“نعم للعائلة الطبيعية، لا للوبي مجتمع الميم وأيديولوجيا الجندر. نعم للحدود الآمنة وثقافة الحياة، ولا للهجرة الجماعية والعنف الإسلامي. تحيا إيطاليا، وتحيا أوروبا للوطنيين”

هكذا هتفت “جورجا ميلوني”، رئيسة حزب “إخوان إيطاليا” اليميني والمرأة الأكثر إثارة للجدل في البلاد الآن، في يونيو/حزيران 2022. واليوم، بات “ميلوني” ربما على بعد خطوات قليلة من أن تصبح أول رئيسة وزراء في تاريخ إيطاليا، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تصدر مرتقب لحزبها في الانتخابات المزمع إقامتها غدا 25 سبتمبر/أيلول، بحوالي 26%، كما تشير إلى أن شعبية حزبها وصلت إلى أوجها في الشهرين الأخيرين، في حين تقلصت شعبية أقرب منافسيه، الحزب الديمقراطي المنتمي إلى يسار الوسط.

لطالما كانت تصريحات “ميلوني” وخطاباتها مثيرة للجدل. ففي وقت سابق، دعت السياسية البالغة من العمر 45 عاما إلى إنشاء حاجز بحري يمنع المهاجرين الأفارقة من القدوم إلى بلادها، في حين أكدت أن إيطاليا لو احتاجت إلى مهاجرين فأولى بها أن تأخذهم من فنزويلا لأنهم مسيحيون وبعضهم ذوو أصول إيطالية. وتدخل السياسيّة الإيطالية حاليا على رأس حزبها للانتخابات في إطار تحالف يميني ثلاثي يضم حزب الرابطة “ليغا نورد” بزعامة “ماتيو سالفيني”، وحزب “فورزا إيطاليا” بزعامة الملياردير العجوز “سيلفيو برلسكوني” (85 عاما)، ورغم الاختلاف بين الثلاثة في بعض الأمور التفصيلية، فإن موقفهم الحاسم من الهجرة يُعَد واحدا من أهم القضايا التي تجمعهم اليوم.

“جورجا ميلوني” رئيسة حزب “إخوان إيطاليا” اليميني (رويترز)

شغل “سالفيني” منصبَي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية بين يونيو/حزيران 2018 وسبتمبر/أيلول 2019 في حكومة ائتلافية مع حركة النجوم الخمسة. وقد أثبت منذ منتصف العقد الماضي وحتى الآن أنه ليس فقاعة سياسية كما تصوَّر كثيرون في بداية صعوده الكبيرعام 2014، فقد استطاع الرجل الذي بدأ مساره السياسي وعمره 17 عاما فقط أن يحافظ على مكانة مميزة داخل صفوف اليمين الإيطالي، مستعينا بأساليب التسويق ومُستخدما التقنيات التكنولوجية الحديثة في جذب الجماهير، وإن كان قد فقد جزءا من شعبيته مؤخرا لصالح المرأة الصاعدة بسرعة الصاروخ “جورجا ميلوني”، التي يتحالف معها في هذه الانتخابات.

يُعرف المسلمون في إيطاليا “سالفيني” معرفة جيدة، فهو الرجل الذي وعد في انتخابات 2018 بترحيل نصف مليون مهاجر غير شرعي، كما قرر إيقاف السماح ببناء مساجد جديدة حين أصبح وزيرا، وحين وقعت مذبحة المسجدين في نيوزلندا عام 2019 علَّق قائلا بأن التطرف الوحيد الذي ينبغي التنبه له هو التطرف الإسلامي. ومن ذكريات “سالفيني” المهمة التي ينساها حتى بعض معارضيه الآن أن تصريحاته الاستقطابية عام 2009 (قبل موجات المهاجرين المكثفة) لم تطل المسلمين والأجانب فحسب، بل والإيطاليين الجنوبيين كذلك، فقد دعا الرجل حينها إلى تخصيص مقاعد خاصة في مواصلات مدينة ميلان الشمالية لسكان المدينة الأصليين، علما بأن أصول حزب “ليغا نورد” الذي يتزعّمه “سالفيني” تعود بجذورها إلى فكرة انفصالية قائمة على المطالبة بانفصال الشمال الإيطالي الغني عن جنوب إيطاليا الفقير.

من جهة أخرى، دعم “سالفيني” بشار الأسد وقت اتهامه باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، حيث رأى أن الأسد رغم عيوبه أفضل من معارضيه من خصومه “المتطرفين المسلمين”، كما أعلن أنه سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وينقل السفارة من تل أبيب في حال فوزه بانتخابات 2022. علاوة على ذلك، ذكر “سالفيني” الإسلام في سياق سلبي أكثر من مرة، وقال إنه لا يتماشى مع القيم الإيطالية، وأمر بتشديد الرقابة على مراكز تجمُّع الجالية المسلمة في البلاد أثناء وجوده في السلطة إثر مشاجرة بين رجلين مُشرَّدَين في منطقة “تيرميني” قَتل فيها مسلم شخصا مسيحيا وردَّد عبارات طائفية، رغم أن سكان روما يعرفون بأن منطقة تيرميني مأوى العصابات والمشردين في الساعات الأخيرة من الليل، فلم تكن ثمّة علاقة بين الحادثة والثقافة أو الجالية الإسلامية.

Italian center-right coalition closes the electoral campaign in Rome- - ROME, ITALY, SEPTEMBER 22: Lega Nord's leader Matteo Salvini speaks during a joint rally of the center-right coalition, in Rome, Italy, on September 22, 2022, ahead of political elections scheduled on September 25.
“ماتيو سالفيني” زعيم حزب “الرابطة” (Anadolu)

ومن “سالفيني” ننتقل إلى آخر أطراف التحالف، وهو “سيلفيو برلسكوني”، العجوز المخضرم الذي لم يعد قادرا على الظهور في الفعاليات الكبرى، فاكتفى بمقاطع قناته الجديدة على “تيكتوك”، إذ تفاخر في أحد المقاطع بأنه لم يبقَ في إيطاليا سوى 4 آلاف مهاجر عام 2010 أثناء رئاسته للحكومة. ويعتبر “بيرلسكوني” قضية المهاجرين غير القانونيين قنبلة موقوتة في إيطاليا، ووضع تصورا لحل أزمة الهجرة يرتكز إلى منع انتشار عمليات الإنزال، والتعاون مع دول شمال إفريقيا لإيقاف عملية الهجرة من بدايتها.

وقد صرَّح “برلسكوني” عام 2018 بأن “إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، بعد رفض طلبات لجوئهم، يجب أن تكون قطعية”، والجديد الذي يؤكد عليه الآن هو تقسيم المهاجرين على الدول الأوروبية بحيث لا تتحمل إيطاليا العبء وحدها. ورغم أن تصريحات “برلسكوني” عموما تتصف بالهدوء والوسطية مقارنة بحليفيه، حيث طمأن الجالية الإسلامية عام 2018 بأنه في حال عودته إلى السلطة لن يغلق المساجد والمراكز الإسلامية، فإن له تصريحا شهيرا عام 2001 قال فيه إن الحضارة الأوروبية متفوقة على الإسلام، وهو تصريح عدل عنه وقتها وصرَّح بأنه أُسيء فهمه.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.