في مفاجأة مؤسفة، أعلن النجم الأميركي “براد بيت” -خلال حوار أجراه مع مجلة “جي كيو” (GQ)– إصابته بمرض نادر اسمه “عمى الوجوه” أو “عمى التعرّف إلى الوجوه” (Prosopagnosia)، وهو اضطراب عصبي يجعله غير قادر على تمييز الوجوه أو تذكّر أصحابها، مما عرّضه إلى مواقف محرجة جعلته يُفضّل المكوث في المنزل.

“لا أحد يصدقني”

وعلى الرغم من أن “براد بيت” لم يتم تشخيصه بالإصابة بذاك الاضطراب رسميا، لكنه يعتبر نفسه مصابا به، كونه يشكو من كافة الأعراض الملازمة للمرض.

فهو طالما كان يكافح من أجل تذكّر الوجوه أو التعرف إليها، ومع تفاقم الأمور وازدياد حدتها، قرر الانعزال والبقاء وحيدا، ما فسره البعض -عن طريق الخطأ- بالغرور والتعالي.

ومع الأسف، كون المرض نادرا، زاد من صعوبة أن يُصدقه أحد، لهذا فهو يتمنى لو استطاع مقابلة أي شخص آخر يعاني من المرض نفسه، للتواصل معا وتبادل المعلومات والقصص.

كل ما يجب معرفته عن “عمى الوجوه”

ووفقا لـ”المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية” (NINDS)، فإن “عمى الوجوه” يُصيب 1 من كل 50 شخصا، بينما أكدت “منظمة عمى الوجوه” (Faceblind.org) أن ما يقرب من 2% من السكان مصابون به.

وهو اضطراب عصبي متعدد الأشكال، ففي حين يعجز البعض عن التعرّف إلى الوجوه المألوفة حتى أفراد الأسرة والأصدقاء المُقرّبين؛ هناك آخرون يعجزون عن تمييز الوجوه المجهولة فقط، في حين أن فئة ثالثة لا تستطيع تمييز الوجه عن الجسد بالمطلق وتراه كتلة واحدة.

مرض وراثي أم مكتسب؟

أما عن أسباب الإصابة، فقد يحدث الاضطراب نتيجة الإصابة بالسكتة الدماغية أو إصابات الدماغ الرضحية أو نتيجة لبعض الأمراض التنكسية العصبية تلك التي تصيب المخ وتؤدي إلى موت الخلايا العصبية وتقلص المخ.

بالوقت نفسه، أحيانا يكون الاضطراب خلقيا منذ الولادة، وبما أنه يسري في العائلات، فمن المحتمل أن ينشأ نتيجة طفرة جينية، وبالتالي يمكن أن يكون وراثيا.

ووفق ما ذكره المعهد الوطني فإن بعض الأطفال المصابين بالتوحد يُصابون بدرجة من عمى التعرف إلى الوجوه كذلك.

ومع أن هذا المرض ليس له علاج دوائي حتى الآن، الأمر الذي قد يجعل البعض يرى أن الإصابة به بمثابة إعاقة اجتماعية؛ فإن أن عدم وجود علاج لا يعني النهاية وليس مدعاة لليأس، إذ يعتمد العلاج هنا على تطوير آليات وإستراتيجيات تعويضية أخرى من شأنها تمكين المُصابين به من التعرف إلى الأشخاص، مثل التركيز على أصواتهم.

لا داع للشعور بالذنب

ورغم ندرة المرض، فإن هناك آخرين ممن يعانون مثل “براد بيت” شاركوا تجربتهم بشجاعة على الملأ، ومن بين هؤلاء “ستيف وزنياك” المؤسس المشارك لشركة “آبل” (Apple)، والذي صرح خلال مقابلة أجراها مع مجلة “الكاروسيل” (The Carousel) في 2017، أنه مصاب بعمى الوجوه، وعادة ما يحاول التعرف إلى الأشخاص من خلال الأصوات أو الملابس المحددة والشعر الغريب.

أما العالمة والناشطة في مجال الحفاظ على البيئة “جين غودال” فتحدثت عن إصابتها بالتفصيل في كتابها “سبب الأمل: رحلة روحية”، مؤكدة أنها لم تواجه أي مشكلة مع أولئك الذين لديهم خصائص جسدية واضحة مثل بنية عظمية غير عادية أو أنف مميز أو جمال شديد، في حين أصابها الإخفاق مع الوجوه الأخرى، مما جعل الناس الذين لا تتعرف إليهم مُستائين منها، وأصابها هي بالإحراج.

ومع أنها كانت تُرجع عدم قدرتها على حفظ وجوه الناس إلى بعض الكسل العقلي، إلا أن ما أنقذها كان معرفتها بمعاناة إحدى صديقاتها وشقيقتها من مشكلة مماثلة، إذ سرعان ما راسلت طبيب أعصاب شهير للاستفسار، والذي بدوره قدم إليها كل المعلومات التي تحتاج معرفتها عن “عمى التعرف إلى الوجوه”.

ورغم أن تلك المعرفة منحتها بعض الراحة وأعفتها من الشعور بالذنب الذي طالما لازمها، لكن يظل من الصعب عليها إخبار كل من تلتقي بهم أنها ربما لا تستطيع التعرف إليهم في اللقاء التالي.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.