مقدمة الترجمة

يسلط هذا المقال من “ذي أتلانتيك” الضوء على مشكلة لا تحظى عادة بالاهتمام الكافي، وهي عدم ملاءمة الكثير من أدوية السرطان لكبار السن بسبب نقص تمثيل هذه الشريحة في التجارب السريرية. النتيجة المباشرة لذلك هي أن  العديد من أشكال العلاج الكيميائي أثبتت أنها أشد سمّية على كبار السن، وهو ما يقلل فرصهم في الاستفادة من هذه العلاجات.

نص الترجمة

في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، تلقى جيم يلدل البالغ من العمر 84 عاما تشخيصا بسرطان الرئة في المرحلة الثالثة. يتذكر يلدل أن العقار الأول الذي جربه أدى إلى اضطرابات في توازنه وتنظيم حركته، لذلك خفّض طبيبه الجرعة إلى النصف للحد من هذه الآثار الجانبية. وبجانب ذلك، أوصاه بدورة علاجية تشمل العلاج الكيميائي والإشعاعي ودواء يستهدف نوعا معينا من الطفرات الجينية.

قد تحمل هذه الجرعة قدرا معتبرا من المنطقية والفعالية لدى الشباب، لكنها قد تكون “شديدة السمّية” عند كبار السن وأصحاب البنية الضعيفة، وذلك حسبما صرَّحت به إليزابيث كفالي أخصائية الرعاية التلطيفية (التي توفر الرعاية الصحية والراحة للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة أو مزمنة) التي تعمل بكلية بايلور للطب بالولايات المتحدة، وتُعَدُّ في الوقت ذاته زوجة ابن يلدل. تكمن المشكلة الرئيسية في أن فئة كبار السن لم تلقَ حق تقديرها ولم تُمثَّل بقدرٍ كافٍ أثناء التجارب السريرية المهتمة بالعلاجات الجديدة للسرطان. لم يكن يلدل ليُدرك هول الخطب الذي نزل به ولا بالسمّية المُحتمَلة للعلاج لولا زوجة ابنه التي شاهدت الآثار الجانبية الشديدة للعلاج على كبار السن وهم يقارعون المرض في عيادتها.

مخاوف ظالمة

من ضمن الحقائق التي لا تخطئها العين هو عدم وجود ما يكفي من الأدلة حول فعالية مختلف الأنواع المتاحة من علاجات السرطان بالنسبة لكبار السن. (شترستوك)

هذا النقص في البيانات الخاصة بالفئات العمرية المختلفة له تداعيات سلبية عميقة على الرعاية السريرية، بمعنى أن كبار السن هم أكثر عُرضة من الشباب للإصابة بالسرطان. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، تصل نسبة كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 70 عاما ومصابين بالسرطان إلى 42%، وهو رقم قابل للنمو في السنوات المقبلة، ومع ذلك نجدهم يُشكِّلون أقل من ربع الأشخاص في التجارب السريرية المهتمة باختبار علاجات جديدة للسرطان. تعليقا على هذا الوضع، يرى مينا سدراك، أخصائي الأورام ومدير برنامج السرطان والشيخوخة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، أنه أثناء تلك التجارب غالبا ما يقع الاختيار على المشاركين من بين الأشخاص الأكثر صحة في فئة كبار السن، الذين قد لا يعانون من حالات مرضية شائعة مرتبطة بالعمر مثل مرض السكري أو ضعف وظائف الكلى أو القلب.

على مدى عقود، كانت التجارب السريرية تميل إلى استبعاد المشاركين الأكبر سِنًّا لأسباب عديدة، منها مخاوفهم من أن الأمراض التي يعاني منها المرضى بخلاف السرطان والأدوية الأخرى التي يتناولونها قد تؤثر على نتائج التجارب السريرية، أما المخاوف الأخرى فمتعلِّقة بمدى صعوبة سفرهم إلى مواقع التجربة بحكم سنهم، مما يجعل من الصعب تحديد فعالية الأدوية المعتمدة لعلاج السرطان لدى كبار السن.

وكما نرى، فإن هذه الفئة دائما ما نجدها في مواجهة خطر محدق في ظل عدم وجود بيانات كافية حول كيفية تأثير العلاجات الجديدة عليها، ومع ذلك لا بد أن تقرر ما إذا كانت ترغب في متابعة علاج قد لا يكون فعالا أو آمنا بالنسبة إليها بقدر ما كان آمنا للمرضى الأصغر سِنًّا في التجارب السريرية. ومن ضمن الحقائق التي لا تخطئها العين هو عدم وجود ما يكفي من الأدلة حول فعالية مختلف الأنواع المتاحة من علاجات السرطان بالنسبة لكبار السن، سواء كانت علاجات كيميائية، أو إشعاعية، أو مناعية، تلك المعروفة باسم “مثبطات نقاط التفتيش المناعية” (Immune checkpoint inhibitors) (وهي نوع من الأدوية التي تساعد جهاز المناعة على محاربة السرطان بمنع البروتينات التي تساعد الخلايا السرطانية على التهرب من جهاز المناعة)، وهو ما قد يُسفر في بعض الأحيان عن عواقب وخيمة.

تكمن المشكلة الحقيقية في أن العديد من أشكال العلاج الكيميائي أثبتت أنها أشد سمّية على كبار السن، وهو ما يُعَدُّ “مشكلة عويصة” وفقا لما صرَّح به سدراك. وللتخفيف من هذه الآثار الجانبية، لجأ الأطباء إلى تغيير الجرعات المتعلِّقة بكبار السن أو تقليص مدة تناولهم للأدوية لعلهم بذلك يتفادون نهاية محزنة، غير أنهم يفعلون ذلك دون الاعتماد على أي إرشادات حقيقية يمكن أن يُعوَّل عليها، مما يزيد من تفاقم الوضع عند هؤلاء المرضى.

فجوة هائلة بين التجارب والواقع

تكمن المشكلة الحقيقية في أن العديد من أشكال العلاج الكيميائي أثبتت أنها أشد سمّية على كبار السن، وهو ما يُعَدُّ “مشكلة عويصة” وفقا لما صرَّح به سدراك. (شترستوك)

رغم توصيات المُمولين والجهات الرقابية والتغطية الإعلامية المكثفة، لم يتغير الكثير في العقود الثلاثة الماضية فيما يتعلق بتحسين الوضع الحالي لكبار السن. تعليقا على ذلك، تقول إليزابيث كفالي أخصائية الرعاية التلطيفية بكلية بايلور للطب: “يتفق الجميع على أن ما يحدث حاليا يُمثِّل مشكلة حقيقية، ومع ذلك لا توجد توجيهات كافية حول كيفية التحسين أو بذل جهد أفضل في معالجة هذه الفئة العمرية. لذا فالتداعيات الناجمة عن هذه المشكلة لها تأثيرات مُتبدِّية بوضوح على أرض الواقع”.

تمكنت الدراسات التي أُجريت بعد الموافقة على استخدام عقاقير السرطان من إلقاء الضوء على الفجوة بين كيفية استخدام هذه الأدوية في التجارب السريرية وكيفية استخدامها في العيادات في جميع أنحاء البلاد. عندما شرع الطبيب والباحث في مجال السرطان “كاري جروس” من جامعة ييل الأميركية في دراسة استخدام نوع جديد من مثبطات نقاط التفتيش المناعية، كان يعلم حينذاك أن معظم الأطباء أدركوا جيدا أن التجارب السريرية قد أغفلتْ فئة كبار السن.

لذا ساور فريق جروس البحثي شك بأن بعض الأطباء اعتراهم شيء من الارتباك، وقد يتوخون الحذر عند ترشيح هذه العلاجات لكبار السن. وعن ذلك يقول جروس: “ربما سيكون هؤلاء الأطباء أشد حذرا عند كتابة هذه العقاقير لكبار السن، وسيُفضِّلون -بدلا من ذلك- عرض هذه الأدوية على المرضى الأصغر سِنًّا أولا”.

(شترستوك)

ولكن في تحليل أُجري عام 2018 لأكثر من 3000 مريض، توصل جروس وزملاؤه إلى أنه بمجرد مرور أربعة أشهر فقط على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أدوية السرطان الجديدة، وصف الأطباء هذه العقاقير لمعظم المرضى المؤهلين لتلقي فئة من مثبطات نقاط التفتيش المناعية. لكن تظل المشكلة في أن المرضى الذين تلقوا هذا العلاج في العيادات كانوا أكبر بكثير من أولئك الذين شاركوا في التجارب السريرية. وعن ذلك يعلّق جروس بقوله: “كان أطباء الأورام مستعدين تماما لإعطاء هذه الأدوية للمرضى الأكبر سِنًّا، على الرغم من عدم تمثيلهم بدرجة كافية في التجارب السريرية، وعدم توافر الكثير من البيانات حول سلامة وفعالية هذه الأدوية عليهم”.

في العام ذاته، أجرى جروس وزملاؤه دراسة أخرى لفهم كيف ساعدت هذه الأدوية المرضى المصابين بسرطان الرئة. توصل الفريق إلى أن هذه العقاقير أطالت من عمر المرضى الذين تقل أعمارهم عن 55 عاما بمتوسط خمسة أشهر، في حين منحت الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 75 عاما فرصة العيش لمدة شهر واحد فقط. وبحسب ما أدلى به جروس، فإن هذه الأدلة لا تعني أن مثبطات نقاط التفتيش ليست مفيدة لكثير من المرضى، ومن المهم تحديد الفئة العمرية التي يمكن أن تستفيد أكثر من هذه العقاقير: “كان لدي توقعات أعلى بشأن الفائدة الناتجة عن استخدام هذه العقاقير وقدرتها على زيادة نسبة بقاء المرضى على قيد الحياة، وهو ما يدعونا للتساؤل عن الطريقة التي نتبعها عند إجرائنا للأبحاث، إذ بِتنا في أشد الحاجة إلى توجيه المزيد من الجهود لدراسة تأثير هذه العقاقير على كبار السن وتحسين الأبحاث المتعلِّقة بهم”.

تكاليف باهظة

لا تقتصر المشكلة على العلاجات الجديدة للسرطان، فما لا نفطن إليه هو أن المرضى الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما لا يستجيبون جيدا للأنواع الأخرى من علاجات السرطان أيضا، فنحو نصف المرضى من كبار السن المصابين بمراحل متقدمة من السرطان يكابدون آثارا جانبية قد تودي بحياتهم خلال فترة العلاج الكيميائي، وهو ما قد يدفع أطباء الأورام لتقليل جرعات الأدوية كما حدث في حالة يلدل.

ترى إليزابيث كفالي أن ثمة آصرة قوية بين عدم وجود أدلة كافية من التجارب السريرية وبين تدهور النتائج في العيادات على أرض الواقع: “على الرغم من الحماس الشديد إزاء هذه الأدوية التي لا تبدو ضارة كثيرا أو شديدة السمّية في البداية، فإن فهم نقاط القوة والضعف في استخدام هذه العقاقير يظل أمرا حاسما، لا بسبب فعاليتها فحسب، بل لأن تكلفة مثل هذه الأدوية قد تكون في بعض الأحيان باهظة الثمن”.انب المالي أمر حساس ويُشكِّل تحديا بالنسبة للرعاية الصحية المُكلَّفة بتغطية نفقات الأدوية الجديدة للسرطان، تلك التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA). وعن هذا يستطرد قائلا: “من الغريب بعض الشيء أن تكون برامج الرعاية الصحية مُلزمة بتغطية تكاليف هذه الأدوية رغم عدم توافر معلومات كافية بشأن مدى فعاليتها مع كبار السن”.

يقول سدراك: “تظل القوة المحركة لقضية عدم تطور علاج السرطان بدرجة كافية لدى كبار السن هي أن التجارب السريرية تغفل فئة كبار السن، وكل ما تميل إليه هو التركيز على بقاء المريض على قيد الحياة. (بيكسلز)

منذ التقارير الأولى عن فجوة البيانات المتعلِّقة بفعالية الأدوية في فئة كبار السن، حاول الباحثون حل هذه المشكلة مبدأيا بإجراء تغييرات في التجارب السريرية لتسهيل عملية التسجيل على كبار السن. لم يعد هناك -على سبيل المثال- حد أقصى لسن المشاركين في معظم الدراسات، وفي العام الماضي أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إرشادات للتجارب المُمولة توصي بضم كبار السن في الدراسات، وتخفيف المعايير الأخرى التي تُحدد مشاركة الأفراد في التجارب السريرية عن طريق تقليل القيود المفروضة على مَن يعانون من تراجع طبيعي في وظائف الكلى المرتبطة بالعمر. ومع ذلك، لا تزال المشكلة قائمة. بيدَ أن الجهود المبذولة في سبيل حل هذه المشكلة لم تكن كافية حتى الآن.

عندما شرع فريق البحث بقيادة سدراك في فهم سبب عدم تحقيق تقدُّم كبير خلال العقود الأخيرة في هذا المجال، توصل الباحثون إلى عدة تفسيرات، منها المعايير الأهلية التي قد تستبعد كبار السن عن غير قصد، أما التفسير الآخر فمرتبط بقلق الأطباء إزاء قدرة مرضاهم المسنين على تحمل الآثار الجانبية للأدوية الجديدة، ولا تقتصر هذه المخاوف على الأطباء فحسب، بل تتغلغل إلى المرضى ومقدمي الرعاية أيضا، فضلا عن أن صعوبات الاشتراك في التجارب السريرية تُمثِّل تحديات إضافية.

في السياق ذاته، يقول سدراك: “من بين كل هذه العوامل، تظل القوة المحركة لقضية عدم تطور علاج السرطان بدرجة كافية لدى كبار السن هي أن التجارب السريرية تغفل فئة كبار السن ولا تضعهم في الحسبان، وكل ما تميل إليه هو التركيز على بقاء المريض على قيد الحياة. صحيح أن كبار السن يهتمون بهذا الأمر، لكنهم يملكون دوافع أخرى ومخاوف قد تتعلق بالتأثيرات الجانبية للعلاج على الصحة العامة أو على حياتهم الاجتماعية.

المشكلة أن معظم التجارب السريرية تهدف إلى قياس التحسينات التي طرأت على صحة المرضى بمتابعة حجم الأورام أو عدد الأشهر الإضافية التي سيكتسبها المريض. ومع ذلك، فإن هذه القضايا ليست الأولوية بالنسبة لكبار السن وفقا لما أدلى به سدراك الذي دائما ما يتلقى أسئلة من كبار السن حول الآثار الجانبية لهذه العقاقير على الوظائف الإدراكية لهم، وإلى أي مدى ستؤثر على قدرتهم على العيش بطريقة مستقلّة دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين. وعن ذلك يقول سدراك: “نحن لا نجشِّم أنفسنا عناء محاولة أن نضع في اعتبارنا الأهداف والمخاوف الفعلية التي ينشغل بها كبار السن أثناء إجرائنا للتجارب السريرية”.

مسار علاج أخف وطأة

(شترستوك)

بصورة عامة، غالبا ما يُعاني كبار السن من الآثار الجانبية للعلاج بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان تكون هذه الآثار شديدة إلى الحد الذي يكون فيه العلاج المُقدَّم أشد خطورة من المرض ذاته. ونظرا لعدم وجود أدلة من التجارب السريرية، حاول الأطباء والمرضى أن يتلمسوا طرقا أخرى للتنبؤ بكيفية تأثير سن المريض على استجابته للعلاج. في حالة يلديل على سبيل المثال، أدت المناقشات مع زوجة ابنه كفالي وفريق الرعاية الصحية له، إلى اختيار مسار علاج أقل كثافة أو أخف وطأة، مما حافظ على استقرار سرطانه منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2022. والجميل أن يلدل ما زال يعيش حاليا في منزله الخاص ويتمرن مع مدرب له ثلاث مرات في الأسبوع.

يعمل الباحثون على تطوير أدوات يمكنها إنشاء صورة أدق لتأثير العلاج على كبار السن من خلال حساب العمر الفسيولوجي للمريض (فبدلا من الاعتماد فقط على عدد السنوات التي عاشها، يضع الأطباء في اعتبارهم العوامل الفسيولوجية الأخرى التي قد تؤثر على تحمله للعلاج ومدى توافقه معه). في تجربة سريرية أُجريت عام 2021، لجأت سوبريا موهيل، الطبيبة المتخصصة في علاج الأورام السرطانية لدى كبار السن بجامعة روتشستر بالولايات المتحدة، وزملاؤها إلى استخدام إحدى هذه الأدوات والمعروفة باسم “تقييم الشيخوخة” (geriatric assessment) لتحديد الآثار الجانبية لعلاجات السرطان ومدى سمّيتها على كبار السن. تقيّم الأداة العمر البيولوجي للشخص بناء على اختبارات فسيولوجية مختلفة. (ملحوظة: تقييم الشيخوخة هو عملية تقييم شاملة للوظائف الفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والوظيفية للشخص المسن).

أثناء هذه الدراسة، استعان فريق البحث بأكثر من 700 مريض سرطان تبلغ أعمارهم نحو 77 عاما. كان لدى الفريق خطة علاجية جديدة تنطوي على مخاطر تسمم عالية. قُسِّم المشاركون إلى مجموعتين؛ تلقت المجموعة الأولى توصيات مُحدَّدة من الأطباء حول العلاج المناسب لكل مريض، وذلك بناء على تقييم الحالة الصحية للمريض وعمره، في حين لم يتلقَّ النصف الآخر أي توجيهات معينة. تبيَّن أن نصف المجموعة التي تلقت التوصيات لم تعانِ من آثار جانبية خطيرة للعلاج الكيميائي، فيما عانى 71% من الذين لم يتلقوا أي توصيات من آثار جانبية خطيرة.

يمكن للأطباء والمرضى اللجوء إلى أدوات مثل “تقييم الشيخوخة” لمساعدتهم على اتخاذ خيارات أفضل وأكثر استنارة. (شترستوك)

ترى سوبريا موهيل أنه في بعض الأحيان، قد يتلقى المرضى جرعة من العلاج أقل من اللازم أو يواجهون تأخيرا في بدء العلاج، لكن هذا النوع من التقييم يمكن أن يساعد في ضمان توفير الجرعة الصحيحة والوقت المناسب للعلاج الكيميائي للمريض، ويمكن أن يساعد أيضا في تجنب العلاج المفرط لأولئك الذين يواجهون آثارا جانبية خطيرة. ورغم الدور الذي يلعبه هذا التقييم في تحسين استخدام العلاج، فإنه لا يعوضنا عن البيانات المفقودة حول تأثير العلاج على كبار السن في التجارب السريرية. لكن ما دمنا لا نملك مثل هذه البيانات إلى الآن، فيمكن للأطباء والمرضى اللجوء إلى أدوات مثل “تقييم الشيخوخة” لمساعدتهم على اتخاذ خيارات أفضل وأكثر استنارة.

على الجانب الآخر، ترى موهيل أنهم لم يجدوا حتى الآن حلا فعالا للمشكلة أو لم يتمكنوا من التقدم جيدا في هذا المجال، وبالتالي قرروا أن ينثنوا قليلا عما اعتزموه ويلجأوا إلى الحلول التقليدية “كأدوات التقييم” لمساعدة الأطباء في اتخاذ القرارات. ورغم أن أطباء الأورام يدركون جيدا حاجتهم إلى أن يتلمّسوا طرقا أفضل يمكنها أن تلعب دورا مرشدا في اتخاذ القرارات، يظل من المهم إجراء التقييمات لكبار السن حتى نحصل على بيانات أدق تؤهل لاتخاذ القرارات المتعلِّقة بعلاج السرطان والتخفيف من وقع معاناة المرضى.

منذ عام 2018، أوصت الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري باستخدام هذا التقييم لتوفير رعاية ملائمة ومتخصصة لمرضى السرطان المسنين. ومع ذلك، تحرك الأطباء بوتيرة بطيئة للغاية لإجراء هذا التقييم على المرضى، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن هذا التقييم لا يُظهِر أي فوائد إضافية، مثل انكماش حجم الأورام أو زيادة عمر المرضى. لكن ما لم يفطن إليه الأطباء حينذاك أن الغرض الرئيسي لأداة التقييم لم يكن النجاة بقدر ما كان يتمحور حول تحسين جودة حياة المرضى (أي تحسين العوامل المرتبطة بالحياة اليومية للمرضى مثل القدرة على الحركة دون مساعدة والنوم والتواصل الاجتماعي).

في نهاية المطاف، تختتم موهيل حديثها قائلة: “نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من التجارب العلاجية المستقبلية على كبار السن، ولكي نفعل ذلك سنحتاج أيضا إلى تمويل جميع هذه الآليات الأخرى لندرك ما الذي يجب علينا فعله لمساعدة كبار السن الموجودين على أرض الواقع”.

____________________________

ترجمة: سمية زاهر

هذا التقرير مترجم عن  The Atlantic ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.