بقيمة حوالي تريليوني دولار باتت العملات المشفرة جزءا من الاقتصادي العالمي، وذلك ما يؤكده الأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس جو بايدن في 9 مارس/آذار، والذي يطلب من كل وزارة حكومية أميركية صياغة مقترحات عاجلة حول كيفية دمج العملات المشفرة في الاقتصاد.

تخطى الصعود المذهل للعملات المشفرة القواعد المالية، مما أدى إلى إنشاء مناطق رمادية يمكن أن تزدهر فيها الشركات الناشئة المبتكرة.

كانت فكرة شركة “بينانس” (BINANCE) عندما انطلقت في منتصف عام 2017 عبارة عن متجر للعملات المشفرة يمكن للأفراد العاديين -سواء كانوا يمتلكون 10 دولارات أو الملايين- الاستثمار فيها.

ونشر موقع “فورتشن” (Fortune) تقريرا للكاتبة فيفيان والت تتحدث فيه عن حجم شركة “بينانس” وكيف استولت هذه الشركة الناشئة على هذا الحجم من سوق تداولات العملات المشفرة إلى أن وصل حجم إيراداتها إلى حوالي 20 مليار دولار في عام 2021.

وأشارت الكاتبة إلى أن تداول أصول العملات المشفرة ظل على هامش العالم المالي لسنوات حتى ظهر الوباء الذي أجبر ملايين الأشخاص العالقين في منازلهم على البحث عن طرق لاستثمار مدخراتهم المهددة.

ومع انتشار حكايات الثراء السريع عن طريق العملات المشفرة وتغريدات إيلون ماسك انتقلت المؤسسات المالية التقليدية من الحذر إلى الترحيب، إذ بدأت شركة “باي بال”(PAYPAL) بقبول المدفوعات بالعملة المشفرة في مايو/أيار الماضي، وبدأت شركة “فيزا” (Visa) بإصدار بطاقات ائتمان مرتبطة بالعملات المشفرة.

وبعد 5 سنوات تتيح شركة “بينانس” الآن تداول 482 أصل رقمي إلى جانب عملتها المشفرة “بي إن بي”(BNB)، وعدد مستخدمين وصل إلى 1.6 مليون مستخدم على منصتها للرموز غير القابلة للاستبدال.

وتقدر وكالة “بلومبيرغ” أن إيرادات شركة “بينانس” تضاعفت أكثر من 3 مرات خلال العام الماضي، من 5.5 مليارات دولار في عام 2020 إلى حوالي 20 مليار دولار في عام 2021، معظمها من عائدات رسوم التداول.

ويقول كريس بريندلر كبير محللي أسهم التكنولوجيا المالية في شركة خدمات الاستثمار “دي آي دافيدسون” (DI Davidson) في نيويورك “إن نجاحهم ليس من قبيل الصدفة، لديهم أفضل تقنية وأفضل منصة وأفضل تنفيذ”.

لكن ما ينقص شركة “بينانس” -حسب الكاتبة- هو الضمانات والضوابط والتوازنات التي يتوقعها الجمهور عموما من أدواتها المالية.

ومع وجود موظفين منتشرين في شتى أنحاء العالم فإن “بينانس” (مثل العديد من مشاريع العملات المشفرة الأخرى) لم تتخذ قرارا منذ فترة طويلة بشأن ما إذا كانت ستتخذ مقرا لها أم لا.

وعندما انطلقت “بينانس” في يوليو/تموز 2017 تم تسجيلها في هونغ كونغ، وبعد أسابيع حظرت الصين تداول العملات المشفرة، فانتقلت الشركة بعد ذلك إلى اليابان ثم إلى سنغافورة، وشركة “بينانس” الرئيسية مسجلة حاليا في جزر كايمان.

أصبحت العملات المشفرة والأصول الرقمية مشكلة بالنسبة للنظام المالي العالمي في ظل غياب الحدود الوطنية والروابط مع العملات الورقية أو البنوك التقليدية، وقد تسبب استخدام العملات المشفرة في صفقات المخدرات ودفع الفدية وغسيل الأموال في فضائح كبيرة.

وحوّل الكثيرون أنظارهم إلى “بينانس” في الوقت الذي تلاحق فيه الجهات الرقابية العملات المشفرة، إذ حذرت المملكة المتحدة واليابان في العام الماضي الشركة من التداول دون ترخيص، وكذلك فعلت تايلند التي أصدرت شكوى جنائية ضد الشركة، إضافة إلى أنها ممنوعة حاليا من الإعلان عن أعمالها في تلك البلدان وبلدان أخرى.

وتعرضت “بينانس” أيضا للضغوط بسبب المنتجات التي تستضيفها، وبدأت في التداول في ما تسمى رموز الأسهم في أوائل عام 2021، وهي أصول عملات مشفرة مرتبطة بقيمة الأسهم التقليدية، وقد أثار ذلك غضب المنظمين في العديد من البلدان، مما أدى إلى سحب هذه الأصول في يوليو/تموز.

وفي سبتمبر/أيلول فتح المسؤولون الأميركيون تحقيقا داخليا ضد فرع “بينانس” في الولايات المتحدة للتحقق مما إذا كان الفرع أو موظفوه قد استغلوا بيانات المستخدمين للتربح من طلبات عملائهم أنفسهم قبل تنفيذها.

كما أن افتقار الشركة إلى مقر ثابت أغضب العديد من المسؤولين، ومن بينهم هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة التي قالت إن “الانتشار الجغرافي الواسع” للشركة جعل من المستحيل الإشراف عليها.

وتقول آيجا ليجنيسا -وهي محامية تحكيم دولية تقيم في باريس- إن التغييرات المتكررة لمقر الشركة ترقى إلى محاولات “تجاوز الولاية القضائية”، خاصة أن الشركة تدير أعمالها التجارية في أكثر المناطق تساهلا من حيث التنظيم.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.