القاهرة – تفقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم الأربعاء أعمال التطوير والتجديد الشامل لمسجد الحسين بقلب العاصمة المصرية القاهرة، والتي استمرت ما يقرب من شهر.

وشملت التطويرات، التي تكلفت ما يقرب من 150 مليون جنيه، ترميم وتجديد أغلب أجزاء المسجد بما في ذلك تركيب مقصورة جديدة للضريح، وتجديد الساحة الخارجية، وهي العملية التي لاقت انتقادات عديدة بسبب عدم مطابقتها لقواعد ترميم المباني الأثرية.

وشارك الرئيسَ في الافتتاح سلطان طائفة البهرة بالهند مفضل سيف الدين، يرافقه الأمراء من أشقائه وأنجاله، منهم الأمير جوهر عز الدين، والأمير جعفر الصادق سيف الدين، وكذلك ممثل السلطان بمصر محمد حسن.

شكر متبادل

وأعرب الرئيس المصري عن تقديره لسلطان طائفة البهرة لجهوده في تطوير أضرحة آل البيت بمصر، بينما وجه الأخير بدوره الشكر للسيسي على دعوته للمشاركة في افتتاح أعمال تطوير مسجد الحسين، كما وجّه له الشكر على كل ما يبذل في تطوير وخدمة أضرحة آل البيت، وثمّن جهود كافة أجهزة الدولة المتعددة خاصة جهود وزارة الأوقاف والقوات المسلحة لإتمام هذه المقاصد النبيلة.

وخلال الافتتاح وعقب كلمته، قام السيسي وسلطان البهرة بجولة تفقدية في حجرة تشمل مقتنيات لخاتم الأنباء محمد صلى الله عليه وسلم، منها جزء من قميص النبي المصنوع من الكتان، بالإضافة إلى فانوس بداخله 4 خصلات من شعره، والعصا التي دخل بها مكة فاتحا.

كما شملت المقتنيات المكحلة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، والسيف الذي أهداه له سعد بن عبادة وكان يتكئ عليه عند الصعود للمنبر، ومصحف كتبه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بالخط الكوفي على جلد الغزال، ويزن ما يزيد على 4 كيلوغرامات.

وأشاد الرئيس المصري أكثر من مرة بالجهود التي تبذلها طائفة البهرة لترميم مساجد أثرية في مصر، منوها بإجراءات تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات، وذلك في ضوء اشتغال طائفة البهرة بالتجارة واهتمامها بالاستثمار في مصر، ولا سيما في مجال المنتجات الغذائية وصناعات الورق والرخام.

ومنذ توليه السلطة عام 2014، التقى السيسي بسلطان طائفة البهرة 5 مرات، وشهدت زيارة سيف الدين للقاهرة عام 2018 إعلان الرئاسة المصرية تقديم سلطان البهرة تبرعا لصندوق “تحيا مصر” يقدر بـ10 ملايين جنيه (نحو 600 ألف دولار)، وهو التبرع الثاني الذي يقدمه سيف الدين للصندوق بعد تبرع مماثل قدمه في زيارته الأولى عام 2014.

من هو سلطان البهرة؟

أصل كلمة بهرة هندي جاء من لفظ “Vehru”، ومعناها التجارة أو التاجر باللغة الغوجارتية الهندية.

ويرأس سلطان البهرة إحدى الطوائف الشيعية الإسماعيلية التي تؤمن بإمامة أحمد المستعلي الفاطمي، وترفض إمامة أخيه نزار إمام الطائفة “النزارية” (الحشاشون). وحكم أنصار المستعلي مصر حتى هزمهم صلاح الدين الأيوبي طاويا حقبة الدولة الفاطمية.

لكن المستعليين لم تطو صفحتهم، بل انتشروا في العديد من دول العالم، وشكلوا قوة اقتصادية عبر عملهم في تجارة الورق والرخام والمنتجات الغذائية.

وقد اشتهر البهرة بالتزامهم الكبير بمذهبهم والتقاليد المنبثقة عنه، فهم متشبثون بزيهم الخاص اللافت للانتباه، ولديهم أماكن خاصة للعبادة، ويتحاشون أداء الصلاة في باقي المساجد الخاصة بالمسلمين.

ويؤكد مؤرخون أن البهرة لا يسمحون لأحد باعتناق مذهبهم إلا إذا كان ذا أصل بهري، ويعتقدون بعصمة أئمتهم. كما يؤمنون بضرورة تقديم الصلاة والأعياد قبل يوم أو يومين، ويعملون دون كلل لإحياء ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد.

السلطان مفضل سيف الدين هو الداعي المطلَق الـ53 من سلسلة الدعاة المطلَقين الفاطميين، وقد ولد سيف الدين في مدينة سورت الهندية يوم 20 أغسطس/آب 1946، وتم تعيينه سلطانا خلفا لوالده محمد برهان الدين إثر وفاته في منتصف يناير/كانون الثاني 2014.

ولقب “الداعي” مخصص للزعيم الذي يتولى حكم الطائفة، ويعتبر ممثلا دنيويا للإمام ويتولى نيابة الإمام الدينية.

ترميم المساجد

وبحسب صحيفة الشروق المصرية، يرتبط البهرة بمصر ارتباطا كبيرا، فلديهم دور جليّ في ترميم المساجد التابعة لعصر الدولة الفاطمية، مثل مسجد الحاكم بأمر الله في شارع المعز لدين الله الفاطمي ومسجد السيدة نفيسة، كما يترددون باستمرار على جامع الحاكم بأمر الله في شارع المعز.

وأوضحت الصحيفة أن بداية ظهورهم الرسمي في مصر كانت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الذي سمح لهم بالتملك والإقامة في مصر، وعملوا في مقابل ذلك على إعادة وترميم بعض المساجد التاريخية، أشهرها مسجد الحاكم بأمر الله، الذي يعتبر أحد شواهد العصر الفاطمي، وإليه يحج البهرة يوميا، ويتمسكون به كمزار لهم يقيمون فيه احتفالاتهم الدينية.

ووفق صحف مصرية، يحتفل البهرة في مصر بمولد زعيمهم محمد برهان الدين سلطان يوم 11 مارس/آذار من كل عام، وتقام الاحتفالات على مدار أسبوع كامل داخل مسجدي الحاكم بأمر الله والأقمر، وفي وقت الاحتفال يزدحم مسجد الحاكم بأمر الله عقب صلاة الفجر بالبهرة مرتدين زيهم المميز.

ويقع مسجد الحاكم بأمر الله في رحاب شارع المعز لدين الله الفاطمي، وسر تمسكهم بهذا المسجد مرتبط بأنه أكبر شاهد على الدولة الفاطمية، ولادعائهم بظهور الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله مرة أخرى.

وفي هذا السياق، يقول أحمد صدقي، خبير إدارة العمران واستشاري إدارة التراث، إن كل مساجد الفاطميين قام البهرة بترميمها، مضيفا أن الترميم الذي يقومون به في المعالم الأثرية يطمس كل ما هو غير فاطمي، أي طمس ما جاء بعد العصر الفاطمي من حضارات أخرى، مؤكدا أن ما يفعلونه جريمة، بحسب وصفه.

وفي تصريحات سابقة لموقع “صدى البلد” المصري، قال صدقي إن البهرة يعملون على طمس أي من تلاهم لأنه في نظرهم مغتصب، فيطمسون معالم فترة معينة في الترميم، ويلقون الضوء على فترة الفاطميين فقط، مشيرا إلى أن لديهم عقيدة، وهي انتظار الإمام أو القطب المفقود أي الحاكم نفسه حسب أساطيرهم.

اعتراضات على التطوير

وشهدت أعمال تطوير مسجد الحسين التاريخي عددا من الانتقادات، منها استخدام الدهانات في طلاء قبة المسجد والمئذنة المجاورة، وطمس بعض نوافذها، فضلا عن تمرير شبكة تهوية لأجهزة التبريد، حتى إن استشاري التخطيط العمراني سعيد حسنين وصف ما يجري بمسجد الحسين بأنه “تشويه مبرر في سياق التطوير”.

وفي بيان مرفق به صورة القبة والمئذنة نُشر على صفحة نقابة المهندسين المصريين على موقع فيسبوك، كلف نقيب المهندسين طارق النبراوي الشعبة المعمارية بالنقابة العامة للمهندسين برئاسة الدكتورة ولاء نور بمراجعة أعمال الترميم التي تمت في مسجد الحسين خلال الفترة الماضية.

وأكد النبراوي “أنه سيتم تشكيل لجنة من الشعبة المعمارية تضم نخبة من الخبراء في عدد من التخصصات الهندسية، وذلك بعدما أبدى الرأي العام الهندسي بعض الملاحظات بخصوص أعمال الترميم الجارية في المسجد”.

وأضاف نقيب المهندسين أن اللجنة ستكون مهمتها دراسة الواقعة بأسلوب ومنهج علميين للوقوف على الجوانب الفنية للأعمال الترميمية، تمهيدا لإصدار تقرير شامل وتقديمه للجهات المعنية.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.