أمزميزـ تقترب الشمس من المغيب وراء الجبال، بينما تجتمع نسوة تحت خيمة نُصبت للتو من قبل السلطات المحلية في دوار “أردامن- جماعة وزكيتة” بإقليم الحوز، يتبادلن حديثا هامسا تقطعه أصوات لهو الأطفال قرب مؤن غذائية.

السيدة حنان واحدة من النساء داخل الخيمة، قالت “بعد الزلزال، لم نجد مأوى غير جنبات الوادي، واجهنا البرد والخوف من لسعات العقارب لـ4 ليال متتالية، قبل أن نصل أخيرا إلى 7 خيمات، يقتسمها الجيران بعزل النساء عن الرجال، إلى أن تصل خيمات أخرى”.

وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت السيدة التي لم تفارقها الصدمة “لم يصب أحد منا بأذى، لكن لا نستطيع الولوج إلى منازلنا، بسبب الخوف من سقوطها نتيجة الهزات الارتدادية”.

وضرب زلزال الجمعة الماضي مدنا كبرى في المغرب مثل مراكش، وأغادير وتارودانت (وسط)، وكذلك العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس، وقد تفاوتت فيها الأضرار.

وحسب أحدث بيانات للداخلية المغربية، فقد أدى الزلزال إلى 2946 حالة وفاة و5674 إصابة، إضافة إلى دمار كبير.

مخيم

من يمر الطريق بين منطقة “ويركان” ومدينة “أمزميز” بإقليم الحوز الواقع بضواحي مراكش، تظهر له خيمات متناثرة في أعالي الجبال وسفوح الوديان، وهو ما يظهر الجهود الكبيرة والعاجلة لإيواء عدد من السكان، كما يقول محمد بن مبارك رئيس جمعية محلية بدوار “تكونامان” جماعة وزكيتة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال بن مبارك “فوجئنا بالحجم الكبير للمساعدات الغذائية التي تظهر كرم المغاربة، لكن بالنسبة للإيواء فإن أكثر من يعاني الآن هم الحوامل والنفساوات والمواليد الجدد، وقد بادرنا إلى بناء خيام بمواد محلية، ووصلتنا 10 خيام من السلطات والمتبرعين، في حين نحتاج إلى عدد مماثل”.

على جنبات الطريق، في منطقة “تحناوت” عاصمة إقليم الحوز، يتوزع السكان المتضررون بين خيام حقيقية وأخرى بدائية، نفس الأمر لاحظناه في عدد من الدواوير المتضررة، فيما تحولت ساحة رئيسية بمدينة أمزميز إلى ما يشبه المخيم، بعد نصب عشرات الخيام.

وفيما يجتمع رجال وشبان دون عمل على جنبات المخيم، قال محمد الساعد وهو تاجر من أمزميز “لا نستطيع العودة إلى المنازل، أحياء كاملة بالمدينة مهددة بالانهيار، ندبر أمرنا بالموجود في هذا المخيم الذي لم نشاهد مثله إلا في شاشات التلفاز، لكنه بات الآن جزءا من حياتنا”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الساعد “الغذاء متوفر والحمد لله، لكن لا نستطيع كسب قوتنا وتوفير دراهم لقضاء باقي أغراضنا”.

الخيام البلاستيكية كانت الحل المؤقت لإيواء المتضررين من الزلزال في منطقة “أكومان جماعة وزكيتة” بإقليم الحوز (الجزيرة)

مواصلة الجهود

ويواصل المغرب، بدعم من الشركاء الدوليين، تقديم المساعدات لإيواء المتضررين. ويقول محمد النص، المدير الجهوي بمنظمة الهلال الأحمر المغربي بجهة “مراكش ـ آسفي” (إحدى الجهات الـ12 بالمملكة)، إن الجهود كبيرة في هذا الصدد، وتقودها وزارة الداخلية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن بتنسيق مع الهلال الأحمر وبدعم من الشركاء الدوليين، وإن خياما بأعداد كبيرة أرسلت إلى الجهات المتضررة، وأخرى في الطريق إليها.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح النص أن منظمة الهلال الأحمر كان لديها مخزون مهم من الخيام مخصص للكوارث، وهي تستجيب للمعايير الوطنية والدولية.

وتكتظ الطريق المؤدية إلى المناطق المنكوبة بالشاحنات المحملة بالمساعدات، وتُستخدم المروحيات للوصول إلى المناطق المعزولة. وكانت القوات المسلحة الملكية والوقاية المدنية أول المبادرين إلى نصب الخيام، وتوزيعها على المتضررين.

ويقول المغربي رشيد لبحر من منطقة “إكودار” بين مراكش وأمزميز، للجزيرة نت “الخيام التي وصلتنا كافية، وبجودة عالية، لكن ماذا بعد؟ الكل مهموم بذلك”.

منظر من خارج الخيام بجماعة وزكيتة
الخيام تنتشر بين سفوح جبال منطقة “وزكيتة” وسط نداءات لإيجاد حلول سريعة لمتضرري الزلزال (الجزيرة)

ارتفاع التكلفة

على مقربة من ساحة جامع الفنا بطريق الرميلة، يواصل صانع خيام عمله في ورشة خياطة دون كلل وملل لساعات لتوفير طلبات لا تتوقف، مثله مثل عدد من المهنيين الذين تحولوا إلى السلعة الأكثر طلبا بعد الزلزال.

وغير بعيد، يقف الشاب سفيان المساعدي ينتظر تجهيز طلباته لإرفاقها بالمساعدات التي تقدم للمتضررين. وهو الذي ينتمي إلى جمعية “إبداعات” التي تقودها أطر تربوية، ويقول “تواجهنا صعوبات في توفير الخيام، بعدما تضاعف ثمنها من 1700 درهم إلى حوالي 3700 درهم”.

ويضيف للجزيرة نت أن التجار يبررون ذلك بارتفاع كلفة الإنتاج ونقص المواد الأولية من أقمشة مناسبة، مما اضطرهم إلى استعمال أقمشة أخرى مستوردة وأغلى ثمنا.

فيما يقول محمد خالدي، وهو أيضا ناشط مدني، “نتواصل مع جمعيات دولية مستعدة لتوفير خيام ذات جودة عالية، لكن نحتاج إلى التنسيق مع السلطة المحلية لتسريع العملية”.

منظر من داخل الخيام بدوار أكودار ضواحي أمزميز
الهلال الأحمر المغربي وفّر الخيام لمتضرري الزلزال من مخزونه المخصص للكوارث (الجزيرة)

مبادرات إبداعية

وغير بعيد عن المنطقة، ينهمك شباب في بناء خيمة بمواد محلية، يشكل القصب والبلاستيك والخشب موادها الأساسية، في ظل نقص الخيام بمنطقة “أكونيت” قرب أمزميز.

فمن جهته، قال إسماعيل المحمدي، أحد الشبان المتطوعين، للجزيرة نت “جربنا هذا النوع من الخيام لليلتين، يساعدنا في ذلك أحد المهنيين، ويبدو أنه يفي بالغرض في انتظار الأفضل”.

لكن الشاب المبادر يطرح مشكلة أخرى قد تواجه السكان في معظم المناطق خاصة المكتظة منها، تتعلق بدورات المياه.

وفي سياق متصل، يقود عبد الله أكريم، وهو مستثمر مغربي، مبادرة لتوفير بيوت مجهزة بدورات المياه، ويقول للجزيرة نت “بعد إطلاق النداء، تلقينا طلبات كثيرة للمساعدة، نوفر الأيادي العاملة فيما يوفر المتبرعون المواد الأولية لصنع هذه المساكن التي يمكن إيصالها الكهرباء”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.