كتب أوستين ستون، مدير عمليات مركز التجديد الحضري والتعليم في واشنطن، في مقال بمجلة نيوزويك (Newsweek)، أنه من الشائع الإشارة إلى “الهيمنة الثقافية الأميركية” في مناقشات الشؤون الخارجية، وأن الثقافة العامية والشعبية الأميركية تظهر على اللوحات الإعلانية والشاشات المحمولة في كل بلد.

وتحدد الأوساط الأكاديمية والصحفية الأميركية السرد السائد في جميع أنحاء العالم، حتى في العديد من الدول المعادية. ويتحكم نظامنا المصرفي في التدفق العالمي لرأس المال. وتؤثر مؤسساتنا العسكرية والاستخبارية، بما في ذلك الشركات المتعاقدة مثل أمازون، على الحكومات الأجنبية والصناعات العالمية والتجارة و”كلنا نعيش في أميركا” كما ذكرتنا الأغنية المشهورة لفرقة الروك الألمانية رامشتاين Rammstein عام 2004.

لكن نظرةً فاحصة، كما يقول الكاتب، على “القوة الناعمة” الدولية لأميركا توضح على الفور مدى كونها غير أميركية. فالمصرفيون المتعددو الجنسيات لا يتمتعون بدعم أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة في قلب البلاد، ولا العائلات ولا العمال الكادحين. وصانعو الذوق في هوليود عازمون على قلب الأعراف الثقافية في العالم لتشمل السلوكيات التي يجدها الأميركيون العاديون بغيضة.

وقد أقنع بيروقراطيو “الصحة العامة” -لدينا- العالمَ بالانتحار الاجتماعي أثناء جائحة كوفيد بينما توسعت قوة وثروة قلة منهم. ونظام المراقبة الشامل العالمي الذي تديره وكالات الاستخبارات يتناقض مع مفهوم الحرية الشخصية الذي نعتز به منذ فترة طويلة.

نظرة فاحصة على “القوة الناعمة” الدولية لأميركا توضح على الفور مدى كونها غير أميركية. فالمصرفيون المتعددو الجنسيات لا يتمتعون بدعم أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة في قلب البلاد، ولا العائلات ولا العمال الكادحين. وصانعو الذوق في هوليود عازمون على قلب الأعراف الثقافية في العالم لتشمل السلوكيات التي يجدها الأميركيون العاديون بغيضة

ولفت الكاتب إلى أن الشعبويين الأميركيين غالبا ما يتجنبون السياسة الخارجية، ويرى أنه لا ينبغي لهم ذلك، ويجب أن ينقلوا رسالتهم المناهضة للمؤسسة إلى دول أخرى، موضحين أن إمبراطورية النخب “الأميركية” الرديئة المغلفة بالوطنية لا تمثل الشعب الأميركي. فهي تدعي أنها تريد “إنقاذ العالم” بجلب الديمقراطية ونشر التعليم وإصلاح تغير المناخ وإعادة توزيع الثروة، لكنهم أنفسهم في واقع الأمر أكثر التهديدات الوشيكة للعالم.

وقال إن هذه الحقيقة لم تكن أكثر وضوحا من أي وقت مضى حيث يحاول النقاد والسياسيون المؤثرون إثارة شهية أميركا للقتال في أوكرانيا. وعلى الرغم من غموض تبريرات روسيا بالنسبة لمعظم الأميركيين، فإن الشيء الوحيد المعروف هو أن مؤسستنا السياسية وشركاتنا لعبت دورا رائدا بإغراق البلاد في الفوضى.

فكثيرا ما سعى دعاة الحرب من كلا الحزبين إلى منح أوكرانيا عضوية حلف شمال الأطلسي على الرغم من علمهم أن ذلك سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة دون داع. وكان السبب الرسمي لهذا العداء هو الاهتمام المعتاد: الحرية والديمقراطية والنظام الدولي “القائم على القواعد”. لكن الكشف الجديد عن النشاط الفاسد لنخبنا في البلاد يشير إلى أن مصلحتهم تتجاوز الجغرافيا السياسية.

وأشار الكاتب في ذلك إلى تسريبات السجلات المالية مثل أوراق بنما لعام 2016 وأوراق باندورا لعام 2021، بأنها عززت سمعة أوكرانيا كواحدة من أكثر الدول فسادا في العالم. ويبدو أن شغل المناصب هناك مرادف لاستغلال النفوذ واختلاس الأموال ونقلها إلى حسابات خارجية. حتى الزعيم “المحبوب” فولوديمير زيلينسكي نفسه قد استفاد من التمويل المشبوه.

واختتم مقاله بأن هذه هي المخاطر الحقيقية للشعبوية الأميركية، وأنه ليس مجرد خلاف فريق أحمر وأزرق بين الشخصيات السياسية، بل هو اعتراف بأن النخب الأميركية هي مركز نظام فاسد -يحسب نفسه أنه أكثر وطنية- يجب إلغاؤه. ويريد الشعبويون أكثر بكثير من أن تكون أميركا عظيمة مرة أخرى “نريد إسقاط أميركا الزائفة من النخبة العالمية وإحياء أميركا الحقيقية ذات السيادة الشعبية”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.