منذ الوهلة الأولى لخبر استشهاد عدد من أفراد عائلة مراسل الجزيرة في غزة، وائل الدحدوح، امتلأت واجهات منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك بصوره وهو يقف بشموخ أمام جثامين زوجته وفلذات أكباده، وتداعت المنشورات من المثقفين والكتّاب والأدباء والفنانين العرب، في مواساة الدحدوح في مصيبته، وصارت كلمة “معلش” التي قالها في سياق حديثه عن الحادثة من أكثر الكلمات رواجا على منصات التواصل الاجتماعي.

وتنوعت تفاعلات الكتاب والفنانين العرب مع الفاجعة بين لوحات تشكيلية وفنية ورسوم وكاريكاتير وقصائد وعبارات تدين وحشية وبربرية آلة القتل الإسرائيلية في حق الأطفال والنساء والمدنيين في غزة.

رسام الكاريكاتير اليمني رشاد السامعي نشر بعد ساعات قليلة من حادثة استشهاد أفراد من عائلة الصحفي وائل الدحدوح رسما كاريكاتيريا حزينا يظهر فيه وائل وهو يحمل حفيده الشهيد بين يديه، معتمرا قبعة كتب عليها (TV)، في إشارة إلى استهداف أسر الصحفيين في حرب ظالمة تمثل إبادة جماعية وسط صمت غربي داعم لـ”همجية إسرائيل”.

وبعد أقل من 24 ساعة على حادثة استشهاد أربعة من أفراد عائلته في وقت كان عدد آخر من أقربائه ما زالوا تحت الأنقاض، أطلّ مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح في تغطية مباشرة للحرب الهمجية الإسرائيلية على قطاع غزة معلنا عدم تخليه عن رسالته المهنية مهما جرى، مجسدا بذلك صورة “للصحفي الشجاع” الذي لم تثنه مأساته الكبيرة في أن يغيب صوته عن نقل مأساة قطاع غزة إلى العالم.

وعبّر مثقفون وأدباء وفنانون عرب، عن تضامنهم مع الزميل وائل الدحدوح وعزائهم له في مصيبته، كما أشادوا بثباته ورباطة جأشه وإصراره على معاودة واجبه المهني الشجاع أمام قصف متوحش يطال البشر والشجر والحجر في قطاع غزة.

  • واستطلعت الجزيرة نت آراء عدد من الكتّاب والأدباء وسألتهم: كيف تقبلوا نبأ استشهاد أفراد من عائلة الصحفي في قناة الجزيرة وائل الدحدوح؟

الشاعر الفلسطيني الأردني سلطان القيسي: مهما اشتدت الغارات يبقى هادئا

منذ بداية هذه الحرب كنت أتلقى أنباء استشهاد الأقرباء والأصدقاء والزملاء وعائلاتهم. فقدنا نحو 18 فردا ارتقوا شهداء، من عائلة والدتي، من الذين هُجِّروا عام 1948 من مدينة يافا إلى غزة.

في كل مرة أتلقى فيها خبر استشهاد أحد ممن أعرفهم أشعر بألم مضاعف، يتفاقم حين نتذكر أن أكثر من 7 آلاف شهيد آخرين ارتقوا، مما يعني أن 7 آلاف عائلة تعاني اليوم الفقد أو الإعاقة أو التهديد والدمار.

لا يمكن قراءة خبر استشهاد أفراد من عائلة الدحدوح إلا في هذا السياق، فالعدو يقتل أي فلسطيني، الأطفال والنساء والمسنين، والرجال الآمنين، والشعراء، فقدنا شاعرات وشعراء كثرا في هذه الحرب فضلا عن الصحفيين.

من يعرف وائل الدحدوح، وإن كانت معرفة من وراء الشاشة، يلحظ هدوءه وقدرته على ضبط النفس، هذه ليست موهبة ومهارة وحسب، إنما هي طريقته كما يبدو في التعبير عن الصمود، مهما اشتدت الغارات يبقى هادئا، ويعتني بانتقاء المفردة الأفضل للتوصيف.

من يعرف وائل الدحدوح، وإن كانت معرفة من وراء الشاشة، يلحظ هدوءه وقدرته على ضبط النفس، هذه ليست موهبة ومهارة وحسب، إنما هي طريقته كما يبدو في التعبير عن الصمود، مهما اشتدت الغارات يبقى هادئا، ويعتني بانتقاء المفردة الأفضل للتوصيف.

وهذا ما فعله أمس وهو يتفقد جثامين أفراد من عائلته على الهواء، قال: “بتنتقموا منا في الأولاد؟! معلش!” هذه “المعلش” تنطوي على عبارات كثيرة فيها تحدٍ لكل من يدعم العدو، من دول عظمى جعلت الثأر شخصيا مع صحفي كوائل الدحدوح، وما الذي يملكه هذا الرجل من أسلحة؟ الكاميرا والميكروفون، ليفضح جرائم الاحتلال، لذلك عاد مبكرا ليثأر.

رسام الكاريكاتير اليمني رشاد السامعي: استهداف للحقيقة

لم تأخذ مني الرسمة الخاصة بكاريكاتير وائل الدحدوح وهو يحتضن حفيده الشهيد وقتا في إيجاد فكرتها ورسمها.. لقد كان المشهد مكثفا ومشبعا بالتفاصيل التي ساعدت بالوصول إلى فكرة تحاكي حجم الألم والكارثة ولم تمر أكثر من ساعة لإنجازها.

فلسطين هي ملهمتي دائما، والرسم لها هو بمثابة فاكهة الإبداع.. يختبر الفنان من خلالها حقيقة ما إذا كان فنانا حقيقيا تتملكه الأحاسيس وصدق التوجه أم هو فنان مهاري فقط يجيد الرسم؟

وائل الدحدوح.. هذا الاسم الرنان في عالم الصحافة والإعلام، هو واحد ممن نقلوا صوت الأرض (فلسطين) على مدى عقود.. لولاه (وزملاؤه هناك) لغيبت الحقيقة وقل التأثير وتضاءل التفاعل.

استهداف الإعلام هو استهداف للحقيقة، ولتغييب الناس عما يدور.

استهداف الإعلام هو استهداف للحقيقة، ولتغييب الناس عما يدور.. تضامننا الكامل مع القامة السامقة وائل الدحدوح الذي حتى وهو في أشد وجعه ظل ينقل لنا ما يجري محولا قصته إلى مادة خبرية من خلال مقولته الشهيرة: “ينتقمون منا في أولادنا.. معلش!”.

الشاعر والكاتب العراقي أحمد عبد الحسين: قضية تستحق القرابين

هناك أمر غير منطقي. من يراني في تلك الساعة وأنا في بيتي ببغداد ويرى ردة فعل الزميل وائل الدحدوح سيظن أن المصيبة حدثت لي لا له. صبره الأسطوري، الهدوء والجلَد ورباطة الجأش ماركات فلسطينية هذه الأيام. كل ما في فلسطين أسطوري.

كل هذا سيخلد. ستتناقله أجيال تلو أجيال، وستبدو محارقهم المزعومة لا شيء أمام مآسينا وظلاماتنا وجرحنا الوجودي، لكن سيخلد أيضا هذا الصبر والإيمان والرضا التام بدفع الثمن لقاء قضية تستحق القرابين.

كل هذا سيخلد. ستتناقله أجيال تلو أجيال، وستبدو محارقهم المزعومة لا شيء أمام مآسينا وظلاماتنا وجرحنا الوجودي، لكن سيخلد أيضا هذا الصبر والإيمان والرضا التام بدفع الثمن لقاء قضية تستحق القرابين.

وائل الدحدوح أكرم من أعطى وأصبر من فقد.

الكاتب والمترجم الفلسطيني عمر زيادة: مقاوم مذهل للانكسار

كان نبأ استشهاد أفراد من عائلة وائل الدحدوح هائلا. وكان وقعه مرعبا حقا. ذلك أني كنت واعيا تماما لمعناه الشامل وصداه الذي سيلمس قلب كل فلسطيني وعربي ليس قلب وائل فحسب، حيث إنها لا شك محاولة لقتل الحقيقة متمثلة بوائل أولا. ومن ثم قتل روحه وقلبه ورغبته الصلبة في الحياة.

أرادوه أن يصمت ويغادر المشهد ولا ينقل الرواية التي يجب أن تصل، ولكنه أذهلهم بصلابته. إن عمله ليس شخصيا أبدا، هو مرتبط تماما بالحقيقة والتفاني من أجل أن تظهر جلية للعالم.

وفيما يتعلق بعودته السريعة إلى الشاشة وإلى تغطية الأحداث فهذا أمر يعبر عن شخص وائل ومقاومته المذهلة للانكسار. لقد أرادوه أن يصمت ويغادر المشهد ولا ينقل الرواية التي يجب أن تصل، ولكنه أذهلهم بصلابته.

إن عمله ليس شخصيا أبدا، هو مرتبط تماما بالحقيقة والتفاني من أجل أن تظهر جلية للعالم. وائل الدحدوح هو الصورة الرمزية لغزة وهي صورة لا يمكن حجبها أو حذفها أو تشويهها أو قتلها.. هي ببساطة صورة للتاريخ.

الكاتب التونسي المقيم في باريس عبد المجيد دقنيش: الأفكار الحقيقية مثل القضايا العادلة لا تموت

لقد هزتنا حادثة استشهاد عدد من أفراد عائلة مراسل الجزيرة وائل الدحدوح وأدمت قلوبنا، ولكنني شخصيا لم أستغرب هذا الاستهداف الممنهج لعائلة الدحدوح وللصحفيين العاملين في غزة وجنوب لبنان من قبل العدو الصهيوني.

كل محاولات إسرائيل لاغتيال الكلمة لن تنجح وستبوء بالفشل. وللمفارقة فإن الإجابة تأتي من غسان كنفاني نفسه الذي يقول في تحد بارز لجلاده وقاتله “تسقط الأجساد لا الفكرة”، فالأفكار الحقيقية مثل القضايا العادلة لا تموت.

وذلك لأن هذا العدو متعود من قديم على اغتيال المفكرين والكتاب والمبدعين الفلسطينيين والمثقفين الأحرار من أمثال ناجي العلي وغسان كنفاني وأخيرا المهندس محمد الزواري، والمناصرين للقضية الفلسطينية.

لكن كل محاولات إسرائيل لاغتيال الكلمة لن تنجح وستبوء بالفشل. وللمفارقة فإن الإجابة تأتي من غسان كنفاني نفسه الذي يقول في تحد بارز لجلاده وقاتله “تسقط الأجساد لا الفكرة”، فالأفكار الحقيقية مثل القضايا العادلة لا تموت.

الروائي المصري وحيد الطويلة: وجعك وجعنا يا وائل

في هذه اللحظة أنا بكل جوارحي وعقلي مع وائل الدحدوح.. مع الأب المكلوم المكافح، الذي رضي وسلم لربه ثم عاد إلى عمله مؤمنا بواجبه.. كان مشهد عودته وهو يقول: الآن نعود إلى عملنا، إلى واجبنا رغم الجراح والألم، أكبر دليل على القلب الكبير الذي يؤمن بقضاء الله وبقضيته، والعقل الكبير الذي يعرف صيرورة الحياة رغم الجراح.. انتصر الدحدوح على نفسه، انتصر على جملة الأبنودي “في الدنيا حاجات كتير أشكال وألوان، أوعرها لو هتعيش بعد عيالك”… يا وائل وجعك وجعنا وأولادك أولادنا ونحن نحبك.

الروائي المصري وحيد الطويلة: أنا بكل جوارحي وعقلي مع وائل الدحدوح (الصحافة العربية)

الشاعرة المغربية أمينة الصنهاجي: سلسلة من الفواجع المتعاقبة

كيف نستقبل خبرا مفجعا، ضمن سلسلة متعاقبة من الفواجع المسترسلة؟

حقيقة لا أعرف، ويدهشني قدرتنا على استيعاب كل هذا الخراب ومتابعته دون أن نجنّ، أو أن نتحول إلى آلة قتل بلا حدود.

حقيقة لا أعرف، ويدهشني قدرتنا على استيعاب كل هذا الخراب ومتابعته دون أن نجنّ، أو أن نتحول إلى آلة قتل بلا حدود.

استشهاد عائلة الدحدوح جاءت ضمن توالي استشهاد معارف وأصدقاء عايشناهم عبر وسائل التواصل وأصبحوا قريبين جدا منا. وتابعنا أخبار استشهادهم تحت القصف الهمجي وقُتِلنا مرات ومرات عبر قصص سريالية من الكوارث فاقت كل خيال. ومع كل ذلك… نستمر في المتابعة.. أي جنون هذا؟؟

كيف لي أن أكتب عن كل هذا؟!

حتى الصمت أصبح عبثا وبلا أي معنى..

هذه الحرب وضعتني في هاوية خانقة بلا صوت ولا لون.. وصدقني حتى الصراخ لم يعد يجدي.

وعلى الجانب الآخر؛ الغزيون يتابعون حربهم وكلهم حياة.. إني أغبطهم وأتعجب من قدرتهم على الحياة بهذا الشكل العظيم.

الشاعر والكاتب اليمني فخر العزب: عشت تجربة مشابهة

تلقيت نبأ استشهاد أفراد من عائلة الصحفي وائل الدحدوح بحزن وذهول، تخيلت نفسي مكانه، ساعد في تخيلي أني صحفي وأني عشت أجواء الحرب في قريتي بريف محافظة تعز.

أعرف تماما ما معنى أن ترى القاتل يصطاد ضحاياه من حولك باحترافية، تتساقط الأسماء من حولك وأنت تتوقع أن تكون أنت أو أحد أقربائك الضحية التالية، أعرف أيضا ماذا يعني أن تكون أنت الذي عشت عمرك تنقل الخبر تصير في لحظة أنت الخبر بذاتك.

لا أظنني كنت سأقدر على تمالك نفسي وأنا أتلقى خبرا حزينا كهذا، لكن وائل الدحدوح صاحب قلب قوي، عاش حزن الفلسطينيين لسنوات، حتى أصبح كل الضحايا هم عائلته، اليوم يرى في أسرته جزءا من العائلة الفلسطينية الكبيرة التي تقدم الشهداء بشكل شبه يومي في سبيل الانتصار للقضية، واليوم أيضا يرى الدحدوح في كرامة وعزة أبناء الشعب الفلسطيني عزاءه الوحيد.

الشاعرة والكاتبة التونسية هدى الهرمي: سيعجز الصهاينة عن إسكات صوت الحقيقة

صدقا شعرت بألم يعتصرني وبكيت جرّاء ما حصل، وأساسا منذ بدء الحرب والعدوان الصهيوني الغاشم على غزّة، صار الوجع قوتنا اليوميّ، لكن حين تابعت الخبر على شاشة قناة الجزيرة، لمحت كمّ الحسرة والقهر على وجه وائل الدحدوح الأب المكلوم والزوج المفجوع.

المكلوم الذي عبّر بكلمة “معلش” لكنّه ظلّ ثابتا رغم المصاب الجلل، لأنه صاحب رسالة ومجاهد في سبيل نقل الحقيقة المتمثلة في الإبادة الجماعية التي يتعرضّ لها الشعب الفلسطيني الأعزل.

طبعا الصحفي السامق والبطل وائل الدحدوح ليس مجرّد مراسل لقناة الجزيرة، إنه فلسطيني وصاحب الأرض والقضية لذلك عاد للتغطية بكل كبرياء، رغم محاولة العدوّ للنيل منه ومعاقبته على نقل الجرائم الفظيعة للعالم، والمستمرة لحدّ السّاعة.

وهو بذلك يسهم في كتابة التاريخ كشاهد عيان على معاناة أهل غزّة الصامدين. وسيعجز الكيان الصهيوني عن إسكات صوت الحق ولن يُضعف إرادة أي صحفي فلسطيني مهما كانت التكلفة باهظة.

الشاعرة والناقدة اليمنية أميرة زيدان: قضية أرض ووطن

وائل الدحدوح بمفرده يشكل خارطة إنسانية تمثل الكثير من الوجع الكبير.

الدحدوح بمفرده يشكل خارطة إنسانية تمثل الكثير من الوجع الكبير، لم ينحنِ بالرغم من عَدْو الموت، على مقلتيه صقيع، يمشي تاركا حزنه، يحمل قضية أرض، ووطن، له قلب كبير، رايته علو السماء، وصمود الجبال.

لم ينحنِ بالرغم من عَدْو الموت، على مقلتيه صقيع، يمشي تاركا حزنه، يحمل قضية أرض، ووطن، له قلب كبير، رايته علو السماء، وصمود الجبال، يتحدى القتلة، يُمْسِك بصوته الكبير وجعا يتجول، أمامه نافذة ضوء، هي بوصلته المرشدة.

يرسم الدحدوح حكايات، وخيبات شاردة، وملامح يملؤها الغبار والدم، وحزنا كبيرا، وكرنفالات من المقابر، يحفر صورة مبحوحة، يرسم دخان الخبر وابتلاع الأرض للإنسانية، حرائق تلتهم الجميع، أرض لم تعد صالحة للحياة.

الشاعرة المغربية منى وفيق: عن وائل الفارس النبيل

يغتالون زوجتك وابنك وابنتك وحفيدك في نفس التوقيت الذي تقوم فيه بتغطية مشاهد قصفهم الوحشي لغزة ثم أثناء البث المباشر تعرف عن ارتقاء عائلتك.. أنتَ الذي منذ 2008 تغطي حروب غزة حتى صرت صوتها الذي يرن في آذان العالم..

حاولوا كسرك كثيرا، اعتُقلتَ 7 سنوات في سجونهم قبل عملك مع الجزيرة وتم تدمير بيتك أكثر من مرة في الحروب، وأخيرا نعم.. هاهم يغتالون أسرتك.. ينتقمون منك ثم يخرج المحلل العسكري لقناتهم الـ13 ليعترف بأنهم كانوا يعلمون مسبقا أن الهدف كان عائلتك.

يفاخرون بدمويتهم وخستهم أمام العالم برمته.. فكيف تكون ردة فعلك يا وائل، أنت الذي كان يتوقع أن يدفنه ابنُه لا العكس.. أن يحمل حفيده نعشه لا العكس.. أن يكمل ابنك وابنتك واجبك المهني ويستمرا في إيصال صوت جراح وضحايا غزة للعالم.. هل تنهار؟ تفقد توازنك؟ تهرب بوجعك بعيدا عن الكاميرات؟ أم تصمت للأبد بعد اغتيال معنوي دموي مورس عليك.

لا شيء من كل ذلك، ستشرح دموعك وإنسانيتها وكم يعز عليك أن تفعل لكن لن تسمح لعدو أن يظل يشمت فيك وستعطي بتصريحك، بعد فقد عظيم، درسا في الكرامة والكبرياء والثبات.

عدوك الصهيوني يتباكى أمام جمعية الأمم المتحدة وهو المعتدي والوحشي في حين أنك مسحتَ دموعك في نفس اللحظة، ومضيت تُكمل واجبك المهني تجاه غزة وثباتك لأجل نصرتها.

أنت متألم وموجوع وتحتاج إلى الاختلاء بنفسك.. تحتاج إلى وقت للحداد ولاستيعاب مصيبتك ولكن لا وقت عندك.. الابتعاد لمداواة جراحك يعني التخلي عن وطنك في وقت حساس جدا يموت فيه مئات الفلسطينيين يوميا بأبشع الطرق.

تكتّم حزنك وتشد عليه، لأن الوطن قائم ومستمر بنضال الفرسان مثلك.. أيها الفارس الفلسطيني النبيل.

الكاتب اليمني عبده الحيقي: عن جسارة الفلسطيني

كنت منهمكا في عملي فإذا بزميل لي يناديني بصوت حزين: استهدف الاحتلال عائلة وائل الدحدوح، صاحبك (بحكم متابعتي وكتاباتي عنه في فيسبوك وإعجابي به).

بتجرد ونكران للذات يعود ليواصل نقل الحقيقة، رغم حزنه الكبير، وهذا يدل على جسارة الفلسطيني عموما وقوة وائل الدحدوح، الذي قاوم حزنه وعاد لإطلالته التي اعتدناها منذ زمن، ناقلا الحقيقة كما هي.

ذرفت عيناي بغزارة، حزنا على هذا الصوت المتعب الذي نسمعه كل يوم ينقل لنا حقيقة حرب الاحتلال على غزة، فصار ينقل لنا مأساته هو. ثم، بتجرد ونكران للذات يعود ليواصل نقل الحقيقة، رغم حزنه الكبير، وهذا يدل على جسارة الفلسطيني عموما وقوة وائل الدحدوح، الذي قاوم حزنه وعاد لإطلالته التي اعتدناها منذ زمن، ناقلا الحقيقة كما هي.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.