طولكرم- للمرة الثالثة على التوالي منذ بداية العام الجاري وبطريقة وصفت بأنها “الأعنف”، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم “نور شمس” للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة طولكرم (شمال الضفة الغربية) -فجر اليوم الثلاثاء- وأحدثت تدميرا واسعا فيه بعد أن أخفقت في تصفية أو اعتقال “مطلوبين”، على حد وصفها.

وبُعيد الثالثة فجرا، توغّلت أكثر من 80 آلية عسكرية بينها جرافة مجنزرة إلى المخيم من أكثر من محور، ووقعت مواجهات مع أهالي المخيم أدت إلى استشهاد شاب بعد إصابته برصاص الاحتلال في الرأس، وأصيب آخران أحدهما بحالة خطرة، في حين تصدى مقاومون مسلّحون لاقتحام الجيش الإسرائيلي واشتبكوا مع قواته في أكثر من مكان من دون أن يُعتقل أو يصاب أي منهم.

ولمدة 4 ساعات، استمرت عملية الاحتلال حسب شهود عيان تحدثوا للجزيرة نت، وبدأت عند “حارة المحجر”، إذ دهمت القوات الإسرائيلية منازل مواطنين وعبثت بمحتوياتها، قبل أن تتوغل آليات عسكرية ثقيلة في الحي الرئيس المحاذي للشارع العام الواصل بين مدينتي طولكرم ونابلس وتدمره بالكامل. ومنه توغلت قوات الاحتلال إلى ساحة المخيم الرئيسية ودمرت 5 محلات تجارية هناك.

لمدة 4 ساعات، استمرت عملية الاحتلال في مخيم “نور الشمس” وبدأت عند “حارة المحجر” (الجزيرة)

الاقتحام الأعنف

وفي حديثه للجزيرة نت، وصف سامي سعيد (شاهد عيان) العملية العسكرية التي تمت فجر الثلاثاء بـ”الأعنف” بين 3 عمليات كبيرة نفذها الاحتلال في المخيم منذ بداية العام.

وتخلل الاقتحام الأخير تجريف واسع للبنية التحتية على مساحة نصف كيلومتر من الشارع الرئيسي والشوارع الفرعية، وجرى تحطيم أعمدة الإنارة، إضافة لاقتحام منازل المواطنين وترهيبهم وتفجير المحال التجارية.

وأضاف سعيد أن اشتباكات عنيفة وقعت بين المسلحين وجنود الاحتلال الذين أطلقوا الرصاص الحي بشكل عشوائي وكثيف ضد المواطنين ومنازلهم ومركباتهم، وهو ما أدى لاستشهاد الشاب عايد أبو حرب (21 عاما) وإصابة آخرين “وهم ليسوا من المقاومين المسلحين”.

والشهيد أبو حرب سُمي على اسم عمه الشهيد عايد أبو حرب الذي قتله الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى عام 2002، في أثناء دفاعه عن المخيم أيضا.

وخلال الاقتحام الإسرائيلي اليوم، أعاق الاحتلال تنقل مركبات الإسعاف في المخيم، ومنع كذلك تنقل المواطنين القادمين من مدن الضفة الغربية إلى طولكرم بعد أن جرَّف الطريق الرئيس إليها.

كسر الحاضنة وترهيبها

ومن داخل منزله الذي اقتحمه جيش الاحتلال، قال إبراهيم النمر، أحد أبرز نشطاء مخيم “نور شمس”، إن العملية كانت “مدمرة وترهيبية”، إذ عبث الجنود بالمنزل بشكل كامل وحطموا أثاثه، وأخضعوه شخصيا للتحقيق.

كل ذلك عزاه النمر -وهو والد أسير بسجون الاحتلال أيضا- إلى “الفشل الإسرائيلي في اعتقال مطلوبين أو تصفيتهم أو الوصول إليهم في أكثر من عملية استهدفتهم”، بل على العكس خرج الاحتلال اليوم مع جرافة عسكرية معطوبة بعد تفجير عبوة ناسفة بها، وفي المرات السابقة خرج بإصابة جنود بجروح مختلفة، على حد قوله.

وفي حديث للجزيرة، أوضح النمر أن حجم العملية العسكرية وضخامتها المتمثلة بشكل وآلية الاقتحام يدلل على فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، ومن ثم لجأ للضغط على أهالي المخيم لإرهابهم وتخويفهم باعتبارهم يشكلون “حاضنة قوية للمقاومين”.

وأضاف أن الاحتلال “يريد إضعاف الحاضنة الشعبية وتأليب الرأي العام على المقاومة التي تتصدى له ببسالة، وفي كل مرة يخرج بخيبة كبيرة، حيث يفشل بالوصول للمقاومين، وتتسع دائرة التأييد الشعبي لهم”.

ورأى أن المقاومة بمخيم “نور شمس” وفي غير مكان بالضفة الغربية ومخيماتها تحديدا، باتت تدرك جيدا أنه لا سبيل إلا بالتصدي للاحتلال، متابعا “المقاومون لا يرون نتائج حقيقية لأي حل سياسي ولحالة الهزيمة التي نعيشها منذ النكبة، وأن الخيار هو الانتفاض ضد المحتل رغم كل الاحتمالات”.

اقتحام متكرر يتخلله فشل ذريع باستهداف المقاومين .. ماذا يريد الاحتلال من مخيم نور شمس؟
المقاومون في مخيم “نور الشمس” يراهنون على صلابة الحاضنة الشعبية لهم بشكل كبير (الجزيرة)

صلابة المخيم

ومخيم “نور شمس” أحد مخيمين للاجئين بضواحي مدينة طولكرم وبهما اشتدت -منذ أكثر من عام- حالة المقاومة على غرار المخيمات الأخرى في الضفة كمخيمي جنين وبلاطة بنابلس، على أيدي المجموعات المسلحة المختلفة.

ويراهن المقاومون بالمخيم، الذين قضى منهم 3 شهداء منذ بداية العام الحالي، على صلابة الحاضنة الشعبية داخله بشكل كبير، إذ ينحدر جُل سكانه من منطقة حيفا قبل النكبة، ويحافظون على التواصل الاجتماعي وبقوة بينهم.

وتزامنا مع وصول وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة ومسؤولين آخرين إلى المخيم، خرج مئات المواطنين يتقدمهم المقاومون في مسيرة حاشدة لتشييع الشهيد أبو حرب الذي يُعد واحدا من 11 شهيدا قُتلوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي في محافظة طولكرم منذ بداية هذا العام.

في هذا السياق، ذكر موقع “والا” الإسرائيلي أن المقاومين في مخيم “نور شمس” يحاولون تقليد الفصائل المسلحة بمخيم جنين، والحصول على أموال لإنشاء بنية تحتية مسلحة، تتمثل في غرفة عمليات مشتركة وكاميرات وحواجز وتجهيز عبوات ناسفة، وشن عمليات ضد جيش الاحتلال والمستوطنين.

وأكد الموقع أنه -خلال عملية اليوم العسكرية بالمخيم- تم تفجير عبوات ناسفة جاهزة للاستخدام، وأن “طولكرم قريبة من السياج المحاذي للمستوطنات، لذلك فإن التهديد منها مرتفع”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.