عمان – يعد تعليم الأطفال والمراهقين كيفية وضع الميزانية أحد أهم دروس المال، فما الميزانية؟ ولماذا هي مهمة؟ وكيف يستطيع الآباء والأمهات تعليم الأبناء إدارتها بمسؤولية؟ للإجابة على هذه التساؤلات التقت الجزيرة نت العديد من الخبراء، فما نصائحهم؟

شرح المفاهيم المالية

تقول الاستشارية النفسية التربوية الدكتورة رلى أبو بكر “نعلم أطفالنا الكثير من الأمور عن الحياة عادة، الأمر الذي يغفل عنه الأهل ولا يمثل أولوية لهم هو تعليم الطفل إدارة المال، لذلك من المنطقي أن ينتقل النقص في الانضباط المالي مع الطفل حتى مرحلة البلوغ”.

وتبين أن الأطفال يتأثرون بالمهارات المالية والمناهج التي يتم تصميمها ومناقشتها وإظهارها من قبل أهاليهم، فعلى الوالدين معرفة أهمية تقديم العادات المالية الجيدة لأطفالهم، وبذل الجهد لمناقشة وشرح المفاهيم المالية في وقت مبكر وحسب المرحلة العمرية.

ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها أغلب الأهل أنهم ينتظرون أن يصبح أبناؤهم في عمر المراهقة حتى يبدؤون التحدث معهم عن كيفية إدارة المال، إذ إن تعليم الأطفال الإنفاق والادخار في سن مبكرة يساعدهم على فهم بعض المفاهيم الأساسية الضرورية من تحمل المسؤولية والإدخار، وكل هذا يعدّهم للحياة بالشكل المناسب، وفق الاستشارية رلى.

الدكتورة رلى أبو بكر: على الأهل مساعدة أبنائهم على إدارة مصروفهم وتعليمهم كيفية البدء في إدخار الأموال (الجزيرة)

التخطيط المالي

وتوضح الدكتورة رلى أبو بكر أنه بمجرد أن يفهم الأطفال أن المال هو مورد محدود، وأن الأخطاء المالية لها تداعيات، يمكن للأهل تعريفهم على مفاهيم الادخار، وواحدة من أفضل الطرق لمساعدة الأطفال على الحصول على أهمية التخطيط المالي هي منحهم مصروفا أسبوعيا أو شهريا، والسماح لهم بكسب أموال إضافية عن طريق استكمال الأعمال المنزلية في جميع أنحاء المنزل مثل: العمل في الحديقة الذي عادة ما تدفع أجرته لشخص آخر.

وتشير الأبحاث إلى أن حصول الأولاد على مصروف يمكن أن يساعدهم في بناء مهاراتهم المالية، إلا أن الفوائد الحقيقية لا ترى إلا عندما يتم توجيههم بشأن كيفية وضع ميزانيتها وكيف يتم إنفاقها.

وعلى الأهل توضيح الاحتياجات الأساسية في الحياة للطفل، وأنهم يدفعون المال مقابل أشياء يحتاجها طفلهم بالفعل مثل الطعام والشراب والملابس والتعليم، ومع ذلك إذا كان هناك شيء يريده ولكن لا يحتاجه حقا مثل لعبة جديدة؛ فيجب عليه استخدام مصروفه لدفع ثمنها، وإذا لم يكن لديه ما يكفي من المال، يتعين عليه الانتظار لفترة يقوم خلالها بالتوفير.

6- يجب تعليم المراهق قيمة المال وأنه لا يأتي بشكل تلقائي- (بيكسلز)
يقع على عاتق الأهل مسؤولية تعليم أولادهم ملكة الإدارة المالية (بيكسلز)

إدارة المصروف

وتذكر الدكتورة رلى طرقا تمكّن الأهل من مساعدة أبنائهم على إدارة مصروفهم، وتعليمهم كيفية البدء في إدخار الأموال، ويجب أن يفهم الأطفال الفرق بين ما يريدونه وما يحتاجونه، بإعطائهم وعاءين أحدهما لوضع المدخرات والآخر للنفقات، كما يمكن الطلب من الأطفال كتابة قائمة الأشياء التي يرغبون في شرائها، ومناقشتهم حول كل عنصر في القائمة، وما إذا كانوا يحتاجونه فعلا أو يريدونه فقط.

وتوضح رلى أن على الأهل الحرص على تعليم الأطفال اتخاذ قرارات مالية جيدة، وإشراكهم في التخطيط المالي الأسري، على سبيل المثال يمكن إخبار الأطفال بما يلي “نريد أن نشتري جهاز تلفاز جديدا، ولكن يجب أن ندخر المال لإصلاح المدفأة الكهربائية حتى لا يكون الجو باردا في المنزل في أيام الشتاء القادمة، وبمجرد أن نصلحها، يمكننا التفكير والبحث عن جهاز التلفاز المناسب لميزانيتنا”.

وتتابع أن الأطفال يتلقون غالبا أموالا في مناسبات خاصة، مثل الأعياد أو العطلات، ومن الجيد أن يشعر الطفل بأنه يكبر ويقوم بإيداع المال برفقة والديه في البنك عبر فتح حساب توفير باسمه.

وتبين أن تعليم الأطفال مهارات إدارة المال في أي مرحلة سيستغرق بعض الوقت من الأهل، ولن يكون الأمر سهلا دائما، ولكن إذا كنت تريد أن يعرف أطفالك كيفية إدارة أموالهم بنجاح عندما يكبرون، سيكون قضاء الوقت معهم الآن أمرا يستحق العناء.

الدكتور علاء اللحام- (الجزيرة)
الدكتور علاء اللحام: للأسف إكساب المهارات المالية يكاد يكون معدوما في المراحل الدراسية (الجزيرة)

مهارة التدبير المالي

من جهته يقول اختصاصي الطب النفسي الدكتور علاء اللحام “أهم ما يميز تربية الأولاد هو عنصر إكساب المهارات الحياتية، التي هي بمثابة السنارة التي يستخدمها الطفل عند انفتاحه على واقع الحياة، ومهارة التدبير المالي تعد من أبرز السمات التي لابد للفرد أن يمتلكها حتى يستطيع القيام على شؤونه وشؤون من يعيل، وللأسف فإن إكساب مثل هذه المهارات يكاد يكون معدوما في المراحل الدراسية، فينهي الطالب فترة دراسته ولم يُؤسس بثقافة مالية ولو بالحد الأدنى”.

ويضيف علاء اللحام أن الأهل يقع على عاتقهم مسؤولية تعليم أولادهم ملكة الإدارة المالية، ومما يعين على ذلك:

  1. تعليم الطفل معنى مسؤولية كل فرد عن نفسه، فهو المكلف بتدبير أموره والتعامل مع مشكلاته (ويكون هذا بشكل تدريجي لا تعسفي).
  2. تعليم الطفل أن الحياة ليست وردية أو في متناول اليد دائما.. بل هناك عقبات ومصاعب، وهذا هو أساس الحياة.
  3. تعليمهم قيمة المال وأنه لا يأتي بشكل تلقائي، بل هناك من يعمل ويكدح مقابل تحصيل هذا المال الذي يصرف في قضاء الحاجيات والكماليات.
  4. تعليمهم أن يمنعوا أنفسهم عن أشياء يرغبون فيها من أجل الموازنة بين الضروريات والمتطلبات الثانوية.
  5. تكليفهم بمهام بسيطة بداية، وتصعيدها تدريجيا فيما يتعلق بصرف الأموال بالشكل المناسب.
  6. حثهم على خوض تجربة العمل، وهذا يحقق ارتباطا ذهنيا بين المال وضرورة بذل المجهود الذهني أو البدني.
  7. تشجيعهم على خوض تجربة التجارة إن أمكن (بشكل مناسب لفئتهم العمرية)، وهذا يكسبهم مهارات التفاوض ويرسخ مهارة التداول وصرف المال.
  8. أن يستذكر الأهل أن الحياة في جانب منها مخاطرة وتحتاج للتجربة، فلا طائل من فرط الحماية تجاه الأولاد، وأن الشجاعة مكون أساسي للإقدام على المشاريع بعد استنفاد وسائل الدراسة المتأنية.
  9. تشجيعهم على قراءة كتب تعلم ماهية المال وسبل تدبيره، وهذه الكتب متوافرة بكثرة وبلغة سهلة متداولة.

خطوط حمرٌ

ويذكر اللحام أن هناك خطوطا حمرا يجب أن لا يتم تجاوزها في ميزانية الأسرة، “يجب أن لا يقتر الأهل في خانة الاحتياجات الأساسية التي لا يستغنى عنها وتشكل قوام الحياة وتعبر عن حاجات فيسيولوجية ووجدانية، من طعام مناسب ولباس يراعي الظروف البيئية ومتطلب المكان، ورعاية صحية مناسبة، وتعليم يضمن رعاية قدرات الطفل ومواهبه، وتمكين اجتماعي يضمن للابن شبكة علاقات تحقق ذاته وتبرز هويته وتشعره بالحميمية والانتماء”.

3- إحدى الطرق لمساعدة الأطفال على الحصول على مذاق التخطيط المالي هي منحهم مصروف شهري أو أسبوعي- (بيكسلز)
مشاركة ابنك المراهق في الأمور المالية قد تكون أفضل طريقة لتعليمه كيفية وضع الميزانية (بيكسلز)

أساسيات تعليم الميزانية للمراهق

تحت عنوان “الميزانية للمراهقين.. ما تحتاج إلى معرفته”، نشر موقع “ذا بالانس موني” (The Balance Money) عدة نصائح بشأن كيفية تعليم المراهق أساسيات الميزانية، ومنها:

  1. كحد أدنى، يجب أن يفهم المراهق مفهوم الميزانية، وهي خطة لإنفاق الأموال كل شهر، ويمكنك تجنب الديون أو إنفاق أموال أكثر مما لديك عن طريق وضع خطة لمكان تذهب أموالك وتأتي منه، في أبسط أشكالها، فإن أهم عنصرين ضروريين لإعداد الميزانية هما الدخل والنفقات، لذا يجب أن يعرف المراهق كيفية تتبع دخله ونفقاته وما تبقى لديه، مما يمنحه الفرصة للتعلم من النمط الشهري الذي يعتاد عليه.
  2. يمكن للآباء الدخول مع ابنهم المراهق في مناقشات أكثر تفصيلا بشأن الميزانية بمجرد تغطية الأساسيات، على سبيل المثال، التطرق إلى الفرق بين المصاريف الثابتة والمتغيرة، والمصاريف المتوقعة والفعلية.
  3. قدك مثالا يحتذى به عبر مشاركة تفاصيل ميزانيتك الخاصة، فالأطفال والمراهقون شديدو الانتباه، وغالبا ما يتطلعون إلى والديهم للحصول على إرشادات في جميع الأمور، بما في ذلك المالية.
  4. امنح ابنك المراهق الأدوات التي يحتاجها للميزانية، يمكنك جعل الميزانية للمراهقين أكثر تشويقا وجاذبية من خلال تزويدهم ببعض الأدوات الأساسية للبدء، على سبيل المثال، يمكن أن يكون كل من جدول البيانات أو ورقة عمل الميزانية أو تطبيق الميزانية مفيدا في إبقاء المراهقين على اتصال بأموالهم.
  5. بمجرد أن يبدأ ابنك المراهق الطريق إلى وضع الميزانية، استمر في مناقشة صرف الأموال، وقد تطلب منه مقابلتك مرة في الشهر للتحدث عن كيفية سير ميزانيته، والتعديلات التي قد يحتاج إلى إجرائها، إن وجدت، هذا يمكن أن يسهل عليه النجاح في تنظيم الميزانية العادية.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.