مجموعات العمل في الوسط الفني ليست حديثة عهد، لكن سيطرة شركة إنتاج واحدة على الدراما حرمت الفنانين من التمثيل.

القاهرة- في الوقت الذي يعاني فيه بعض الممثلين من “التخمة” بسبب تعدد أعمالهم السينمائية والدرامية، هناك آخرون انحسرت عنهم أضواء الشهرة وتواروا خلف سحب النسيان وبعضهم لم يعد يجد ما ينفق به على بيته وأبنائه، وآخرون لا يجدون ثمن العلاج رغم أن شهرتهم كانت تملأ الآفاق.

قصص مؤلمة

الأيام القليلة الماضية ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بقصص وحكايات مؤلمة لبعض الممثلين، الذين تحدثوا عن مآسيهم مع العوز والمرض وضيق الحال وسيطرة الشللية على الوسط الفني.

ومن بين هؤلاء الفنان سمير صبري -الذي قال في مداخلة هاتفية مع الإعلامية بسمة وهبة عبر برنامج “90 دقيقة” على فضائية المحور- إنه لم يعد يمتلك ما ينفق به على علاجه، وإنه باع كل ما يملك -على حد قوله- على نفقات علاجه.

الشكوى من ضيق الحال والعوز وضيق ذات اليد وضياع المال والصحة وفقدان بريق الشهرة والضجر من الجحود و”الشللية” التي تسيطر على الوسط الفني، لم تكن من نصيب كبار السن فقط، ففي نفس الأسبوع الذي ناشدت فيه نجوى فؤاد الوسط الفني بإيجاد أي دور لها لكي تجد ما تنفق به على نفسها، خرجت صرخات أكثر حزنا وألما من جيل الشباب.

فقد أعلن الفنان الشاب شريف إدريس اعتزاله التمثيل نهائيا، بسبب سيطرة المحسوبية على الوسط الفني وطلب من محبيه وأصدقائه أن يساعدوه في البحث عن فرصة سفر للخارج، وكتب عبر صفحته على فيسبوك “بعد 35 سنة سعي وتعب في الوسط الفني قررت الاعتزال والابتعاد تماما وتغيير مسار حياتي”.

وأضاف إدريس أنه وصل لمرحلة اكتئاب “حتى أنني أحلم بكابوس أني أقتل أولادي وأقتل نفسي، وأي حد عنده فرصة سفر لي سأكون شاكرا له وهذا هو طلبي الوحيد (…) وهذا قرار اتخذته بعدما وصلت الأمور في الوسط الفني لمرحله عبثية، حتى أن بعض الزملاء يتسولون العمل بصورة علنية لأن الشغل يتم تقسيمه على أشخاص بعينهم، فلو الأمور وصلت إلى هذا الحد، فالأفضل أن ابتعد”. وأضاف أن لديه 3 أطفال وهو “غير قادر على تربيتهم ولا الإنفاق عليهم، وأصبحت مديونا لطوب الأرض”.

 

فنان يحول سيارته لمشروع قهوة

وسبق إدريس بأيام قليلة الفنان الشاب كريم الحسيني الذي حول سيارته الخاصة إلى مشروع للقهوة والمشروبات الساخنة، وقال الحسيني إنه اضطر لهذا لأنه لم يتم عرض أي دور عليه في مسلسلات رمضان، وأضاف في فيديو له انتشر على مواقع التواصل أن العمل ليس عيبا، وأنه فعل ذلك حتى يجد ما ينفق به على بيته وحتى لا يضطر إلى قبول أدوار هو لا يرضى عنها.

وكان حساب مزيف على موقع فيسبوك ويحمل اسم الممثلة ياسمين صبري قد نشر ما يفيد بتعرض الفنان توفيق عبد الحميد “من جيل الوسط” إلى ضائقة مالية بسبب عدم إسناد أي دور له منذ 12 عاما، وقال المنشور إنه سيحول سيارته إلى تاكسي من أجل أن يوفر نفقات بيته، وهو ما نفاه عبد الحميد في مداخلة مع الإعلامي سيد علي عبر برنامجه “حضرة المواطن” قائلا إنه فكر بهذا الأمر في التسعينيات، مؤكدا أن أموره المالية حاليا مستقرة، ولفت إلى أنه لم يشارك في أي عمل منذ 2010 لأنه يريد أدوارا متنوعة.

 

ويبدو أن تلك الشائعات ونفيها كان لها دور في عودة عبد الحميد مرة أخرى إلى الشاشة حيث سيشارك لأول مرة منذ 12 عاما في بطولة مسلسل “يوتيرن” والذي سيعرض في شهر رمضان.

أزمة مها أحمد والسقا

كما كشفت الممثلة مها أحمد عن عدم إسناد أية أدوار لها خلال السنوات الماضية، ووجهت انتقادات حادة ولاذعة لزميليها أحمد السقا وأمير كرارة بسبب عدم مساعدتها في الالتحاق بأي عمل موسم رمضان بعد أن أجرت عملية جراحية من أجل إنقاص الوزن، وانتقدت في منشور لها عبر صفحتها على فيسبوك -حذفته في وقت لاحق- دورهما في مسلسل “نسل الأغراب” الذي عرض العام الماضي، واتهمتهما بأنهما قبلا بهذا العمل “الغريب” من أجل مي عمر لأنها زوجة المخرج محمد سامي الذي كان من أهل الحظوة لدى الشركة المتحدة “سينرجي” -المسيطرة على الإنتاج الدرامي- قبل أن يتم إيقاف التعامل معه العام الماضي.

هل عمقت “المتحدة” ثقافة “الشللية”؟

مجموعات العمل بالوسط الفني ليست حديثة عهد وهي موجودة منذ عشرات السنوات، فالكاتب والسيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ كان لديهما مجموعة من الفنانين الذين ينسجمون معهم، وعلى رأسهم يحيى الفخراني، وظهر ذلك جليا في عدة أعمال درامية منها المسلسل الشهير “ليالي الحلمية” بجميع أجزائه، ومسلسلات “زيزينيا” و”أوبرا عايدة”. وكذلك مجموعة عادل إمام التي ظهرت في غالبية أفلامه ومنهم الممثلون أحمد راتب ومصطفى متولي ويسرا ولبلبة.

ولكن قديما كان هناك عدد كبير من شركات الإنتاج، وهو ما حقق تنوعا، وأعطى فرصة كبيرة لمشاركة أغلب الممثلين بأعمال درامية، وكانت الشكوى من عدم العمل في الوسط الفني قليلة للغاية.

ومع ظهور الشركة المتحدة “سينرجي” المملوكة لتامر مرسي، والمحسوبة على الأجهزة السيادية وسيطرتها على إنتاج المسلسلات، تعمقت فكرة الشللية. فالشركة تميل للتعامل مع عدد من النجوم الذين يحظون بثقة وحب الأجهزة الرسمية، وفي مقدمتهم أحمد السقا وأحمد عز وأمير كرارة وكريم عبد العزيز ومصطفى شعبان وأحمد العوضي وغيرهم.

وهؤلاء ومعهم بعض المخرجين الذين تتعامل معهم “سينرجي” بشكل دائم مثل محمد سامي قبل قرار وقف التعامل معه العام الماضي، وبيتر ميمي، يفضلون مجموعة معينة من الممثلين يظهرون معهم بشكل دائم في مسلسلاتهم، وهو ما تسبب في حالة من “البطالة” لدى عدد من الذين لا ينتمون لهذه المجموعة. يشار إلى أنه من بين 24 مسلسلا سيتم عرضها في رمضان هذا العام تنفرد الشركة المتحدة بإنتاج 14 مسلسلا.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.