القدس المحتلة- مباشرة بعد عملية “بني براك” الفدائية بضواحي تل أبيب نهاية مارس/آذار الماضي، وتحت شعار “حراس المنزل.. انضموا للحرس المدني الآن” أطلقت شرطة الاحتلال ووزارة أمنها الداخلي حملة خاصة تدعو الإسرائيليين إلى حمل السلاح والتطوع في فرق “الحرس المدني”.

وأدت العملية التي نفذها الفلسطيني ضياء حمارشة إلى مقتل 5 إسرائيليين وإصابة آخرين قبل استشهاده. وحظيت دعوة الشرطة الإسرائيلية في أعقابها بإقبال كبير بين الإسرائيليين حيث تلقت حسب البيانات الرسمية 1500 طلب تطوع في “الحرس المدني”.

وقالت مسؤولة لواء “الحرس المدني” في الشرطة، آنا بن مردخاي، إن العمليات الفلسطينية المسلحة حفّزت الإسرائيليين على التطوع في هذه الفرق وإعادة تنشطيها وتفعيلها بآلاف سيعملون تحت مظلة جهاز الشرطة.

واستذكرت بن مردخاي تصفية منفذ عملية بئر السبع محمد أبو القيعان يوم 22 مارس/آذار برصاص مسلح مدني إسرائيلي، قائلة “عمل المواطن المسلح وتصفيته للمنفذ منع المزيد من القتلى، وأظهر مدى أهمية وجود ضباط شرطة ومتطوعين من الحرس المدني والمواطنين المسلحين بالميدان”.

طلبات حمل السلاح تضاعفت في أعقاب سلسلة من العمليات الفدائية داخل إسرائيل (مواقع التواصل )

دعوة من أعلى الحكومة

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت دعا الإسرائيليين من حملة التراخيص بالتسلح. في وقت تشير فيه إحصاءات وزارة الداخلية إلى أن 148 ألف مدني إسرائيلي لديهم ترخيص بحمل السلاح.

وهذا لا يشمل الأسلحة الموجودة بحوزة شركات الحراسة والجيش والشرطة الإسرائيلية. علما بأن تراجعا بنسبة 20% سُجّل في طلبات الحصول على رخصة تسلّح شخصي للمدنيين في العقد الماضي.

ومع دعوات بينيت، زاد إقبال الإسرائيليين على التقدم بطلبات ترخيص إلى وزارة الداخلية، ولوحظ الارتفاع بطلبات حمل السلاح بين الإسرائيليين في المدن التي شهدت عمليات مسلحة، وأبرزها بئر السبع وبني براك والخضيرة وتل أبيب وإلعاد والقدس.

في هذه الأثناء، أطلق وزير الأمن الداخلي عومير بار ليف، حملة لإعادة هيكلة مشروع ما يسمى “الخدمة المدنية” وتوظيفه لدعم سلك الشرطة، تحت ذريعة إحباط ومكافحة الهجمات الفلسطينية في قلب المدن الإسرائيلية والتي تسببت مؤخرا بمقتل نحو 20 إسرائيليا وإصابة العشرات غيرهم.

ووسعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منذ نهاية مارس/آذار من نشاطها لدمج المتطوعين المدنيين ضمن قواتها، وأعلنت مطلع مايو/أيار الجاري عن توسيع قوات “الحرس المدني” في كل مدينة وبلدة وقرية وتجمّع بإسرائيل.

مسلحون منذ النكبة

يدور الحديث عن قوة “الحرس المدني” التي تتألف من “مدنيين” معظمهم خدموا في السابق بجيش الاحتلال وقواه الأمنية، وتعمل تحت إشراف الشرطة الإسرائيلية، وظهرت هذه الفرق المرة الأولى خلال وبعد النكبة بين عامي 1948 و1949.

وفي العام 1974 عادت فرق “الحرس المدني” للنشاط بعد ازدياد العمليات الفدائية التي نفذها فلسطينيون وعرب ضد أهداف إسرائيلية.

ويُسمح لكل إسرائيلي، بلغ الـ 17 من عمره وما فوق، الانضمام لهذه القوة. ويتم دمج المتطوعين في الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها الشرطة والأجهزة الأمنية بهدف توفير الحماية للإسرائيليين.

وينتشر عناصر “الحرس المدني” في المدن والتجمعات السكنية، ويقومون بدوريات داخل الأحياء السكنية والمناطق التجارية والمجمعات ومحطات القطار والمواصلات.

وينخرط عشرات آلاف الإسرائيليين في مشروع ما يسمى “الخدمة المدنية”، الذي يشمل التطوع في الإسعاف وخدمات الصحة والإنقاذ والإطفاء وخدمة المجتمع، بينما لوحظ بالعقد الأخير العزوف عن الخدمة والتطوع في سلك الشرطة.

لحرس المدني لمساعدة قوات الأمن في حالات الطوارئ ولإحباط أي عمليات وهجمات محتملة داخل البلدات الإسرائيلية.تصوير المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية التي عممها على الإعلام للاستعمال الحر)
شرطة الاحتلال تسعى لمضاعفة المتطوعين في “الحرس المدني” لمساندتها بمواجهة منفذي العمليات (الجزيرة)

استهداف آلاف المتطوعين الجدد

يبلغ إجمالي المتطوعين في سلك الخدمة المدنية قرابة 250 ألف إسرائيلي، بينما يقدّر عدد المتطوعين المدنيين في سلك الشرطة والأجهزة الأمنية مجتمعة بقرابة 25 ألفا.

ويندمج المتطوعون في جميع مجالات نشاط الشرطة، بما في ذلك الأمن العام والدوريات وشرطة حرس الحدود والوحدات الخاصة مثل الغواصين. وينشط معظم المتطوعين في شرطة الحدود (قرابة 7500) وشرطة المرور (نحو 2300).

وتهدف الشرطة الإسرائيلية إلى تجنيد 6 آلاف متطوع جديد بحلول يونيو/حزيران المقبل، وهو ما يقرب من 3 أضعاف العدد الإجمالي للمتطوعين السنوات الأخيرة.

إقبال في مناطق وقوع العمليات

خلال العقد الماضي، تطوع ما بين ألف وألفي إسرائيلي للحرس المدني، لكن إحصاءات وزارة الأمن الداخلي أظهرت أنه، وفي غضون الأسابيع الأربعة الأخيرة، أي منذ انطلاق حملة التطوع الجديدة، تم تلقي 4 آلاف طلب جديد.

وتعمل هذه القوات غير الرسمية لدعم الشرطة في الانتشار بالمدن الإسرائيلية، وتوفير رد أولي على أي محاولة هجوم.

ويظهر من إحصائيات الشرطة أن معظم المنضمين إلى “الحرس المدني” من القدس، يليها حيفا، ثم تل أبيب وبئر السبع، مع زيادة في أعدادهم بالمدن التي شهدت موجة العمليات الأخيرة خصوصا في بئر السبع وبني براك ومستوطنة “إلعاد”.

ويتضح من بيانات الشرطة الإسرائيلية أن 85% من المنضمين إلى وحدات الحرس المدني من الرجال، و15% من النساء، ومعظم المتطوعين من اليهود.

تطوع بعض عناصر المدني في حرس الحدود ووحدة المستعربين. تصوير المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية التي عممها على الإعلام للاستعمال الحر)
عناصر أمنية إسرائيلية بلباس مدني ضمن ما يُعرف بوحدة المستعربين (الجزيرة)

مهام وتدريبات

ويتم تدريب المنضمين إلى فرق “الحرس المدني” على استخدام السلاح وعمليات إطلاق النار، وكيفية مواجهة أي شخص يحاول تنفيذ عملية أو هجوم.

وبعد تأهيلهم وحصولهم على رخص لحمل السلاح من وزارة الداخلية، تُحدد لهم المناطق التي سيعملون بها أو يمكنهم النشاط في مناطق سكناهم، على أن تكون الخيارات الأولى للتطوع في كبرى المدن أو في المناطق المكتظة بالإسرائيليين.

ويعمل كل متطوع إسرائيلي 4 ساعات على الأقل أسبوعيا لمساعدة الأمن والشرطة الإسرائيلية، وغالبيتهم العظمى ينتشرون بالزي المدني بين المواطنين لكيلا يتم اكتشافهم، ويمتلكون صلاحيات إطلاق النار في حالة أي طارئ وعند الاشتباه بأي شخص كفدائي فلسطيني.

ارتفاع حاد في التسلّح

سجّلت الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية 19 ألفا و375 طلبا لرخصة سلاح خلال العام 2021، مقابل 8 آلاف و814 طلبا العام 2020، مما يعني ارتفاع الطلب على حمل السلاح بنسبة 120% العام الماضي.

بالمقابل، ومنذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية أبريل/نيسان، بلغ إجمالي طلبات الحصول على رخص لحمل السلاح 33 ألفا و429، وهو ما يشكل ارتفاعا بنسبة أكثر من 200%، وفقا لمعطيات وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية.

وخلال عطلة عيد “الفصح العبري” الشهر الماضي فقط، قدم 2356 إسرائيليا طلبات للحصول على رخص لحمل سلاح، كما لوحظ الارتفاع في الطلبات بصفوف الحريديين (المتدينين) وخاصة سكان مستوطنة “إلعاد”.

وخلال أقل من 48 ساعة عقب عملية “إلعاد” والتي قُتل فيها 3 إسرائيليين وأصيب آخرون، اتصل 5190 إسرائيليا بقسم ترخيص الأسلحة في وزارة الداخلية، وأبدوا اهتماما بالحصول على رخصة لحمل السلاح، وهو نحو 3 أضعاف عدد المكالمات المشابهة بالفترة التي سبقت الهجمات المسلحة.

وبعد عمليتي بئر السبع وبني براك في مارس/آذار الماضي، تلقت الداخلية الإسرائيلية 18 ألفا و452 طلبا جديدا للحصول رخص حمل السلاح. وارتفع هذا العدد في أبريل/نيسان الماضي، أي عقب عملية شارع “ديزنغوف” التي نفذها الفلسطيني رعد حازم، وقتل فيها إسرائيلييْن وأصاب آخرين، إلى 33 ألفا و429 طلبا.

منذ مطلع العام الجاري حتى نهاية نيسان/أبريل الماضي، ارتفاع بنسبة 200% بطلبات حمل رخص السلاح بصفوف المدنيين الإسرائيليين.. تصوير المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية التي عممها على الإعلام للاستعمال الحر)
منذ مطلع العام الجاري ارتفعت بنسبة 200% طلبات حمل السلاح بصفوف الإسرائيليين (الجزيرة)

فقدان الشعور بالأمن

يقول مسؤولون كبار في وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية إن الحديث يدور عن أرقام مذهلة وغير مسبوقة من طلبات حمل السلاح، وإن هذه التوجهات لم تكن كذلك بالعقد الأخير “مما يشير إلى فقدان الإسرائيليين الشعور بالأمن والأمان عقب العمليات والهجمات المسلحة داخل المدن الإسرائيلية”.

وفي هذه الأثناء، شرعت سلطات الاحتلال بتحديث تعليمات ترخيص حمل السلاح، ومنح تسهيلات لتسليح المدنيين بغية دمجهم في فرق الحرس المدني، إذ يُمنح المتطوعون في الأجهزة الأمنية الأولوية والأفضلية في حيازة الأسلحة ضمن الوحدات المناسبة في الشرطة وكذلك العاملون أو المتطوعون في فرق الإسعاف والإنقاذ.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.