دفع الجيش الإسرائيلي بأعداد كبيرة من جنوده إلى الضفة الغربية وخطوط التماس مع الفلسطينيين، بالتزامن مع نشر الشرطة الإسرائيلية آلافا من عناصرها في القدس الشرقية المحتلة وداخل المدن.

وبعد 10 حوادث تنوعت ما بين إطلاق نار وطعن ودهس ومحاولة طعن نفذها فلسطينيون ضد إسرائيليين خلال مارس/آذار الماضي وقبيل حلول شهر رمضان أسفرت عن مقتل 11 إسرائيليا، تجد تل أبيب نفسها أمام 3 سيناريوهات.

أول تلك السيناريوهات يتعلق باحتمالية اندلاع مواجهة مفتوحة بين إسرائيل والفلسطينيين على عدة جبهات (تشمل قطاع غزة)، وثانيها إمكانية وقوع عمليات محدودة لا تصل حدّ المواجهة، والثالث هو أن يعمّ الهدوء خلال شهر رمضان.

وليس ثمة حسم لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية بشأن سير الأمور خلال رمضان، ففي حين تتحدث بعض التقديرات عن احتمالية المواجهة، فإن تقديرات أخرى تقول إنه لا مؤشرات على تصعيد خلال الشهر.

ولكن الأنظار تتجه إلى الأسبوع الثالث من شهر رمضان الذي سيتزامن معه عيد الفصح اليهودي المقرر استمراره أسبوعا، وعادة ما يقوم خلاله آلاف المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى.

وتحمل الاقتحامات، التي ستتزامن مع وجود كثيف للمصلين بالمسجد الأقصى، في طياتها فتيل مواجهة.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لوكالة الأناضول إن كل الأنظار تتجه إلى ذلك الأسبوع، وهناك دعوات دولية لإسرائيل إلى احترام الوضع القائم في المسجد الأقصى وكبح تصرفات المستوطنين وخاصة في القدس والأقصى.

وتوقعت المصادر -التي فضلت عدم الكشف عن هويتها- أن تتجه تل أبيب إلى تقليص اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان إلى الحد الأدنى، بمعنى تقليص ساعات الاقتحام واقتصارها على فترة قصيرة في ساعات الصباح.

ومنذ سماح إسرائيل، أحاديا، بالاقتحامات في عام 2003، يقتحم المستوطنون المسجد الأقصى يوميا، ما عدا يومي الجمعة والسبت، بالفترة الصباحية وبعد صلاة الظهر.

وفي شهر رمضان من كل عام، تُوقف الاقتحامات في العشر الأواخر منه، حيث يعتكف آلاف الفلسطينيين في المسجد الأقصى على مدار الساعة.

3 سيناريوهات محتملة

الأول: مواجهة شاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على غرار ما جرى في رمضان الماضي، تشمل القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى الاشتباكات بين مواطنين عرب والشرطة الإسرائيلية داخل الخط الأخضر.

الثاني: مواجهة محدودة، تتمثل في قيام فلسطينيين بعمليات فردية بين الحين الآخر عبر محاولات طعن أو دهس في القدس الشرقية والضفة الغربية.

الثالث: أن يعمّ الهدوء مدينة القدس ويتمكن مئات آلاف الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة.

كسر الأمواج

وقالت مصادر محلية فلسطينية إن الشرطة الإسرائيلية استدعت عشرات الشبان الفلسطينيين من مدينة القدس الشرقية، وسلمتهم قرارات إبعاد عن المسجد الأقصى لفترات تتفاوت ما بين أسبوع وعدة أسابيع.

وفي نفس السياق، أفاد الجيش الإسرائيلي -في تصريح مكتوب أرسل نسخة منه للأناضول، مساء الخميس- أنه تم في اليومين الماضيين اعتقال 31 فلسطينيا بالضفة الغربية.

وأعلن الجيش أنه تم إطلاق اسم “كسر الأمواج” على عملية انتشار القوات والاعتقالات في الضفة الغربية.

ومع ذلك، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية لم تحسم إلى أين ستتجه الأمور خلال شهر رمضان، في وقت تنشط فيه على جبهتين: الأولى وهي من يشتبه بعلاقاتهم مع تنظيم الدولة من المواطنين العرب في إسرائيل، والثانية النشطاء الفلسطينيون بالضفة الغربية.

على كلا الجبهتين، تواجه أجهزة الأمن الإسرائيلية معضلة، وهي أن منفذي العمليات ينطلقون -وفق تحليلات- فرديا ودون تنسيق مع تنظيمات فلسطينية.

عدو غير مرئي

واعتبر المحلل الأمني في صحيفة هآرتس العبرية عاموس هارئيل -الجمعة- أن “مشكلة إسرائيل المزدوجة تتلخص في عدم وضوح المعلومات الاستخبارية، ومواجهة عدو غير مرئي (إشارة لمنفذي العمليات الفردية)”.

وأشار إلى أن جهاز الأمن العام (الشاباك) تحرك بقوة لمواجهة ما يبدو أنها منطقة ميتة استخباراتيا (البلدات العربية بإسرائيل)، ونفذ مداهمات واعتقالات ضد مواطنين عرب كانت لهم صلات مع تنظيم الدولة، أو يشتبه في أن لديهم مثل هذه العلاقات اليوم.

وأضاف هارئيل أنه في ذروة نشاط تنظيم الدولة منتصف عام 2010، تم وصف ما يقرب من 100 سجين فلسطيني ومن المواطنين العرب في إسرائيل على أنهم “متماثلون مع التنظيم”، منبها إلى أن بضع عشرات منهم فقط يقبعون حاليا في سجون إسرائيل.

واستدرك بأن المهاجم في بئر السبع (جنوب) وأحد منفذي هجوم الخضيرة (شمال) نفذا عمليتيهما بعد سنوات قليلة من إطلاق سراحهما.

وفي 22 مارس/آذار الماضي، نفذ محمد أبو القيعان من بلدة حورة بالنقب (جنوب) عملية دهس وطعن في مدينة بئر السبع، أدت لمقتل 4 إسرائيليين وأصيب 3 آخرون بجروح متفاوتة، ثم أعقبها بعدها بـ5 أيام هجوم آخر في مدينة الخضيرة نفذه شابان من أم الفحم (شمال) أسفر عن مقتل إسرائيليين اثنين.

وكان أبو القيعان قد اعتقل في عام 2015 بتهمة تأييد تنظيم الدولة، وأمضى لهذا السبب 4 سنوات في السجن.

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن تقدير أجهزة المخابرات الإسرائيلية هو أنه سيكون من الصعب الآن وضع حدّ كامل للهجمات، وأنها قد تستمر عدة أشهر في سيناريو متشائم.

وبالنسبة لهذه التكهنات، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الجمعة، بأن تقييما أمنيا أشار إلى عدم عثور مسؤولي الاستخبارات على اتصال مباشر أو توجيه مباشر من تنظيم الدولة تلقاه المنفذون، وما زال الاعتقاد بأنها هجمات فردية.

وأضافت، بأنه -وفقا لمسؤولي الاستخبارات- كل شيء سيبدأ وينتهي بأحداث حول الحرم القدسي (المسجد الأقصى).

معضلة لإسرائيل

ووسط هذه التخوفات، فإن الحكومة الإسرائيلية تواجه معضلة إحباط الهجمات، وفي نفس الوقت وقف انتقادات وهجوم المعارضة الإسرائيلية عليها التي تتهمها بالفشل الأمني.

حكومة بينيت تواجه انتقادات واتهامات بالفشل الأمني (الجزيرة)

وقد وجّه عضو الكنيست من حزب “الليكود” اليميني المعارض يسرائيل كاتس -الجمعة- انتقادات إلى رئيس الوزراء نفتالي بينيت.

وقال كاتس في حديث لإذاعة محلية: إن اعتبارات سياسية توجه بينيت في مواجهة العمليات، في إشارة إلى عدم رغبته في إنهاء دعم القائمة العربية الموحدة لحكومته.

وفي حال قررت القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس سحب دعمها للحكومة الإسرائيلية، فإن الحكومة ستسقط.

وفي هذا السياق، قالت صحيفة “معاريف”، الجمعة: “سوف تمر الموجة الحالية من الهجمات في نهاية المطاف بشكل أو بآخر”، لكنها اعتبرت أن استمرار الانقسامات العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي والكراهية، ستكون معالجتها أكثر صعوبة.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.