تأتي الحرب على حين غِرَّة، لا تستأذننا لنستعد، ولا تُمهلنا لنودع الحياة فينا أو في أحبتنا، وإن حظينا بالحياة بعدها فإن جرحها فينا لا يندمل أبدا، ورغم ما يتأجج فينا من أسئلة حول أسبابها وظروفها وإمكانية النجاة منها أو حتى منعها، يظل الجميع عالقين على شفا جرف الألم، ينتظرون دورهم لتحل بهم النكبة أو لتُكتب لهم النجاة، أدركوا ذلك أم لم يدركوا.

 

في سياق تُقدَّم فيه الحرب أرقاما وإحصائيات وعمليات عسكرية ومفاوضات سياسية، نجح “ميدان” في الوصول إلى عمق ساحة الحرب التي تشتعل الآن ملتهمة بقعة جديدة من هذه الأرض، في أوكرانيا تحديدا، فجمعنا شهادات شاركها أفراد وعائلات أوكرانية أرادوا أن نرى القصة بعين الإنسانية وحدها، بعيدا عن الأرقام الباردة.

 

حين دقت ساعة الحرب

يقول مَن عايشوا الحرب إنهم علموا ببدايتها عندما تلقوا اتصالا تحذيريا من العائلة أو الأصدقاء، أو عندما شاهدوا الصواريخ تُحلِّق فوق رؤوسهم. هذا هو ما حدث مع “أناستازيا بوش” (Anastasia Bohush) التي تلقَّت اتصالا من والدتها الساعة السادسة صباح الرابع والعشرين من فبراير/شباط الماضي تُنذرها بوقوع الحرب، وتطلب منها مغادرة العاصمة فورا، تُضيف أناستازيا: “ظننت أنها تبالغ في خوفها، فقد طلبت مني حزم أمتعتي والانتقال للعيش معها، لأنني كنت أعيش بمفردي شمال العاصمة وهم يعيشون في جنوب البلاد، لا أحد من أصدقائي، ولا حتى أنا، ونحن من أعمار وخبرات مختلفة، كان يعتقد أن حربا بهذه الضخامة يمكن أن تحدث، لقد بدا الأمر كما لو أن الكوكب هوجم من قِبَل الكائنات الفضائية، لقد تسبَّبت الشائعات الإعلامية ببعض التوتر، لكن بالنسبة لي مارست حياتي بشكل طبيعي، حتى بداية الحرب”.

 

بعد مرور خمس ساعات، وعلى بُعد 40 كم من أناستازيا، وتحديدا في مدينة “إربين” (Irpin) شمال البلاد، تلقَّت “ساشا” (Sasha) اتصالا من والدتها للسبب نفسه، “لقد بدأ الأمر بمكالمة من أمي، لم أهتم ولم أرد، لكنها عاودت الاتصال فأجبت على الهاتف، فردت: “أشرقت الشمس، استيقظي لقد بدأت الحرب”، شعرت بالصدمة ولم أعرف ماذا أفعل أو إلى أين أهرب، سمعت الانفجارات، كانت بعيدة لكنها مرعبة، فأنا لم أتصور يوما أن شيئا كهذا قد يحدث في بلدي وفي مدينتي”.

 

في وقت مقارب، لكن في مدينة “زاباروجيا” (Zaporizhzhia) جنوب شرقيّ البلاد، أسرع أحد العاملين في الخدمة المدنية بالاتصال بـ “آنا” (Anna Eremenko) ليُحذِّرها من أن هجوما واسع النطاق قد بدأ، عن تلك اللحظة تقول: “أدركت حينها أن الحرب قد بدأت”، وفي مكان آخر في المدينة نفسها تلقَّت “أوليسيا” (Olesia Lapikova) اتصالا من والديها يخبرانها ببدء الحرب، لكن الوضع كان مختلفا بالنسبة لـ “ألكساندرا” (Oleksandra Hlizhynska) في “كييف”، و”يانا” (Yana Tvereza) في مدينة “فولنوفاخا” (Volnovakha) في الشرق، فلم تخبرهما الهواتف بالأمر، تقول “يانا”: “استيقظت الساعة الرابعة من صباح الرابع والعشرين من فبراير/شباط على صوت جلجلة أحدثتها ما عرفنا فيما بعد أنها صواريخ “غراد” (Grad)، نحن أشخاص نعيش على خط المواجهة، ولدينا القدرة على تمييز مكان واتجاه هذه الصواريخ”، أما “ألكساندرا” فقد كانت تُقيم في أحد الفنادق لمشاركتها في تدريب تخصصي في علم النفس، تقول: “كنا ندرس قيمة الذات البشرية، وكيفية الدفاع عن الحدود الشخصية، وكيفية بناء العلاقات بين البشر، وفي صباح الرابع والعشرين من فبراير/شباط سمعت صوت جلجلة قوية، لقد كان صوت صاروخ روسي سقط بالقُرب من محطة الطاقة “Trypillya CHP” في “كييف”، على مقربة من الفندق الذي كنا فيه، ثم سمعت صوت غارة أخرى، فأدركت حينها أن الحرب قد بدأت”.

A family reacts after fleeing from Ukraine to Romania, following Russia's invasion of Ukraine, at the border crossing in Siret, Romania, March 21, 2022. REUTERS/Clodagh Kilcoyne

شاركتنا “ألكساندرا” أيضا قصة نُشرت على موقع “المجتمع النشط” (Активна Громада) عن الشاب “أندري” (Andriy) الذي كان يجلس في أحد المقاهي في مدينة “خاركيف” (Kharkiv) عند سقوط أول صاروخ على المدينة بجانب المبنى الذي كان يوجد فيه، فتحطمت كل النوافذ وسقط الجميع على الأرض ثم هربوا إلى أحد الممرات وجلسوا فيها، يستذكر ما حدث فيقول: “ضربة جوية، ظلام، لم أستطع التنفس، نظرت على بُعد 20 مترا فوجدت حفرة اخترقت ستة طوابق”.

 

كانت الإنذارات الهاتفية وأصوات الحرب نقطة البدء لخوض تجربة أقسى من أن يستوعب سكان أوكرانيا حدوثها، ولكلٍّ من هؤلاء الأشخاص قصة مختلفة بدأت بعد ذلك الاتصال أو الصوت، تقول “أناستازيا بوش”: “بدأت بقراءة الأخبار ولم ينشر الكثير، لم أندهش فقد كانت الساعة السادسة صباحا وقد بدأت القوات الروسية هجومها في ساعات مبكرة، اعتقدت أن ما يحدث هو فقط على الحدود أو شرقي أوكرانيا، وبينما كنت أُعِدُّ حقيبتي للمغادرة تلقيت مكالمة من صديقة لي يعمل زوجها في الخدمات الخاصة وأخبرتني أن عليَّ المغادرة نحو منزل عائلتي بأسرع وقت، بالرغم من أن كليهما لم يكترثا لما نشرته الأخبار في اليوم السابق، في تلك اللحظة أدركت أن عليَّ الهروب بسرعة”.

 

بالنسبة إلى “يانا”، لم تكن تلك تجربتها الأولى مع الحرب، ومع ذلك، فإنها لم ترد أن تُصدِّق أن ذلك يتكرر مرة أخرى. تنحدر “يانا” من مدينة “دونيتسك” (Donetsk) التي عانت من الصراع عام 2014، وقد انتقلت حديثا للعيش في “فولنوفاخا”، تضيف: “العقل يفهم ما يحدث، لكن القلب يرفض تصديق ذلك، أن نخسر كل شيء مرة أخرى وللمرة الثانية. مع سماع أصوات الضربات، حملت طفلي النائم وركضت إلى الحمام، أخبرني حينها أنه ليس خائفا، لكنني رأيت الخوف في عينيه، أدركت أن النوافذ يمكن أن تنفجر مُخلِّفة ضررا كبيرا، قد يحدث هذا ولن أجد وسيلة للهروب، لذا خرجت مسرعة إلى السيارة، واتصلت بوالدتي وأخبرتها أنني سآتي فورا لنقلها”.

 

أما “آنا” فقد كانت ردة فعلها الأولى هي التفكير بالهروب إلى مكان ما، قبل أن تتصل بها والدتها التي تسكن في “القرم” (Crimea) طالبة منها العودة إلى منزلهم هناك، حيث اعتقد سكانها أنها آمنة لكونها تقع تحت السيطرة الروسية. تقول: “لم أكن أفكر في فعل ذلك، فهناك روس أيضا، في أول أيام الحرب فكرت بنفسي، أردت شراء الغذاء والدواء، ثم فكرت أن عليَّ الذهاب إلى ملاجئ الحماية من القنابل النووية، بدأت بلصق النوافذ، وجمع الماء الموجود في الحمام”.

 

تستذكر “أناستازيا” (Anastasia)، شخصية ثانية بالاسم نفسه، آخر ليلة قبل حدوث الحروب، فتقول: “لقد كان نومي مساء الثالث والعشرين من فبراير/شباط آخر نومة عميقة وآمنة، عندما استيقظت أدركت أن الحياة لن تعود كما كانت، فالأخبار تُردِّد أن الحرب قد بدأت، لم أُرد أن أُصدِّق، فعقلي يرفض ذلك، وبدأنا أنا وزوجي بحزم أمتعتنا، فنحن نعيش في بيت بالإيجار، جمعنا أغراضنا في كيس قمامة أسود، وأعددنا حقائب الطوارئ ووضعنا فيها ملابس، وبناطيل، وقمصان خفيفة، وأدوية، ووثائق، وزجاجتَيْ ماء، معدات تعقيم ومشط، لدينا بعض الطعام، مَن كان يظن أن هذا كل ما ستحتاج إليه؟ الأهم من ذلك كله أن زوجي بجانبي. لكن عندما بدأ شروق الشمس بدأ شعورنا بالخوف والقلق، فقرَّرنا تفقُّد الطريق للمغادرة نحو منزل والدة زوجي، فالوضع لم يكن هادئا، وهي تعيش بمفردها”. أما “ألكساندرا” فقد بدأت بجمع أشيائها، كما فعل الجميع، لكنها للمرة الأولى في حياتها بدأت تفكر بالموت: “ظننت أنني عشت حياة جيدة، وأنني فعلت أفعالا صائبة، نعيش أنا وزوجي حياة مثالية، ومحيطي رائع، سأغادر في سن الـ 33 وقد تركت بصمة جميلة، ولأول مرة في حياتي، بدأت أودع الحياة”.

 

رحلة الهروب

“في الحرب لا يتصرف الناس كما خلقهم ربنا، يجن الخلق ويفلت الميزان. ساعتها لا يكون الشعر وحده أو الثوب مشعثا، بل يتشعث القلب”..

رضوى عاشور

يكمل المشاركون لنا حديثهم بوصف رحلة هروبهم من المدن المستهدفة إلى مدن أخرى، وبعضهم لم يكن يدرك إلى أين ستنتهي رحلته، في حين أن هناك آخرين لم تتسع لهم الحياة. عن رحلتها تخبرنا “أناستازيا بوش”: “طلبت سيارة أجرة وكانت التكلفة خمسة أضعاف السعر الاعتيادي، ولم يستجب أحد، ثم قررت أن أستقل قطار الأنفاق، وبمجرد أن خرجت إلى الشارع سمعت دوي صافرات الإنذار الجوية للتحذير من الغارات، وأدركت أن شيئا خطيرا يحدث. صافرات إنذار في كييف؟ في 2022؟ لم أجد في محطة القطارات الكثير من الأشخاص، لكن معظم الموجودين يحملون حقائبهم، وعندما وصلت إلى والدي ذهبنا إلى صيدلية فوجدنا طوابير طويلة أمام أجهزة الصراف الآلي، والصيدليات، والمحال التموينية، لقد أُصيب الناس بالهلع، فالكثير منهم يسمع أصوات الانفجارات لأول مرة في حياته، أما أنا فقد سمعتها سابقا خلال تدريب تلقيته حول خطر الألغام، لكنني لم أسمع الإنذارات الجوية في حياتي، ولم أرَ مطلقا كل هذا الرعب والخوف يواجه وطني”.

 

لاحقا، انضم إليهم في منزل عائلتها أختها وعائلتها وجدتها، ثم انضم المزيد من الأشخاص حتى وصل العدد إلى 16 شخصا، يتشاركون القبو عند سماع الانفجارات، تقول: “سمعت صوت انفجار قريب وكانت تلك أولى اللحظات المرعبة، خلال الأيام الأولى فجَّرت القوات الروسية الكثير من الأماكن وكنا نسمع أصوات الانفجارات كما لو أنها في القرية المجاورة، بيننا 3 أطفال أعمارهم أقل من 8 أعوام، وكان علينا الهروب إلى القبو معهم كلما سمعنا أصوات الانفجارات أو صافرات الإنذار، حتى أصبحوا يُفضِّلون البقاء في القبو”.

بدروم اناستازيا١ في بيت عائلتها، هذا هو مكان النوم ومن لم يتسع له المكان ينام على الكرسي
بدروم اناستازيا في بيت عائلتها، هذا هو مكان النوم ومن لم يتسع له المكان ينام على الكرسي

لم يكن القبو مجهزا لاستقبال الجميع، ولم تكن حالته تسمح بمكوث هذا العدد من الأشخاص، لكن العائلة حاولت إعداده بشكل يُلائم مهمته الحالية، فجمعوا بعض الطعام وكراسي للنوم وما يشبه الأَسِرَّة وتحوَّل إلى مكان إقامتهم، أما الرجال وبينهم زوج أخت أناستازيا ووالدها الذي يبلغ 67 عاما ويحمل مسدسا فقد كانوا يتناوبون في دوريات ليلية لحراسة الشارع وحماية عائلاتهم، تقول: “لقد كانوا يُمثِّلون قوات الدفاع الخاصة بنا، فكنا نطهو لهم الطعام”.

 

بعد أيام، انضم إليهم أخوها وزوجته الحامل وطفله ذو الأعوام الثلاثة، ورغم عدم اقتراب موعد ولادة الزوجة فإن الخوف قرَّر موعدا أقرب، فأنجبت طفلها قبل 3 أسابيع من الموعد المحدد، عما قبل الولادة تقول “أناستازيا بوش”: “لحُسن حظها فقد تمكَّن صديقهم من نقلها إلى المستشفى الذي كان بالقُرب من مكان قُصِفَ قبل ثلاثة أيام من ولادتها، لقد أعجبتني شجاعتها، لكن قلبي انفطر لرؤيتها بيننا تحمل جنينا في أحشائها ولا نضمن قدرتنا على نقلها للمشفى إذا حدثت الولادة، لقد كانت أكثر حظا من تلك السيدة في المستشفى الذي استهدفته الطائرات الروسية في التاسع من مارس/آذار”.

أنساتازيا تمسك بيد ابن أخيها لطمأنته لينام
أنساتازيا تمسك بيد ابن أخيها لطمأنته لينام

لكن المكان ازداد خطورة، فقرَّرت “أناستازيا بوش” المغادرة مع أختها وأولاد أختها إلى غرب أوكرانيا، وقد كانت رحلة جنونية بحسب وصفها: “صُدمنا بما رأينا في طريقنا، فهناك إشارات وجود ألغام وفخاخ دبابات ونقاط تفتيش، هل هذه “كييف”؟ وعندما وصلنا إلى محطة القطار كنا خائفين من وجودنا فيها، فقبل أيام قليلة سقطت مجموعة من الصواريخ بالقُرب منها، وبعد ساعات من الانتظار الخطر أقلّنا قطار الإخلاء”، الذي اكتظ بعدد يفوق طاقته وانطلق في رحلة استمرت 15 ساعة داخل الظلام، حتى وصلنا إلى مكان آمن، تقول: “وصلناه بأجسادنا لكننا نفسيا ما زلنا في منطقة الحرب”.

 

ساعدهم أحد الأقرباء في توفير شقة كانت شاغرة، لكن الحياة فيها كانت شبه مستحيلة في غياب التدفئة، فدرجة الحرارة صفر والمياه متجمدة والرطوبة تملأ المكان، تقول: “نمنا جميعا على سرير واحد، ولصعوبة الوضع فكَّرنا في الذهاب إلى سلوفاكيا، وسألت صديقتي ما إن كان بإمكانها مساعدتنا لإيجاد مكان للسكن، لكنها قالت إن جميع الأماكن محجوزة، وبعد أسبوع في هذه الشقة، تمكنَّا من العثور على شقة أخرى، لكننا نفكر في مغادرة البلاد كلها”.

 

في رحلة مشابهة داخل “كييف”، انطلقت “أناستازيا” (البطلة الثانية صاحبة الاسم نفسه) مع زوجها للهروب من العاصمة الأوكرانية، لكن الازدحام المروري كان خانقا، فالجميع يحاول المغادرة، تقول: “شاهدت من النافذة بعض الأشخاص الذين كانوا يمشون بين السيارات مع حقائبهم آملين أن يعرض عليهم أحد المساعدة ويقلهم حيث يريدون، بينما هرب الناس في المنازل المجاورة إلى الملاجئ وبدؤوا يستعدون للجلوس فيها بجلب المياه وإعداد الإضاءة، لهذا كان النظر من النافذة مخيفا، ولم تعمل وسائل النقل، وتحوَّلت محطة القطار القريبة إلى ملجأ للحماية من القنابل النووية، لم يكن هناك شيء يمكن فعله”، ثم بدؤوا بالبحث عن سيارة أجرة لكن دون جدوى، ولعدم توفر الأوراق النقدية لديهم فقد انضموا إلى طوابير طويلة أمام أجهزة الصرافة الآلية، يتملَّكهم الخوف من عدم احتواء الأجهزة على ما يكفي من النقود لتلبية حاجات الجميع.

People queue at an ATM after Russian President Vladimir Putin authorized a military operation in eastern Ukraine, in Kyiv, Ukraine February 24, 2022. REUTERS/Valentyn Ogirenko
أشخاص يصطفون في طابور عند ماكينة الصراف الآلي

بينما كانوا ينتظرون دورهم، تقول “أناستازيا”: “مرَّ صاروخ ضخم من فوق رؤوسنا، ثم مرَّ آخر فأدركت حينها أن عليَّ أن أهرب بعيدا، فقرَّرنا البحث عن سيارة أجرة مرة أخرى، ثم ذهبنا إلى ملجأ القطار ونحن نحمل ما أعددنا ليلا من حقائب طوارئ، يمسك زوجي بيدي، هربنا مسرعين نحو محطة قطارات الأنفاق”. وهناك في المحطة كان المشهد أقرب إلى فيلم رعب كما وصفت، فالمكان مكتظ بالناس، البعض يجلس على الأرض، وبعضهم مُمدد على ألواح كرتون، البعض أحضر وسائد أريكة في منزله، وآخرون أحضروا حيواناتهم الأليفة، تضيف: “كان من المرعب رؤية الأطفال يبكون ويريدون النوم، بعضهم ينامون على أذرع أهاليهم ويتناوب الأهل في ذلك، كان الطقس باردا جدا، أدركت أنني لن أتمكَّن من النوم في هذا الوضع”.

 

بمرور الوقت، أصبح صوت الانفجارات يقترب منهم أكثر، فقرَّروا أخذ حافلة للانتقال إلى محطة قطار الأنفاق التي تعمل، ورغم اختفاء الحافلات شاهدوا رجلا يملك سيارة كبيرة يحاول نقل الناس إلى تلك المحطة، فساعدهم على الذهاب إليها، وتمكَّنوا من الوصول إلى منزل والدة زوجها، الوضع هناك أكثر هدوءا، فبدؤوا بإحكام النوافذ، وإعداد المكان، وكلما سمعوا أصوات الإنذارات الهوائية أدوا صلواتهم داعين ألا يحدث مكروه.

 

لم يمر وقت قصير حتى بدأت الصواريخ تطير فوق المباني السكنية التي اهتزت من الانفجارات، أصبحوا يسمعون أصوات الإنذار بشكل متكرر، وبدأت الطائرات باستهداف بيوت الناس، فقرروا الذهاب إلى مدينة أخرى، لم يعرفوا إلى أين يمكنهم الذهاب، لكنهم توجهوا إلى غرب أوكرانيا، وفي محطة القطارات كان الكثير من الأشخاص بانتظار القطار الذي يمر مرة واحدة في الساعة.

LVIV, UKRAINE- MARCH 31: Panova Oksana (C) and her daughter, Milana Oksana, wait for a train at the main station to take them east to the besieged city of Kharkiv on March 31, 2022 in Lviv, Ukraine. Mrs. Oksana said she first fled the city as the current war got underway but is returning with aide and to help her relatives who never left. More than four million people have fled Ukraine since the Russian invasion of that country on February 24. Millions more have been internally displaced. (Photo by Joe Raedle/Getty Images)

تستكمل: “شاهدت أطفالا يلعبون ويضحكون، إن هذا المشهد هو الوحيد القادر على إبعاد الخوف عني، وعندما وصلنا إلى المكان الذي نريد كان مسؤول التنظيم يحاول تنظيم الناس للسماح بمرور النساء والأطفال، لكن الناس كانوا مذعورين وبدؤوا بالتدافع وبدأ الأطفال بالبكاء، لم أرَ شيئا كهذا في حياتي، شعرت أن قلبي سيتوقف، وعندما كنت داخل القطار أخبرتنا سيدة حامل تتشبَّث بها ابنتها الصغيرة أنها فوَّتت قطارين، لأن الناس لم يكترثوا لكونها حاملا، الجميع يحاول البقاء على قيد الحياة”.

 

خلال رحلة “أناستازيا” وزوجها، كانت نوافذ القطار مغلقة ومغطاة بالستائر، والإضاءة مُقفلة، وقد حصلوا على تعليمات بعدم فتح النوافذ، والانبطاح أرضا حال سماع أصوات القصف، تقول: “سأتذكر هذه الرحلة بقية حياتي، وصلنا حيث نريد ولم يكن هناك منزل لإيوائنا، فكل المنازل مكتظة بالنازحين، لم أُصلِّ في حياتي كما صليت في هذه الفترة، فقد كنت قلقة على زوجي، وعاهدت ربي أنني لن أدخن ولن أشرب الخمر، وأكثر من ذلك، ليساعدني لأجد منزلا، وحدثت المعجزة”.

 

أما عن رحلة “إيفين” (Ivan Hryhorchuk) الذي لم يكن أفضل حالا من غيره، فقد أخبرنا أنه اضطر للعيش في عدة بيوت ثم تركها في طريق هروبه، وشاهد خلال رحلته كل ما يمكن أن يطير أو يجري أو يحترق، “بالكاد استطعنا مغادرة الملجأ الذي أحاطته غارات ثقيلة، وكانت الانفجارات قريبة جدا منا، وشاهدنا مَن لم يتمكَّنوا من الهروب، فقد أُطلِقت النيران على السيارات المدنية، وتحطمت المنازل، واشتعلت النيران، لن نعود أبدا كما كنا قبل شهر”.

مشهد من القصف أثناء رحلة “إيفين”

الحياة تحت القصف

تجد “ساشا” نفسها بعد الحرب ضحية الأرق، لم تستطع النوم جيدا خلال الأسابيع الأولى، فقد كان يشغل بالها كيفية حماية نفسها وعائلتها، تقول: “لم أُشعل الإضاءة في منزلنا، نحن نعيش على مداخل المدينة ونفترض أننا سنقع في ورطة إذا حاول المحتل الإحاطة بـ “كييف”، لذا قررنا المغادرة إلى “لفيف” (Lviv)، حيث ساعدتنا عمة زوجي على إيجاد مكان آمن”، لكن المكان الجديد لم يكن أفضل حالا، فهو يقع بالقُرب من أحد المطارات، وهذا يعني أنهم يسمعون أصوات انفجارات قوية تسبَّب بعضها في كسر زجاج النوافذ في ذلك المنزل، تقول: “قرأنا في الأخبار عن سقوط عدة صواريخ على بُعد كيلومترين من منزلنا، إنه أمر مرعب، لم نعد بأمان في أي مكان في أوكرانيا، اليوم هو الحادي والثلاثين منذ بدء الحرب، ونحن ندرك أن حياتنا لن تعود أبدا كما كانت”.

 

أما “أناستازيا” وزوجها فيعيشون الآن مع عائلة غريبة لكنها كريمة جدا، ويحاولون مساعدتها في أداء مهام المنزل، فتقول: “تعلمت كيف أزرع البطاطس وأحمل الأرانب”، لقد أصبحت السيدة “آنا” صاحبة المنزل قدوة لها، فبحسب رأيها هي أم رائعة تعمل في ثلاث وظائف لترعى أمها وابنها، وفي نهاية الأسبوع تهتم بحديقتها، وبعد مرور شهر على بدء الحرب تُعبِّر “أناستازيا” عن شوقها لمدينتها وأصدقائها ومنزلها، وترى أن الحرب كشفت حقيقة بعض الأشخاص (الذين يفكرون بأنفسهم فقط) ممن رفضوا مساعدتها وعائلاتها، لكنها تُعبِّر: “أريد السلام والصحة، وقد بدأت بممارسة الجري لأتهرَّب من الأخبار التي تضج في رأسي لأشعر ببعض الراحة، وأدعو الرب أن يحمي أوكرانيا”.

 

انضم إلينا أيضا “مايكل” (Michael Tulsky) الذي لم يستطع أن يُعبِّر عن نظرته للحياة خلال الحرب إلا ببضع كلمات يقول فيها: “بعد كل ما مررنا به، لا أستطيع أن أرى الحياة الآن إلا أشخاصا يموتون جوعا، وبقية من اللطفاء والمعطائين، لا أستطيع أن أرى الحياة إلا بضعة غرامات من الدقيق يهبها أشخاص جائعون لآخرين جائعين، أرى الحياة في بريق الامتنان الذي يلمع في عينَيْ ابنتي ذات السنوات التسعة، حين كانت جائعة جدا ولم أستطع أن أجد لها طعاما، وكل ما تمكَّنت من فعله هو إعطاؤها بعض أقلام التلوين والأوراق، فعلت ذلك وروحي تعتصر ألما، لكنها كانت ممتنة لذلك، رغم أن لها الحق في الغضب أو الحزن، لكنها كانت سعيدة بتلك اللحظة”.

الأطفال

تُخبرنا “تاتيانا” (Tetiana Romanova) عن الوضع في مدينة “تشرنيغوف” (Chernihiv) في الشمال فتقول: “نعاني من القصف الجوي والمدفعي، يستهدفون المنشآت المدنية ويقتلون المدنيين، إنهم يدخلون منازل الناس، يقتلونهم ويأكلون طعامهم ويجلسون في منازلهم، هذا هو الوضع الذي نعيشه الآن، لقد تدمرت شبكات الاتصالات والكهرباء والتدفئة والمياه منذ أكثر من أسبوعين، الآن يطهو الناس طعامهم في الحدائق باستخدام الحطب، وينامون في سراديب باردة جدا ورطبة، ويجمعون المياه في دلاء مستخدمين صنابير الإطفاء التي لم تُستخدم منذ مئات السنين، نعيش الآن في عصر مظلم تماما كالعصور الوسطى، لكن هذا يحدث في القرن الحادي والعشرين وفي مدينة أوروبية هي تشرنيغوف”.

 

أما “يانا” فتُخبرنا “أنها تسمع أصوات الانفجارات في آخر الأماكن التي لجأت إليها مؤخرا، لكن الجميع هناك يأملون في العودة لمنازلهم أو مساعدة مَن يريد الخروج من “فولنوفاخا”، تقول: “دُمِّر منزلي بعد مرور أسبوع، وبعد أسابيع أخرى دُمِّرت المدينة بأكملها، لكننا ما زلنا على قيد الحياة وهذا هو الشيء الأهم”.

 

تنجح “كاترينا” (Kateryna Tsybenko) في التعبير لنا عن مشاعرها حول ما يحدث، فتقول: “يمتلئ كل يوم من حياتي بعد حدوث الاقتحام الروسي الشامل بالكُره والغضب، لقد شاهدت الكثير من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، لم أكن أعلم أن بإمكاني أن أكره بهذه القوة، لا أستطيع النوم جيدا هذه الأيام، ولم أعد أتناول إلا القليل من الطعام، ووجهي أسوأ، أنا ممتنة لأنني ما زلت على قيد الحياة وأن بيتي لم يُدمَّر، لذا فأنا في وضع أفضل من غيري، لكن هناك أشخاص يقضون أسابيع في السراديب دون غذاء أو كهرباء أو ماء، فالروس يمنعونهم من الإخلاء، يموت الناس الآن ويُدفنون في حدائق منازلهم، إنهم أمر مخيف ومروع”، نُضيف إلى هذه الرواية ما شاركتنا إياه “فلاديسلافا دانيس” (Vladyslava Denys) حول ما أخبرتها به سيدة تسكن في “ماريوبول” (Mariupol) في الجنوب الشرقي من أن الناس في تلك المدينة باتوا عاجزين عن دفن موتاهم إلى درجة أن الشرطة طالبتهم بجمع الموتى في شرفات المنازل (البلكونات)، وتتساءل تلك السيدة خلال روايتها عن عدد الموتى في شرفات البنايات المحترقة المحيطة بمنزلها.

SENSITIVE MATERIAL. THIS IMAGE MAY OFFEND OR DISTURB A man pushes an elderly woman in a wheelchair, as bodies of the dead collected by service members of pro-Russian troops are seen inside a vehicle before being transported to the morgue during Ukraine-Russia conflict in the southern port city of Mariupol, Ukraine April 4, 2022. REUTERS/Alexander Ermochenko TPX IMAGES OF THE DAY
بعض جثث الموتى

المواجهة

تأتي حياة وتموت أخرى، تبدو هذه المفارقة أكثر قسوة في زمان الحرب. تُخبرنا “أناستازيا بوش” عن أسوأ ما مرَّت به، فتقول: “وُلدت ابنة أخي في الثاني من مارس/آذار، لكن صديقتي قُتلت في اليوم التالي، هذه أسوأ اللحظات التي أمر بها في حياتي حتى الآن”، علمت “أناستازيا بوش” بمقتل صديقتها “فاليريا” (Valeria) من خلال رسالة وصلتها، وقد كانت آخر رسائل “فاليريا” إلى صديقتها في مجموعة الدردشة الخاصة بهما أنها تعبت من كل ما يحدث وأنها ستغادر ووالدتها “كييف”، فهي من مدينة “دونيتسك” وقد واجهت الحرب سابقا عام 2014، لكن خلال رحلة هروبها فاجأتهما دبابة روسية استهدفت السيارة التي كانتا تستقلّانها فقتلت “فاليريا” ووالدتها والسائق، تقول عن ذلك: “لا يمكننا استيعاب ما حصل ولا حتى تجاوز هذه الخسارة، لقد كانت “فاليريا” عاملة في مجال الإغاثة وكرَّست حياتها لمساعدة النازحين في أوكرانيا، خسرناها وخسرتها أوكرانيا، فأمثالها قليلون، سنتذكرها دائما”.

 

أما “أوليسيا” فبقيت في مدينتها زاباروجيا حتى اليوم، وتخبرنا: “أحاول أن أكون مفيدة حيث أستطيع وكيفما يمكنني ذلك، لقد شاركت في نسج شباك التمويه العسكرية، وفي اليوم الرابع أو الخامس من الحرب طُلب مني جمع المساعدة لمطبخ المتطوعين، حيث تُجلب المواد التموينية ويُنقل المال، ويُجمع الدواء والملابس والاحتياجات الضرورية، لقد شاهدت أشخاصا رائعين ومخلصين وكرماء”.

 

كذلك تحرَّكت “كاترينا” أيضا لكن على طريقتها، تُضيف: “لقد حوَّلت طاقة غضبي وكُرهي خلال عملي متطوعة في تحضير قنابل “المولوتوف” (Molotov)، فهي ضرورية لإيقاف الدبابات، لقد أصدرت وزارة الدفاع تعليماتها حول المكان الأمثل لإلقاء القنبلة وإحداث حريق في الدبابة بسرعة ومباشرة”، كما أنها تجمع المال للتبرع، وتُشارك على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتواصل مع وسائل إعلام غربية لنقل حقيقة ما يحدث، فتقول: “أشعر بذلك أنني أشارك في تحقيق النصر لنا، إننا نقترب منه كل يوم أكثر، لكن حتى ذلك الحين سأظل أشعر بالغضب والكُره كل يوم”.

مولوتوف
تحضير قنابل “المولوتوف” (Molotov)

ومن موقعها في تشرنيغوف تقول “تاتيانا”: “نحن نفعل كل يوم ما يمكننا فعله لحماية المدنيين، لقد هرب أكثر من 60% من المدنيين إلى الشمال، ومعظم مَن هم في المدينة الآن هم من كبار السن أو أولئك الذين لم يتمكَّنوا من الهرب، لقد بقيت مع زملائي هنا، فهناك الكثير من العمل الذي ينبغي لنا القيام به”.

 

بالمثل، حاولت “آنا” في مدينتها (زاباروجيا) سؤال أصدقائها عما يمكن أن تفعله لتساعد المدينة، لكن رغم أن أحدهم رد: “سنغادر بعد ساعة ونصف، فهل ستغادرين معنا؟” فإنها أجابت: “لا، عليَّ البقاء وتقديم المساعدة بقدر ما أستطيع”، أما “ألكساندرا” فبعد أن هاجمتها أفكار الموت بدأت تفكر في أفضل ما يمكنها فعله لمواجهة الاعتداء الروسي، ما الذي يمكن أن يفعله فريقها؟ وبدأت بالتحرك: “نحن الآن نفعل كل ما بوسعنا لنفوز، ولنحمي أرواح الناس، ولنطرد الروس من وطننا”.

 

ماذا نفعل؟!

في ختام حديثها معنا، لا تزال “أناستازيا بوش” قلقة بشأن التلوث الناتج عن الذخائر غير المتفجرة، فلديها خبرة في هذا المجال، وقد عملت قبل الحرب في توعية السكان بمخاطر الألغام والذخائر غير المتفجرة، وهي الآن تحمل أملا حول مستقبل “أوكرانيا”، فتوضِّح: “لدينا أبطال في خدمات الطوارئ، إنهم أفضل من “باتمان” و”سبايدرمان” وغيرهم، إنهم ينظفون الأراضي والمنشآت من المتفجرات، ويعملون تحت القصف لحماية أرواح الناس، سيتمكَّنون من تطهير أوكرانيا الحبيبة من كل الشر الذي قدم إليها، لأننا في أرضنا”، أعلمتنا منذ يومين أنها غادرت “أوكرانيا”، لكنها تتمنى أن تعود إليها في أقرب وقت.

أولاد أخوتها وابن صديق العائلة يشاهدون فيلم كرتون تعرضه اليونيسف حول مخاطر الألغام والأجسام غير المتفجرة، بينما هم في السرداب
يشاهد الأطفال من عائلة أناستازيا فيلم كرتون تعرضه اليونيسف حول مخاطر الألغام والأجسام غير المتفجرة، بينما هم في السرداب

أما “إيفين” الذي شاركنا ما كتبه وزوجته، فإنه يخبرنا عن منزله وبعض الفخاريات الصغيرة ومشغلهم للخياطة في قرية بالقرب من “بوتشا” (Bucha)، وهو يحمل أملا بالعودة إليه قريبا، ويضيف: “لكننا لا نعلم هل “قريبا” ستكون هذه السنة؟ وهل ما زال منزلنا قائما؟ لقد أرسلت صورا ربما توضح ما يحدث”، يقصد في بلده. بدأ “إيفين” رسالته بـ”تحيات دافئة من أوكرانيا”، ربما أراد أن يهزم الحرب ببعض الأمل وكلمات جميلة عن وطنه، ثم أتبعها بـ: “لقد حصلنا نحن الأوكرانيين على نصيبنا من الخوف، لقد كانت لنا حياة قبل الحرب لكننا خسرناها، ستنتهي الحرب، دعونا نتحدث عن حياتنا بعدها، فنحن نقاتل الآن ليس فقط من أجل بلادنا، بل من أجل هويتنا التي تُشكِّل قاعدة لمستقبلنا”.

 

ربما كانت خطط ما بعد الحرب وسيلة لاكتساب مزيد من القوة التي تساعدهم على الصمود، تقول “أوليسيا”: “أريد أن أحتضن أصدقائي بعد الحرب ممن لم أستطع الوصول الآن إليهم، بعدها سنذهب إلى البحر ونشرب القهوة على الشاطئ”، أما “مايكل” فيصف الوضع الآن الذي امتزج فيه خوفه بالأمل قائلا: “أشعر أحيانا أن الأمر انتهى، تماما كموجة ضخمة تضرب صخور الشاطئ وتحجب عني الشمس، فلا أرى غير الظلام، لكنني أُبصر بعدها حجم اللطف والامتنان الذي يحمله البشر، فيتبدَّد كل الظلام بالضوء الذي يشعه اللطف البشري، أنظر إلى الحياة الآن بعين الامتنان لكل البشرية، شكرا لكم جميعا”.

تسع فتيات يحكين لميدان كيف عايشن الحرب يوما بيوم في أوكرانيا

تختتم “آنا” خطط ما بعد الحرب قائلة: “ستكون هناك حياة بكل الألوان والنكهات بعد النصر، لطالما أحببت الحياة، سأذهب إلى الجبال والسينما، وسأتزوج من الرجل الذي أحب، سأمشي عبر المدن المدمرة بعدما يُعاد بناؤها، هناك الكثير من الخطط أيضا، سأتسلق إيفرست بحذاء زهري اللون في عمر الـ 150”.

 

بعد شهر من محاولات التواصل مع مواطنين أوكرانيين لمشاركتنا ما يمرون به خلال الحرب، شاركنا 11 شخصا، معظمهم سيدات أوكرانيات، قصصهم وما عانوه هم وعائلاتهم منذ بدء الحرب، إضافة إلى سيدة نقلت لنا قصة مترجمة لتُطلعنا على ما يحدث، وهناك سيدات أخريات أبدين استعدادهن للمشاركة لكنهن لم يعاودن الاتصال بنا، ولا نستطيع معرفة ما حل بهن حتى هذه اللحظة، بعض المشاركين هنا كتب قصته بمشاركة عائلته، والبعض فضَّل إخبارنا عما يحدث وما يشعر به من خلال وسيط لاحتياطات أمنية. من المقلق أننا ربما لن نعرف مصير أبطال قصتنا بعد اليوم، لكنهم أرادوا من خلال حكاياتهم إيصال صوت شعب بأكمله، وتذكير العالم أن الحرب ليست إحصاءات وأرقاما، بقدر ما هي بشر يتألمون، في انتظار المجهول، في كل ساعة.

—————————————————————————-

هوامش:

  1. أربعة من المشاركين هم من أفراد الفِرَق التطوعية لمبادرة مجتمعية تنفذها مؤسسة “Respublika Institute”، وتضم ناشطين منتشرين في مدن أوكرانية مختلفة، وهم: Oleksandra Hlizhynska”, “Yana Tvereza”, “Anna Eremenko”, “Olesia Lapikova”.
  2. شاركت معنا أيضا “Tetiana Romanova”، وهي متطوعة مع جهة أخرى في مدينة “Chernihiv” المُحاطة بالقوات الروسية حاليا.

 

الشخصيات المشاركة:

  1. Tetiana Romanova, Chernihiv.
  2. Ivan Hryhorchuk- Bucha
  3. Kateryna Tsybenko
  4. Michael Tulsky
  5. Sasha
  6. Anastasia Bohush
  7. Anastasia
  8. Oleksandra Hlizhynska, Kyiv
  9. Yana Tvereza, Volnovakha
  10. Anna Eremenko, Zaporizhzhia
  11. Olesia Lapikova, Zaporizhzhia
  12. Vladyslava Denys

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.