القاهرة– في حين تتجاوز إيرادات فيلم “كيرة والجن” حاجز 110 ملايين جنيه، بعد نحو شهرين من بدء عرضه في موسم عيد الأضحى، ليصبح الفيلم المصري الأكثر تحقيقا للإيرادات المحلية في تاريخ السينما المصرية، يعود الجدل حول إذا كان ذلك مؤشرا على الإقبال الشديد لمشاهدة الفيلم أم للأمر حسابات أخرى.

بدأ عرض فيلم “كيرة الجن” ضمن موسم أفلام عيد الأضحى الماضي، ولعب بطولته نجما السينما المصرية كريم عبد العزيز وأحمد عز، إلى جوار مجموعة كبيرة من الفنانين مثل هند صبري وأحمد مالك، وكتب السيناريو أحمد مراد عن روايته “1919” وأخرجه مروان حامد.

الأضخم إنتاجيا

بتكلفة تجاوزت 100 مليون جنيه، يعد فيلم “كيرة والجن” الأضخم إنتاجيا أيضا في السينما المصرية، إذ يجمع الفيلم بين النجوم الأعلى أجرا في السينما والدراما المصرية، إلى جانب الأحداث التي تدور في حقبة تاريخية تبعد 100 عام عن اليوم، مما يتطلب تصميم ديكورات وأزياء باهظة التكاليف، والتصوير خارج مصر في بلاد أوروبية مثل كرواتيا والمجر وصربيا، كما تضمن الفيلم كثيرا من مشاهد المعارك والحركة التي تم تنفيذها بكثير من الإبهار، لكنها واجهت انتقادات الجمهور بسبب افتقارها إلى المصداقية.

وتدور أحداث الفيلم حول قصص مجموعة من أبطال المقاومة الشعبية المصرية في مواجهة المستعمر الإنجليزي إبان ثورة 1919 والسنوات التي تلتها، وكيف اتحد “أحمد عبد الحي كيرة” مع “عبد القادر الجن” والمناضلة الصعيدية “دولت فهمي” وغيرهم من أبطال المقاومة لتنفيذ خطط الانتقام من الإنجليز.

وكانت لنجمي الفيلم أفلام سابقة حققت إيرادات قياسية، فقد حقق كريم عبد العزيز بفيلمه “الفيل الأزرق 2” -مع أحمد مراد ومروان حامد أيضا- إيرادات قدرت بنحو 104 ملايين جنيه عام 2019، بينما حقق أحمد عز إيرادات 103 ملايين جنيه بفيلمه “ولاد رزق 2” عام 2019 أيضا.

لذلك لم يكن غريبا أن يحقق اجتماع النجمين كريم وعز معا إيرادات قياسية، في ظل ضخامة الإنتاج التي يتميز بها الفيلم، والشعبية التي يحظى بها مؤلفه أحمد مراد والثقة في أفلام مخرجه، لكن هل يمكن حقا أن نعتبر “كيرة والجن” الأعلى تحقيقا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية؟

بتكلفة تجاوزت 100 مليون جنيه، يعد فيلم “كيرة والجن” الأضخم إنتاجيا أيضا في السينما المصرية (مواقع التواصل)

أسعار التذاكر

الفارق بين أسعار التذاكر قبل عقدين ونصف العقد واليوم شاسع للغاية، كذلك لا يمكن المقارنة مع عدد دور العرض بين الزمنين، إذ شهدت السنوات الأخيرة انتشار المراكز التجارية الضخمة التي تقدم معها عشرات من شاشات العرض، وبأسعار تذاكر عالية نسبيا؛ وبالتالي، لا يمكن قياس إيرادات “صعيدي في الجامعة الأمريكية” (1998) بإيرادات “كيرة والجن” أو أي فيلم يعرض تجاريا في دور العرض اليوم، بل لا يمكن المقارنة مع الأفلام في السنوات الأخيرة، حيث شهدت أسعار تذاكر السينما قفزات سريعة متلاحقة منذ تعويم الجنيه المصري نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

من جانبه، يرى الناقد طارق الشناوي أن الفنان كريم عبد العزيز من أكثر الفنانين الذين تصدروا قائمة أعلى الإيرادات، ولكنه ليس الأعلى على الإطلاق، لأن الأرقام لا تقاس بهذه الطريقة، ولابد من قياسها بطريقة الزمن، بحساب سعر التذكرة وعدد الشاشات وعدد السكان، وخص بالذكر أفلاما حققت أعلى الإيرادات في حينها مثل “غزل البنات” و”خلي بالك من زوز” و”صعيدي في الجامعة الأمريكية”.

ويضيف الشناوي -في تصريحات صحفية- أن لكل فترة في تاريخ السينما حساباتها الخاصة، ولا يمكن أن نعمم الأمر على كل العصور، فلا يمكن مقارنة التسعينيات بخصوصية جمهورها وأفلامها وإيراداتها مع فترة زمنية تأتى بعدها بنحو 25 عاما أو حتى 20 عاما، ويجب ألا نفصل بين الفترات الزمنية، وإلا فإننا إذا وضعنا الأفلام في مقارنة، وضرب المثال بفيلم “أبي فوق الشجرة” (1969) لعبد الحليم حافظ، حيث ظل يعرض لمدة عام كامل في دور العرض محققا نجاحا قياسيا في وقت عصيب تمر به البلاد عقب نكسة يونيو/حزيران، وحقق حوالي مليون جنيه إيرادات حينها، كما لا يمكن أن نقارن فيلما حقق 100 مليون جنيه عام 2022 مع فيلم حقق 20 مليونا في التسعينيات، حيث كانت قيمة الدولار حينها 3 جنيهات.

وفي السياق، تقول الناقدة الفنية علياء طلعت، للجزيرة نت، إن الطريقة المتبعة حاليا في مقارنة إيرادات الأفلام المصرية عبر تاريخ السينما لا تأخذ في الاعتبار معدل التضخم وقيمة العملة المحلية.

وأوضحت أنه في السينما العالمية، عند مقارنة فيلم مثل “ذهب مع الريح” (Gone with the wind) مع فيلم “ثور لاف آند ثاندر” (Thor love and thunder) ضمن سلسلة أفلام مارفل، يتم حساب سعر العملة وحسابات التضخم، وعلى هذا الأساس يتم التقييم بين الأفلام الأعلى إيرادا، “بينما في مصر يتم الاعتماد فقط على الرقم النهائي للإيرادات، بغض النظر عن معايير فنية واقتصادية كثيرة”.

مقارنة غير عادلة

وبالحديث عن الآلية المتبعة في تصنيف الفيلم الأعلى إيرادات في تاريخ السينما، أو المصطلح الجديد الأعلى إيرادات في يوم العرض الأول، يقول المحرر الفني عبد الله غنيم “للوهلة الأولى، سيبدو أن فيلما عُرض عام 2020 مثلًا تجاوز إجمالي إيراداته داخل دور العرض 100 مليون جنيه حقق إيرادات أعلى بنحو 5 أضعاف إيرادات فيلم “إسماعيلية رايح جاي” الذي حقق إجمالي إيرادات بلغت 15 مليون جنيه عام 1997″.

 

وأضاف أن “هذه المقارنة غير منصفة بالتأكيد، فهي تغفل اعتبارات عديدة، أولها سعر تذكرة السينما، التي كان يتراوح سعرها عام 1997 بين 5 و10 جنيهات، بينما في 2020 لا تقل عن 50 جنيها”.

وتابع أنه “بعملية بسيطة يمكن حساب عدد التذاكر المباعة لكل فيلم؛ لنجد أن “إسماعيلية رايح جاي” باع 3 ملايين تذكرة، بينما باع الفيلم ذو الـ100 مليون جنيه إيرادات مليوني تذكرة فقط؛ لذا فإن المقارنة التي تغفل تغير قيمة التذكرة لا يمكن الاعتماد عليها إلا في حالة ربطها بقيمة أكثر ثباتا مثل سعر الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري بين عامي 1997 و2020، أو عدد التذاكر المباعة؛ وهو الأمر الأقرب للواقع، كل هذا في ما يتعلق بالقيمة والسعر فقط، لكن هناك معايير أخرى مثل مدة عرض الفيلم في السينما وعدد السينمات التي تعرضه كذلك، فضلًا عن عدد الأفلام في الموسم الواحد ومؤشر التنافسية في مواسم مثل الأعياد، فحين يحقق “إسماعيلية رايح جاي” 15 مليون جنيه في منافسة أمام 8 أفلام في موسم صيف 1997، فهو أمر يحسب له عند مقارنته مع فيلم حقق نجاحا أمام 4 أفلام في موسم صيف 2020″.

إيرادات تاريخية

وحسب جريدة أخبار اليوم، التي نشرت تحقيقا صحفيا عن أهم الأفلام التي حققت إيرادات عالية خلال ربع القرن الأخير، حقق فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” (1998) إيرادات قدرت بنحو 27 مليونا، “وهو ربما يكون رقما ضئيلا أمام الأرقام التي تحقق الآن؛ لكنه بحسبة بسيطة وبحسابات التضخم في الميزانية والأسعار يعادل الآن 180 مليون جنيه، ليكون بذلك فعليا هو أعلى الأفلام إيرادات في السينما المصرية”.

كما حقق فيلم “همام في أمستردام” في العام التالي -للمخرج والمؤلف والبطل أنفسهم- 23 مليونا، وهو ما يعادل 149 مليونا الآن، وحقق فيلم “اللمبي” (2002) 22 مليونا، أي ما يعادل 135 مليونا، وفقا لتقديرات الجريدة بالمقاييس الحالية.

الأعلى إيرادا اليوم

وإذا كان “كيرة والجن” في المركز الأول من حيث تحقيق الإيرادات، فإن فيلم “الفيل الأزرق 2” يحتل المركز الثاني في الأعلى تحقيقا للإيرادات بنحو 104 ملايين جنيه، يليه “ولاد رزق 2” الذي تبلغ إيراداته 103 ملايين جنيه، وفي المركز الرابع فيلم “كازابلانكا” بطولة أمير كرارة وغادة عادل، من تأليف هشام هلال، وإخراج بيتر ميمي، وحقق نحو 80 مليونا.

 

وفي المركز الخامس يأتي فيلم “الممر” (2019) من بطولة أحمد عز، وإياد نصار، وأحمد رزق، ومحمد فراج، ومن إخراج شريف عرفة، إذ بلغت إيراداته نحو 76 مليونا.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.