رام الله- مايو/أيار الماضي، اعتقل الاحتلال الإسرائيلي معتصم زلوم، الطالب بجامعة بيرزيت (وسط الضفة الغربية)، تزامنا مع استعداده لدخول الامتحانات النهائية للفصل الدراسي 2022، وحُوّل للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر.

وأعطى هذا الاعتقال الإداري أملا له ولعائلته باحتمال لحاقه بالعام الدراسي الجديد، الذي افتتح بداية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في حال لم يتم تمديد الاعتقال له، وهو ما حدث بالفعل، إذ لم يفرج عنه، وتم تحويله للاعتقال على ذمة قضية وتقديم لائحة اتهام بحقه.

تقول سراب الهندي (والدة معتصم) للجزيرة نت إن الاحتلال تلاعب به وبعائلته، عندما حوّله للاعتقال الإداري حتى يتمكن من إعداد لائحة اتهام تدينه، فالهدف هو “بقاؤه في السجون أكبر فترة ممكنة”.

وستبدأ أولى جلسات محاكمته، كما تقول والدته، في يناير/كانون الثاني من العام المقبل، وهو ما يعني خسارته فصلا دراسيا جديدا، ولربما يمتد ليكون عاما دراسيا كاملا.

لوحات رسمها طالب من بيرزيت خلال اعتقاله (الجزيرة)

ما يحزن والدته أكثر أن هذا الاعتقال لم يكن الأول لزلوم منذ التحاقه بالجامعة عام 2017؛ فقد اعتقل مع بداية العام الدراسي الثاني 9 أشهر، وقبل أن يعوض العام الذي فاته، اعتقل من جديد لـ10 أشهر أخرى، ليصبح متأخرا عامين كاملين عمن بدأ معهم فصله الأول في الجامعة.

ومثل زلوم، هناك 70 طالبا من جامعة بيرزيت فرغت مقاعدهم الدراسية بسبب الاعتقال، و29 شهيدا، عبّرت “حملة الحق في التعليم” في الجامعة عن غيابهم من خلال معرض “100 مقعد فاضي” الذي افتتحت فيه “أسبوع الحق في التعليم” الذي تنظمه سنويا في الجامعة منذ عام 2012.

والمعرض -الذي يستمر حتى 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وهو نهاية أسبوع الحملة- أقيم على طرفي الطريق المؤدية لكلية الآداب بالجامعة، حيث على اليمين وُضعت مقاعد فارغة حملت صور شهداء الجامعة، وعلى رأسهم الشهيد الأخير طالب كلية الهندسة بالجامعة عامر بدر حلبية (20 عاما) الذي استشهد في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

وعلى الجهة المقابلة من الطريق، كان يوجد صف أطول يمثل مقاعد الطلبة المعتقلين في السجون الإسرائيلية، ومن بينها مقعد معتصم زلوم طالب قسم التسويق بكلية الاقتصاد.

إسرائيل تسلب الطلبة حقهم في التعليم عبر الاعتقال الذي يؤخر مسيرتهم التعليمية ويؤخر حياتهم بالكامل (الجزيرة)

فجوة أكاديمية

وتركز الحملة على خطورة سلب الطلبة حقهم في التعليم، وخاصة عن طريق الاعتقال الذي لا يؤخر مسيرتهم التعليمية فحسب، بل حياتهم العملية بالكامل خاصة أن مجمل الاعتقالات تكون على خلفية نشاطاتهم الطلابية كما جرى مع زلوم، إذ تم اعتقاله الأخير بعد المناظرة الطلابية التي سبقت انتخابات مجلس الطلبة في الجامعة.

تقول والدة معتصم إن كل زملائه الذين التحقوا بالجامعة معه تخرجوا وبدؤوا حياتهم العملية، ومنهم من سافر لإكمال دراسته ومن تزوج أيضا، بينما لا يزال معتصم عالقا بالسنة الثالثة.

ولا تتحدث الوالدة عن تأثير تأخر تخرجه من الجامعة على حياته المهنية فقط، بل تشير أيضا إلى الأعباء النفسية الإضافية على ابنها بسبب اضطراره في كل مرة البدء من جديد مع طلبة أصغر منه.

أما الطالب بكلية العلوم، محمد إياد، فقد عاش هذه التجربة أيضا بعد انقطاعه عن الدراسة 18 شهرا، إثر اعتقاله عام 2019 مع بداية عامه الدراسي الثاني، ليعود إلى مقاعد الدراسة بعد الإفراج عنه مع فوج جديد من الطلبة أصغر منه، وهو ما جعله يشعر بوجود فجوة بينه وبينهم.

يقول إياد (22 عاما) للجزيرة نت إن “فارق العمر بيني وبين الطلبة الذين أدرس معهم الآن عامان، فأصدقائي وزملائي قبل الاعتقال تخرجوا من الجامعة”.

ولكن على المستوى الأكاديمي لم يكن الأمر كذلك، فقد حاول خلال فترة سجنه الاستمرار في الدراسة، بما توفر في السجن من كتب الثقافة العامة والسياسية، مما ساعده على الاندماج بعد الإفراج.

لمى جرار: إدماج الطلاب في الحياة الجامعية بعد الاعتقال أحد أهداف حملة الحق في التعليم (الجزيرة)

القيد لن يقوى على الفكر

تسهيل عودة الطلبة والاندماج في حياتهم الجامعية بعد الاعتقال هو أحد أهداف حملة الحق في التعليم، إلى جانب وقف العراقيل السياسية من الاحتلال أو جهات أخرى ضد الطلبة الفلسطينيين في الجامعات الفلسطينية، وخاصة جامعة بيرزيت، كما تقول الطالبة لمى جرار الناشطة في الحملة.

وتابعت جرار -في حديث للجزيرة نت- “تؤمن الحملة بأن الحق في التعليم يؤدي إلى الحصول على باقي الحقوق الأساسية وصولا إلى الهدف الأكبر، وهو الوطن الحر”.

وتعمل الحملة أيضا على توثيق الاعتداءات والعراقيل بحق الطلبة للحصول على هذا الحق وتوفير محام لمتابعة قضايا الطلبة المعتقلين، والتنسيق مع المؤسسات الدولية والقانونية.

أسبوع الحق في التعليم يشتمل على معارض للوحات رسمها طلبة في أثناء اعتقالهم (الجزيرة)

وحسب جرار، فإن الجامعة شهدت السنوات الأخيرة استهدافا لطلبتها والاعتقال والملاحقة، وهو ما تمثل في وجود ضابط مخابرات إسرائيلي خاص يتابع طلبة الجامعة.

وبالأرقام، فقد بلغ عدد شهداء جامعة بيرزيت 29 شهيدا، في حين لا يزال نحو 70 طالبا من طلابها في سجون الاحتلال، من أصل 171 طالبا تم اعتقالهم منذ بداية العام الحالي.

قام محمد عزيز عاطف -أحد الطلبة الذين اعتقلوا في السنوات السابقة خلال دراستهم الجامعية في بيرزيت- بتجسيد الاعتقال في لوحات رسمها في السجن بأدوات بدائية وبسيطة وقام بتهريبها في ما بعد، ليعرضها في معرض أطلق عليه “غرفة رقم 14″، حيث رسم هذه اللوحات في سجن عوفر.

وكان هذا المعرض ضمن فعاليات أسبوع الحق في التعليم أيضا، كما تقول جرار “حاولنا أن نوصل رسالة من خلال هذه الفعاليات أنه بالرغم من الإجراءات التي يمارسها الاحتلال ضد الطلبة وعرقلة مشوارهم الأكاديمي، فإن هذه القيود لن تقوى على أن تهزم فكرهم، وهو شعار الأسبوع لهذا العام”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.