بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان الذي جاء بعد نحو 20 عاما من الحرب، وعودة حركة طالبان إلى الحكم عام 2021، بدأت الصين تلتفت إلى ممر أفغاني، كان يفصل بين إمبراطورتين في القرن الـ 19، لأسباب أمنية واقتصادية في آن واحد.

فمع اكتمال خروج القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، بدأت الدول المجاورة تعيد النظر في علاقاتها مع كابل، وكانت زيارة وفد طالبان إلى بكين قد عززت الطموحات الصينية، وخاصة بشأن ممر واخان (Wakhan) الذي وصفته مجلة فورين بوليسي بأنه الممر المنسي.

وممر واخان منطقة ضيقة في محافظة بدخشان الأفغانية، ويبلغ طوله حوالي 300 كيلومتر وعرضه من 15 إلى 57 كيلومترا، في وديان أنهار بامير وفاخان وبيانغ، وتحيط به باكستان وطاجيكستان فضلا عن الصين.

وأدت الاتفاقيات بين روسيا وبريطانيا عام 1873 وبين الأخيرة وأفغانستان عام 1893 إلى تقسيم منطقة واخان إلى جزئين، مما جعل نهري بانج وبامير الحدود بين أفغانستان والإمبراطورية الروسية (طاجيكستان حاليًا).

وعلى الجانب الجنوبي، حددت اتفاقية خط دوراند لعام 1893 الحدود بين الهند البريطانية وأفغانستان، مما ترك هذا شريطًا ضيقًا من الأرض كحاجز بين الإمبراطوريتين.

مجلة فورين بوليسي وصفت واخان بأنه الممر المنسي (الجزيرة)

اهتمامات اقتصادية

نظرًا لموقعها في بحر جنوب الصين، تستثمر بكين في موانئ باكستان وفي صيانة طريق كاراكورام السريع الذي يربط شينجيانغ بالمحيط الهندي، وربما غذى هذا النجاح وتحالف بكين مع إسلام آباد بعض الحماس حول شق طريق إلى ممر واخان.

فخلال حقبة الاحتلال الأميركي لأفغانستان ووجود الأميركيين بالمنطقة، حظيت الصين بالأمن الإقليمي المجاني الذي كان يوفره الحضور الأميركي على طول الحدود الباكستانية الأفغانية، الأفغانية الصينية (المنطقة المسماة أفباك) مما مكنها من تطوير الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، وهو أحد الأصول الجيوإستراتيجية الصينية الرئيسية التي أصبحت محور السياسة المميِزة للرئيس الصيني شي جين بينغ، ألا وهي مبادرة “الحزام والطريق”.

ولكن سيتعين على الصين الآن تحديد طرق جديدة لحماية هذه المصالح، وتعمل بكين حاليًا على تحديد كيفية التعامل مع أفغانستان ما بعد الوجود الأميركي، وخاصة فيما يتعلق بممر واخان.

من ناحية أخرى، كانت أفغانستان مقاومة نسبيًا للاستثمار الصيني، فالصفقة الرئيسية التي حاز عليها كونسورتيوم صيني (تحالف من الشركات) لتطوير منجم نحاس كبير متوقفة منذ سنوات.

ووفق محللين فإن العلاقة الاقتصادية المكثفة بين البلدين لن تبدأ في التطور حتى يستتب الوضع بأفغانستان وتقل مخاطر الاستثمار، مشيرين إلى أن تأمين طريق خفي وسريع إلى أفغانستان عبر واخان قد يكون أمرًا بالغ الأهمية لبكين.

اهتمامات أمنية

وتعتبر منطقة أفباك حاليا أساسية لمصالح الصين الأمنية لسببين رئيسيين:

  • تتمتع أقلية الإيغور المسلمة المتمركزة في سنجان (شينغ يانغ) بعلاقات تاريخية وعرقية عبر الحدود الشمالية الغربية للصين مع باكستان وأفغانستان وطاجيكستان، وينبع قلق بكين من أن يسعى مقاتلو الإيغور إلى استخدام ممر واخان النائي بأفغانستان نقطة انطلاق لشن الهجمات وإثارة المعارضة في سنجان.
  • يتمثل القلق الثاني -من وجهة النظر الصينية، والمرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأول- بأن تستغل ما تصفه بالجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة في أفغانستان لتهديد مصالح بكين المزدهرة في باكستان.

ووفق موقع إنديا تودي (INDIA TODAY) فإنه مع تزايد المخاوف الصينية من “التطرف” الإيغوري بمنطقتها الغربية وصعود طالبان في أفغانستان، تثير التقارير -التي أشارت إلى قيام هذه الحركة بإزالة العلامات الحدودية الباكستانية في ممر واخان- تساؤلات حول مستقبل الممر الضيق.

لكن باحثين في الدراسات الدولية يشيرون إلى أن الصين تبالغ في تقييم التهديد من قبل الإيغوريين والجماعات المرتبطة بها، والتي لا تملك القوة ولا حتى السلاح.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.