلف اختلافا جذريا حسب التعريف، إذ تكتفي بعض الأعمال بالمسلمين المتدينين، في حين يأخذ بعضها الآخر كل الأشخاص المرتبطين ثقافيا بالإسلام، إلا أن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الإسلام يمثل تمثيلا زائدا في منطقة إيل دو فرانس، بسبب تدفقات الهجرة المرتفعة هناك.

تسويق جامح

ويبرر شاهزاد يونس، مبتكر مزماتش، هذا الرقم بالقول “نحن في مزماتش نحب أن نخاطب المسلمين بروح الدعابة، لأن ذلك يعني الكثير لجمهورنا”، فبالإضافة إلى الملصقات التي تستحضر “مليون مسلم في باريس” ومفاجأة إريك زمور، هنالك أيضا استخدام الشعار الأخير “ابحث عن شبشب عند قدمك”، في إشارة إلى وجود نشاط أكثر جدية في مجال الهوية، مصحوبا بمدونة عن المسلمين في فرنسا، تستعرض التمييز الذي يعاني منه المسلمون وتذكّر بأن “انعدام الأمن حجة تبرر اتخاذ تدابير جذرية لحرماننا من حريتنا في العقيدة”.

وخلصت الصحيفة إلى أنه لا يوجد مليون مسلم في باريس، لأن ذلك يعني ببساطة أن كل شخصين في باريس أحدهما مسلم، كما أن عدد المسلمين في إيل دو فرانس بأكملها بين مليون ومليوني نسمة، وهو -حسب الدراسات المختلفة- يمثل ما يقرب من ثلث مسلمي فرنسا، ولهذا اعتبرت لوفيغارو أن ما قام به هذا التطبيق يدخل في باب التسويق الذي يطلق الكذبة عمدا من أجل إثارة الجدل، وجعل الآخرين يتحدثون عنك، على حد قولها.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.