تتأهب لاستلام تمريرة عائدة إلى الخلف أمام مرماك، ثم تسمع أحدهم يصيح: “اتركها”، وفي أجزاء من الثانية يعمل فيها مخك بأقصى سرعته، تقرر أن تتركها فعلا، لأنك تعتقد ألا أحد سيجرؤ على خداعك بهذه الطريقة الرخيصة، ثم تُفاجأ بمهاجم الخصم يحتفل بعد أن صنعت له هدفا!

 

المفاجأة السعيدة أن هذا ليس قانونيا. أحيانا ننسى أن شعار فيفا هو “لعبة عادلة” (Fair Game)، والخداع ليس من العدل في شيء طبعا. المشكلة الوحيدة في تطبيق هذه القاعدة أن من الصعب إثباتها، ولكن في أغلب الأحيان يعتمد الحكم على غرابة اللقطة ليستدل على الخداع. (1)

 

هذا التقرير يتحدث -حصرا- عن اللقطات المشابهة؛ اللقطات التي يتضح لنا فيها أننا لا نعلم قواعد اللعبة، أو لا نعلمها كلها بالأحرى، بمَن في ذلك بعض المحترفين الذين يتخذونها وظيفة!

 

الانفجار الكبير

قانونا، لو انفجرت الكرة وهي في طريقها للمرمى، أو وقع ما يخل باستدارتها وكرويتها أو أبعادها أو معايير تصميمها الأولية، فإن الهدف لا يُحتسب. (2)

 

للوهلة الأولى تبدو القاعدة بديهية للغاية، ولكن في كثير من الأحيان، لا يلاحظ الحكم الأمر، وهو ما حدث في إحدى مباريات دوري الأبطال مجهولة الهوية، حيث انفجرت الكرة في طريقها لتسجيل أحد الأهداف في شباك شالكه الألماني، ورغم اكتشاف انفجارها فإن الحكم لم يُلغِ الهدف.

 

مرة أخرى تكررت الواقعة في مباراة سويسرا وفرنسا خلال نهائيات يورو 2016، عندما انقض غريزمان على تمريرة ألابا الضعيفة للخلف، وراوغ خصمه منطلقا نحو المرمى، قبل أن يعود بهرامي للتغطية، وحينها انفجرت الكرة بين قدميهما نتيجة للضغط والاندفاع الكبير، واستُبدلت مباشرة.

 

هذا هو ما يجعل لقطة المهاجم البرازيلي هالك الأغرب على الإطلاق، إذ انفجرت الكرة بمجرد تسديدة من قدمه اليسرى القوية أثناء تدريبات زينيت سان بيترسبرغ الروسي، وكان الانفجار الأكثر ملحمية وقوة بين كل انفجارات الكرة التي نعرفها.

 الأهداف من ركلات ثابتة ممنوعة

الكل تقريبا يعلم أن الخصم لا يستطيع تسجيل هدف في مرماك من رمية تماس مباشرة، ولكن هل تعلم أنك لا تستطيع تسجيل هدف في مرماك بالطريقة ذاتها؟ (3) (4)

 

رمية التماس، بطبيعتها القانونية، هي رمية غير مباشرة، وبالتالي فهي تُعامل معاملة الركلات الحرة غير المباشرة سواء كانت لصالحك أو لصالح خصمك، فلو تمكَّنت بطريقة ما من تسجيل رمية تماس أو ركلة حرة غير مباشرة في مرماك، فستُحتسب ركنية للخصم، وإن كانت في مرمى الخصم، فستُحتسب ركلة مرمى.

 

طبعا لفظة “مباشرة” هنا تعني ألا أحد قد لمس الكرة قبل دخولها المرمى. هذا الاستدراك هو الأهم على الإطلاق، ببساطة لأنه لو كان روبرت رون-تسيغلر حارس شتوتغارت يعرفه، لتمكَّن من تجنُّب أكبر إحراج شهدته البوندزليغا في موسم 2018-2019، حينما انهمك في ربط حذائه أثناء رمية تماس لفريقه بالقُرب من المرمى، ولم ينتبه إلا متأخرا، وبعد محاولة فاشلة لترويض الكرة دخلت المرمى، ولم تكن لتُحتسب لولا أنه لمسها! لحُسن الحظ، فاز شتوتغارت بهذه المباراة في النهاية.

 

عُد للحارس.. بشروط

إعادة الكرة ليدَيْ الحارس برأسك أو صدرك أو أي جزء من جسدك ما عدا يديك وقدميك قانوني تماما، ولكن بشرط محدد، أو بالأحرى ليس محددا لهذه الدرجة! (5)

 

في موسم 2016-2017 وأثناء مباراة نانت وباريس سان جيرمان، تلقى فيرّاتّي تمريرة من حارسه سلفاتوري سيريغو، ورغم أنه لم يكن يتعرَّض لأي ضغط يُذكر، فقد قرَّر أن يتمدد على الأرض ليُعيدها له برأسه، وحينها، احتسب الحكم ركلة حرة غير مباشرة لأصحاب الأرض وأنذر فيرّاتّي!

في البداية، كاد الحكم أن يتجاوز عن اللقطة، خاصة أن سيريغو لم يلمس الكرة بيديه فعليا، ولكن بعد ما بدا وكأنها محادثة سريعة مع حكام الراية في سمّاعته الخاصة، غيَّر رأيه. هذا هو ما حدث نفسه مع إيفان بيريتشيتش جناح إنتر السابق في مباراة بالموسم نفسه ضد روما، عندما رفع الكرة داخل منطقة جزائه ليتمكَّن من تمريرها برأسه إلى حارسه هندانوفيتش، وحينها قرر الحكم احتساب مخالفة. (6)

 

القاعدة هنا هي أن التمريرة الخلفية للحارس بالرأس أو الصدر يمكن احتسابها مخالفة لو لم تكن عفوية ضمن مجريات اللعب، بمعنى أن فيرّاتّي وبيريتشيتش تعمّدا تغيير وضعية الكرة لتعود إلى يدَيْ الحارس، وهو ما يُعَدُّ غير قانوني!

 

كرة الشاطئ 1-0 كرة القدم

ليفربول قد يكون الفريق الوحيد في العالم الذي عاد في النتيجة خلال نهائي دوري الأبطال بعد تخلفه بثلاثة أهداف نظيفة، والفريق الوحيد الذي خسر الدوري مرتين بفارق نقطة واحدة لصالح الخصم ذاته، والفريق الوحيد الذي لم تُحتسب له ركلتا جزاء على الأقل خلال نهائي بطولة أوروبية ضد إشبيلية في 2016، ولكن قبل كل ذلك، كان ليفربول هو الفريق الوحيد الذي خسر مباراة في كرة القدم بسبب كرة شاطئ! (7)

 

في أكتوبر/تشرين الأول 2009 كان ليفربول بينيتيز يستعد للرحيل إلى ملعب الضوء بسندرلاند بحثا عن نتيجة إيجابية بعد خسارة ثلاث مباريات من أول ثماني مباريات لصالح تشيلسي وتوتنهام وأستون فيلا. (8)

 

بداية خصمهم، سندرلاند، لم تكن مثالية بدورها، فقد خسروا ثلاث مباريات كذلك، ولكنهم تمكَّنوا من الفوز في أربع مباريات والتعادل مع مانشستر يونايتد في أولد ترافورد، وبعد مرور 5 دقائق فقط، كانوا قد سجَّلوا الهدف الأغرب على الإطلاق في تاريخ البريميرليغ.

 

ركنية لُعبت من يسار الحارس الإسباني بيبي رينا، ليعكسها آندي ريد إلى دارن بنت الذي قرر الابتعاد عن منطقة الياردات الست، ثم سدد الكرة مباشرة في كرة شاطئ كبيرة حمراء كانت قد تسللت إلى الملعب، لتغير اتجاهها وتخدع رينا وكل دفاع ليفربول قبل أن تسكن المرمى.

 

منطقيا، أي حكم في نصف قواه العقلية حتى كان ليحتسب إسقاطا بين اثنين من لاعبي الفريقين ويُلغي الهدف، ولكن مايك جونز، حكم الساحة، قرر أن يحتسبها هدفا، معللا قراره بأنها “كان من الممكن أن تصطدم بأحد لاعبي الفريقين في الصندوق وتدخل المرمى بالطريقة ذاتها”، وربما كانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة التي يُتخذ فيها قرار تحكيمي بناء على ما كان يمكن أن يحدث، لا ما حدث فعلا.

 

بالطبع تراجع جونز للتحكيم في دوري الدرجة الثانية أو التشامبيونشيب، وللدهشة، فاز سندرلاند بهذا الهدف رغم أن لاعبيه اكتسحوا ليفربول أداءً طوال 90 دقيقة وضربوا العارضة والقائمين أكثر من مرة، لدرجة أن هذا الهدف العجيب لم يكن أكبر مشكلات بينيتيز عندما انتقد أداء فريقه بعد المباراة.

 

الأغرب كان رد فعل دارن بِنت ذاته، الذي انطلق ليحتفل ولم يأبه لغرابة الهدف مطلقا، وكأن المباراة كانت مُقامة على الشاطىء فعلا! بعد 10 سنوات، صرَّح قائلا لشبكة سكاي:

 

“لم أضرب الكرة بالطريقة المثلى، ولكنني علمت أنها ستذهب للمرمى، ثم ارتطمت بكرة الشاطئ ودخلت. حينها، لم أندهش أو أفكر فيما حدث، قلت لنفسي: لقد دخلت المرمى، ثم ذهبت للاحتفال وكأن شيئا لم يكن!”.

 

العِبرة من القصة؛ هذا هدف غير قانوني، ولولا أن مايك جونز قد احتسبه لما احتجنا إلى تذكيرك!

 

 لا تسلخ الشاة!

عادة، نصيحة مثل أن تتأكد من احتساب الهدف أولا قبل الاحتفال كانت لتصبح بديهية، ولكن تلك النصيحة تكتسب أهمية مضاعفة عندما تعلم أن البطاقات الصفراء التي يتلقاها اللاعبون بسبب الاحتفالات غير المشروعة، مثل خلع القميص أو الاحتفالات ذات الطابع السياسي، لا تُلغى في حال كان الهدف غير شرعي! (9)

 

التبرير القانوني للفيفا هنا يتلخص في أن الأثر قد وقع، وأن الاحتفالات المشابهة تُخِل بنظام اللعبة وروحها وصورتها أمام العالم، وبالتالي يعاقب عليها اللاعب بغض النظر عن شرعية الهدف. تخيل أن تنال إنذارا لاحتفال غير قانوني بهدف لم يحتسب!

 

اللون القانوني للملابس الداخلية

للسبب ذاته الذي يدفع الحكام إلى التمييز بين ملابس اللاعبين بكل قطعها؛ القميص والسروال والجوارب، يجب عليهم أيضا أن يرتدوا ملابس داخلية من لون معين، وهو لون السروال نفسه بالضبط!

 

التبرير القانوني لهذه القاعدة هو ذاته لقاعدة ألوان القمصان، وكل هذا يتمحور حول فكرة العدالة في اللعبة، إذ إن تشابه الألوان يربك اللاعبين وقد يدفع أحدهم إلى التمرير إلى الخصم، بفرض كان يلعب بملابسه الداخلية مثلا! (9)

 

هذا يعني أن ميركو فوتشينيتش خالف القانون مرتين عندما خلع سرواله أول مرة بعد تسجيله هدف الجبل الأسود في مرمى سويسرا أثناء تصفيات يورو 2012؛ مرة لأنه خلعه، ومرة لأن لون سرواله الداخلي لم يكن مطابقا للخارجي، وهو ما يبدو أنه تعلم منه عندما خلع سرواله للمرة الثانية بعد تسجيله هدف الفوز ليوفنتوس ضد بِسكارا في 2013.

——————————————————————————–

المصادر:

1- لماذا لا تستطيع أن تقول “اترك الكرة” في كرة القدم؟ – Soccer Blade

2- 10 قواعد لكرة القدم لم تعرف أنها موجودة! – Unisport

3- القواعد الخمسة المغمورة لكرة القدم – KA Facts

4- 5 قواعد لكرة القدم لم تعلم أنها موجودة – Player Finder

5- قواعد لكرة القدم لا يعلمها أحد – Soccer Blade

6- لماذا أُنذر إيفان بيريتشيتش لإعادة الكرة برأسه إلى حارس مرماه؟

7- هدف دارن بنت من كرة شاطئ في 2009 ضد ليفربول – Sky

8- بعد 10 سنوات من هزيمة ليفربول أمام كرة الشاطئ؛ دارن بنت يشرح الهدف العجيب! – Sky

9- 10 قواعد لكرة القدم لم تكن تعرفها – Pundit Feed

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.