شمال سوريا – رغم دخله اليومي المحدود يأمل العامل السوري المقيم في إدلب أسعد رحال في شراء ملابس جديدة لأطفاله الثلاثة عشية عيد الفطر، بعد أن وعدهم بألا يرتدوا ملابسهم القديمة مع حلول هذه المناسبة التي ينتظرونها بفارغ الصبر.

ويحصل رحال (31 عاما) على أجرة يومية لا تتجاوز 70 ليرة تركية (ما يعادل 5 دولارات) من خلال عمله في ورشات البناء بضواحي المدينة مثل الآلاف من أقرانه السوريين الذين يعملون بنظام المياومة في مناطق سيطرة المعارضة شمال غرب سوريا.

ويؤكد رحال للجزيرة نت أن هذا المبلغ بالكاد يكفيه لشراء الخبز والطعام لقوت يوم واحد، لافتا إلى أنه لا يعلم إن كان سوف يحصل على هذا القدر من الغذاء في اليوم التالي إن فقد عمله أو اضطر للتغيب نتيجة سبب طارئ.

ويقول رحال إن ثمن ملابس العيد لأولاده الثلاثة يبلغ نحو 400 ليرة تركية (ما يعادل 30 دولارا)، مشيرا إلى أنه يفكر باستدانة المال من أحد أقاربه كي يحقق أمنية أولاده المؤجلة منذ مدة طويلة، لكنه في حيرة من أمره لمسألة التوفيق بين إعادة الدين ومصروفه اليومي.

الأهالي في إدلب يقبلون على شراء الملابس المستعملة لرخص ثمنها (الجزيرة)

أزمات متلاحقة

ورغم الهدوء النسبي في جبهات القتال فإن منطقة شمال غرب سوريا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة تسببت في غلاء فاحش في الأسعار وضعف كبير في القدرة الشرائية للمدنيين، وعمّق الأزمة الغزو الروسي لأوكرانيا وما تبعه من فقدان المواد الأساسية وقلة الدعم القادم من المنظمات الإنسانية.

وتشهد أسواق إدلب حركة ضئيلة عشية عيد الفطر، ويقبل قلة من السكان على شراء ملابس العيد، إذ يلجأ الأغلبية منهم إلى أسواق البالة رخيصة الثمن قياسا بأسواق الملابس الجديدة التي تبلغ الضعف وأكثر.

وقال ربيع الحمود -وهو بائع ملابس مستعملة (البالة) في مدينة إدلب- إن حركة البيع في متجره مقبولة هذا العام، لكنها أقل من الأعوام السابقة، مضيفا أن الأهالي يقبلون على ملابس البالة التي تناسب دخلهم المحدود.

وأشار الحمود في حديث للجزيرة نت إلى أن أغلبية الزبائن في العيد يشترون لأولادهم كسوة العيد مع اقتراب حلول فصل الصيف، فتكون لهم فرصة لتأمين كسوة الأطفال والحصول على ملابس العيد.

2 - سوريا - ريف إدلب - لا تبدو أي مظاهر على قدوم العيد في مخيم التح بريف إدلب - عمر يوسف
لا تبدو أي مظاهر على قدوم العيد في مخيم التح بريف إدلب (الجزيرة)

غياب مظاهر العيد

وغير بعيد عن مدينة إدلب يستقبل النازحون في مخيم التح عيد الفطر شأنه شأن باقي أيام السنة، فلا تبدو أي مظاهر لقدومه في المخيم الذي يؤوي أكثر من 300 عائلة نزحت قبل 6 سنوات من منازلها ولم ترجع إليها حتى اللحظة.

قلة من سكان المخيم يحضّرون على استحياء بعض الكعك من المواد الغذائية التي حصلوا عليها ضمن المساعدات الإنسانية، لكن الملابس الجديدة في يوم العيد لم تعد في حسبانهم.

وتقول النازحة الأرملة سعاد الحسين إن أولادها الخمسة لم يشتروا الملابس منذ وفاة أبيهم في القصف على بلدتهم قبل 3 سنوات، وكل ما يلبسونه هو من أعطيات المحسنين أو ما تقدمه الجمعيات الإنسانية من ملابس مستعملة.

3- سوريا - مدينة إدلب - غلاء الأسعار حرم العديد من الأطفال من شراء الملابس الجديدة- عمر يوسف
غلاء الأسعار حرم العديد من الأطفال من شراء الملابس الجديدة (الجزيرة)

وتضيف الحسين وهي تغالب البكاء أن قدوم العيد يذكرهم بمأساتهم وعجزهم ويقلّب عليهم المواجع والذكريات ويعيدهم إلى أيام الأعياد السابقة التي قضوها بين الأهل والأقارب والأصدقاء في بلدتهم بريف حماة.

بدوره، لفت مدير مخيم التح عبد السلام اليوسف إلى أن الناس في المخيم بحالة فقر مدقع، ولا يمكنهم شراء الملابس الجديدة للعيد أو تحضير الكعك، وتقتصر مظاهر العيد على الصلاة وتبادل الزيارات بين سكانه.

وقال اليوسف للجزيرة نت إن الأهالي توقعوا أن المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية سوف تقدم لهم مساعدات خلال شهر رمضان، لكن الشهر شارف على نهايته ولم يحصلوا على أي مساعدات غذائية أو ملابس.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.