أثار النقص الحاد بالمياه ومظاهر الجفاف في البحيرات والأنهر فزع العراقيين من خطورة ما آلت إليه أوضاع الثروة المائية، في وقت اتهم فيه وزير الموارد المائية إيران بتحويل مجاري الأنهر داخلها.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو اختفاء تاما لبحيرة حمرين التابعة لسد حمرين الذي يقع على نهر الوند في محافظة ديالى (شرقي العراق)، في حين أظهرت مقاطع فيديو أخرى انخفاضا في مياه نهر دجلة.

وقال وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، إن العراق أبلغ إيران خلال زيارة وفد رسمي إلى طهران بأن المشكلة ليست في اتفاقية 1975 بل في تحويل إيران لمجرى الأنهر المتجهة نحو العراق.

وأضاف الحمداني أن “إيران قامت بتغيير مجاري الأنهر وتعمل على حرمان العراق من المياه”، داعيا طهران إلى الجلوس للتفاهم على اعتبار أن الروافد المشتركة أُسّست في ضوئها مجتمعات ومن غير المنطقي حرمان المجتمعات من المياه.

ولفت الحمداني إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارة الخارجية على تدويل قضية المياه مع إيران، مشيرا إلى أن هناك تفاهمات مع تركيا بشأن حصة العراق المائية.

الحمداني أكد أن الحكومة تعمل على تدويل قضية المياه مع إيران (مواقع التواصل)

وفي مارس/آذار الماضي حذّرت الأمم المتحدة من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تبلغ 73%، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي ديماس في مؤتمر صحفي عقده حينئذ في بغداد أن “العراق يشهد مظاهر لقلة الأمطار وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات بنسب وصلت إلى 73%، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع بـ7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70% في المناطق الحضرية، على نحو أدى إلى تراجع الزراعة”.

كما دعت الممثلة الأُممية الخاصة في العراق هينيس بلاسخارت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه، مؤكدة أن أُسرة الأمم المتحدة في العراق تعمل بالشراكة مع العراق على إدارة الموارد المائية والتقليل من آثارها السلبية على البيئة.

صور قاسية

وكان وقع الصور ومقاطع الفيديو المتداولة لنهر دجلة وبحيرة حمرين ومن قبلها بحيرة ساوة قاسيا على العراقيين الذين عبّروا عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من جفاف نهري دجلة والفرات والبحيرات المائية وتفاقم أزمات المياه.

وقال رئيس مؤتمر صحوة أهل العراق، أحمد أبو ريشة، عبر حسابه على تويتر، إن “جفاف دجلة والفرات هو نتيجة لجفاف العلاقات مع دول المنبع”.

وأضاف أبو ريشة “حين تهيمن العصابات على قرار الدولة وتمنع التواصل مع المحيط وتفرض لونا ولائيا تبعيّا واحدًا على علاقاتنا فاعلم أننا في طريق الموت عطشًا وتصحّرًا، والأنكى من ذلك أن دولة الولاء هي التي قطعت شرايين أرضنا وتتسبب بجفافها”.

وكتب السياسي حسين الزبيدي، على حسابه في تويتر، أن “جفاف بحيرة حمرين في ديالى جرس إنذار ينذر بصيف قاس على أهلنا في ديالى، والمشكلة الأساسية تتركز في قيام إيران ببناء ٨ سدود قطعت مياه نهر سيروان الذي يغذي نهر ديالى”.

وأضاف الزبيدي “على الحكومة العراقية اتباع القنوات الرسمية والضغط على الحكومة الإيرانية لإطلاق المياه وإلا فإن ديالى في خطر”.

في حين دعا الناشط حمد النجم إلى التظاهر أمام مبنى السفارتين الإيرانية والتركية في بغداد، وتسليمهما مطلبا لفتح السدود.

وأضاف النجم أن “جفاف نهر ديالى وانخفاض المياه في نهر دجلة والفرات ما هما إلا حرب الحروب تأتي عن طريق السلاح وعن طريق قطع المياه والفيروسات وتدمير الاقتصاد، فالحروب متعددة”.

A view shows a pond remaining of Lake Sawa, in Samawa
بركة متبقية من بحيرة ساوة في السماوة (رويترز)

جفاف ساوة

وكان العراق قد شهد أخيرا جفاف بحيرة ساوة الطبيعية الشهيرة في محافظة المثنى (جنوبي البلاد) بسبب قلة المياه الجوفية والتصحر الذي يشهده العراق.

والشهر الماضي بثّت وسائل إعلام عراقية صورا ومقاطع فيديو تظهر اختفاء بحيرة ساوة الطبيعية والشهيرة بمحافظة المثنى (جنوبي البلاد) بسبب الجفاف الذي يعصف بالبلاد، وأثارت المشاهد صدمة لدى الشارع العراقي.

وقال مدير بيئة محافظة المثنى يوسف سوادي -في تصريح إعلامي- إن “هناك 3 عوامل رئيسة وراء الجفاف الذي أصاب البحيرة، منها التغير المناخي الذي اجتاح العالم، والعراق من أكثر البلدان تأثرا به، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام عشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية؛ فأسهم ذلك في انخفاض الكميات الواصلة إليها انخفاضا كبيرا جدا”.

وطالب سوادي الحكومة العراقية “بتشكيل لجان لمتابعة الموضوع”، في حين دعا المنظمات الدولية للمشاركة في حلّ ما وصفها “بالكارثة البيئية” التي حلّت بالبحيرة التي كانت تعدّ من الظواهر الطبيعية الشهيرة والفريدة في العراق ويمتد عمرها إلى آلاف السنين.

Sawa lake is seen at sunset in Samawa
بحيرة ساوة كانت تزخر بأنواع مختلفة من الطيور المائية (رويترز)

وقال خبير الأرصاد العراقي صادق عطية -للجزيرة نت- إن المياه في بحيرة ساوة بدأت تنحسر تدريجيا حتى جفّت تماما، والسبب في رأي المتخصصين يعود إلى حركة الصفائح التكتونية بمرور الزمن التي تسبّبت في جفاف الأنهار تحت المياه الجوفية المغذية للبحيرة، وإنشاء معامل غرب البحيرة تسبّبت في جفاف الآبار المغذية لها.

ويرى أن الحياة لن تعود إلى البحيرة إلا من خلال جهات عالمية تملك أجهزة متخصصة في هذا المجال، فضلا عن توفر الأموال اللازمة لهذا العمل، والعراق ليست لديه أي إمكانية حاليا.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.