تجاوزت 80 مليار دولار القيمة السوقية لعملة “تيثر” (Tether) مما يجعلها أكبر عملة مستقرة في السوق الرقمية ومصدرًا أساسيًا للسيولة في اقتصاد العملات المشفرة.

وفي تقريرهما الذي نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”(Financial Times) البريطانية، قال الكاتبان سيدهارث فينكاتاراماكريشنان وجوشوا أوليفر إن تراجع سعر “تيثر” أدى إلى تصعيد التوترات في أسواق العملات المشفرة مما يؤكد الدور المركزي الذي تلعبه العملات المستقرة في التداول اليومي للأصول الرقمية مثل البيتكوين.

ومع أنه من المفترض أن تكون عملة “تيثر” مقوّمةً بالدولار فقد بلغ مستوى تداولها 95.11 سنتًا يوم الخميس. وقد أدى تراجع قيمة “تيثر” إلى فرض مزيد من الضغط على سوق العملات المشفرة الذي يعاني بالفعل من انهيار قيمة عملة “تيرا”. وفيما يلي، أهم الأسباب التي توضح أهمية عملة “تيثر” في سوق التشفير وما يمكن أن يحدث إذا انهارت.

ما العملة المستقرة ولماذا تعتبر “تيثر” مهمة؟

تعد العملات المستقرة نوعًا من العملات المشفرة المرتبطة بأصول أخرى لتقليل تقلب قيمتها، ولعب دور وسيط حاسم بين العملات القويّة مثل الدولار واليورو والعملات الرقمية مثل “بيتكوين” و”إيثر”. وقد يكون استخدام الدولارات العادية لشراء العملات المشفرة أمرًا صعبًا على المتداولين، حيث تكون التسوية بطيئة ويمكن أن يتغيّر سعر العملات مثل البيتكوين بشكل كبير.

بدلا من ذلك، عادةً ما يستخدم المتداولون العملات التقليدية لشراء العملات المستقرة، التي يتم قبولها في العشرات من بورصات العملات المشفرة. ويتيح ذلك للمتداولين شراء وبيع الأصول الرقمية المتقلبة بسرعة أكبر.

يبلغ حجم تداول عملة “تيثر” أكثر من 80 مليار دولار، مما يجعلها أكبر عملة مستقرة في السوق الرقمية ومصدرًا أساسيًا للسيولة في اقتصاد العملة المشفرة.

لماذا تحظى بشعبية كبيرة؟

لا تزال عملة “تيثر” تحظى إلى حد ما بمكانة هامة في السوق إلى جانب عملة “يو إس دي كوين”(USD) التي تمثل 30% من السوق، وذلك وفقًا لموقع بيانات التشفير “كوين جيكو”(Queen Gekko).

تعتبر “تيثر” أقدم عملة مستقرة في السوق ولا تزال تهيمن على سوق العملات المستقرة، لا سيما في الأسواق خارج الولايات المتحدة. وقد هيأت عملة “يو إس دي”، التي تم إطلاقها عام 2018، نفسها كخيار أكثر وديّة للولايات المتحدة. وتعمل شركة “سيركل” (circle)، التي تدير عملة “يو إس دي”، بالتعاون مع منصة “كوينباس” (Coinbase) للترويج لاستخدامها لأغراض تحويل الأموال غير المشفرة.

لعملة “تيثر” بعض الاستخدامات بعيدًا الإنترنت وخارج الولايات المتحدة كبديل للدولار، حيث يكون الوصول إلى العملة الفعلية محدودًا. ففي ديسمبر/كانون الأول، اعترفت حكومة الوحدة الوطنية المعارضة في ميانمار بـ “تيثر” كعملةً رسمية.

لماذا تعتبر “تيثر” مثيرة للجدل؟

كثيرًا ما تساءل النقاد عن شهادات “تيثر” بأن رموزها المميزة مدعومة بالكامل من خلال الأصول. ويُذكر أن مكتب المدعي العام في نيويورك ولجنة تداول السلع الآجلة فرضا غرامة جماعية على الشركة تقدر بـ 60 مليون دولار بسبب مزاعم بأنها ادعت زورًا أن رموزها كانت مدعومة بالكامل بالدولار حتى عام 2019. وبعد التسوية مع المسؤولين في نيويورك، بدأت “تيثر” في نشر البيانات المالية التي تظهر انهيار احتياطياتها.

ماذا يحدث إذا خسرت “تيثر” دعم الدولار فترة طويلة؟

رغم تسويق العملات المستقرة باعتبارها مستقرة، إلا أن قيمتها في الواقع تتقلب باستمرار. وقد وجد تقرير صادر عن “جيه بي مورغان” (JP Morgan) في يوليو/تموز من العام الماضي أن أكبر 4 عملات مستقرة أمضت ما بين 30-40% من الأشهر الثلاثة السابقة في التداول دون المستوى المطلوب.

مع ذلك، تعتبر هذه التقلبات قليلة نسبيًا. وفي حال خسرت عملة “تيثر” ارتباطها بالدولار (تيثر واحد يساوي دولارا واحدا) بفارق كبير لفترة طويلة، فقد يزعزع ذلك استقرار سوق العملات المشفرة. وسيجد متداولو العملات المشفرة الذين يحتفظون باحتياطيات كبيرة من عملة “تيثر” أن قيمتها تراجعت، مما قد يجبرهم على بيع الرموز الأخرى ويدفعهم لاستبدال عملاتهم التي انخفضت قيمتها بالدولار.

وفي الوقت الذي يندفع فيه الناس لاسترداد قيمة “تيثر” بالدولار، سيتعين على داعمي العملة المستقرة بيع الأصول التقليدية التي يزعمون أنهم يحتفظون بها من أجل السداد. وقد يؤدي تدفق عمليات البيع إلى تعطيل الأسواق التقليدية الرئيسية، مثل أسواق ديون الشركات قصيرة الأجل أو السندات الحكومية.

عموما، يشعر محافظو البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم بالقلق من أن تأثير انهيار العملة المستقرة يمكن أن ينتشر في الأسواق المالية التقليدية. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذّرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين من أن انخفاض قيمة عملة “تيرا” يوضح أن العملات المستقرة “منتج سريع النمو ينطوي على مخاطر سريعة النمو أيضًا”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.