الخميس الماضي، سقط الطفل تاير سامبسون (14 عامًا) من مقعده في إحدى ألعاب ملاهي “أيكون بارك” في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا، مما نجم عنه وفاته مباشرة.

اللعبة الخطيرة التي يطلق عليها “السقوط الحر” (Free Fall) ترتفع إلى 430 قدمًا، ثم تنخفض ​​بسرعة تصل إلى 75 ميلا في الساعة.

وحسب شبكة “سي إن إن” (CNN)، حدد تقرير أولي صادر عن الولاية أن السبب الفني وراء سقوط سامبسون، هو خروجه من المقعد عندما انخرطت المغناطيسات في إبطاء الركوب في أثناء الهبوط، ولم يتضح بعد إذا ما كان طول ووزن الطفل مناسبين لمقاييس اللعبة أم لا، ولم توجه تهم جنائية لأي جهة حتى الآن.

رغم هذا الحادث المؤسف والمخيف إلى حد كبير، فإن الإقبال على الألعاب الخطيرة في مدن الملاهي لا يزال كبيرا، فلماذا يحب البعض تلك الألعاب بجنون؟

الألعاب الأفعوانية

قد تبدو الأفعوانية كأنها نوع حديث من وسائل الترفيه، تزداد سرعة وترويعًا بفضل التقدم التكنولوجي، لكنها في الواقع تعود إلى منتصف القرن الـ19.

إذ تم استئجار السكك الحديدية التي تعمل بالجاذبية، والتي تم بناؤها لنقل الفحم من أعلى الجبال إلى ولاية بنسلفانيا الأميركية، في عطلات نهاية الأسبوع من زوار يدفعون أجورًا لكي يركبوها لمجرد التسلية.

واليوم، تعد الملاهي الترفيهية نوعا من الاستثمارات التجارية الكبيرة -مع وجود قوائم انتظار تصل أحيانًا إلى 5 ساعات- لخوض تجربة من الإثارة قد لا تزيد على دقيقتين في المتوسط، رغم التقارير التي تفيد بأن بعض الزوار يعانون من السكتات الدماغية وتشوه الدماغ وإصابات خطيرة بسبب حوادث الاصطدام.

يرتبط الاستمتاع بأفعوانية بالبحث عن الاستمتاع بتجارب بدنية متنوعة ومبتكرة مثل تسلق الصخور والقفز بالمظلات (بيكسلز)

لماذا يميل كثيرون إلى هذه الألعاب؟

يرتبط الاستمتاع بأفعوانية بالبحث عن الاستمتاع بتجارب بدنية متنوعة ومبتكرة مثل تسلق الصخور والقفز بالمظلات.

ولكن ما الإحساس الذي توفره الألعاب الأفعوانية؟ قد يبدو أن الأمر يعود إلى تجربة السرعة، لكن ذلك ليس السبب الوحيد.

ربما يكون سبب انجذاب البعض للعبة الأفعوانية هو الاستمتاع بالإحساس العميق بالخوف نفسه، تمامًا مثل مشاهدة فيلم رعب. تُعرف علامات الخوف الجسدية مثل ضربات القلب والتنفس السريع وزيادة الطاقة الناتجة عن إطلاق الغلوكوز مجتمعة باسم “استجابة القتال أو التحليق” (Fight or flight response).

رصد الباحثون معدلات ضربات القلب لركاب اللعبة الأفعوانية “كوكا كولا رولر” في مدينة غلاسكو في الثمانينيات، ووجدوا أن معدل ضربات القلب في الدقيقة قد تجاوز أكثر من الضعف من 70 (في المتوسط) ​​إلى 153 بعد وقت قصير من بدء الرحلة.

السر في الأدرينالين الإندورفين

في هواية أخرى تزيد من الأدرينالين، لم يبلِّغ لاعبو القفز بالحبال المبتدئين عن زيادة الشعور بالسعادة واليقظة والنشوة بعد الانتهاء من القفزة فحسب، بل ارتفعت لدى كثيرين مستويات الإندورفين في الدم، المعروف بإنتاجه لمشاعر السعادة الشديدة.

ومن المثير للاهتمام، أنه كلما ارتفعت مستويات الإندورفين بالدم، زاد الشعور بالبهجة.

هنا أصبح السبب أكثر وضوحا، إذ ترتفع مشاعر السعادة المفرطة والاستجابة للطيران في بيئة غير مهددة، مع الشعور بالأمان، أي “أنا أطير بسرعة كبيرة وأثق أنني لن أسقط”.

الإجهاد الممتع

ولكن الأمر لا يقتصر على الإندورفين والأدرينالين فقط، ذلك لأن القافزين من المرتفعات ورواد الألعاب الأفعوانية تتزايد لديهم مستويات هرمون الكورتيزول، الذي يطلق عليه هرمون الإجهاد.

ولكن كيف يشعر الشخص بالإجهاد والتوتر والسعادة في الوقت ذاته؟

الحقيقة أنه ليست كل مشاعر التوتر سيئة؛ فقد يشعر الناس بالنشوة والسعادة بممارسة الأنشطة المرهقة بدنيا أيضا، وهو ما يحدث بالفعل في تجربة ركوب الألعاب الخطيرة في مدن الملاهي.

في دراسة قام بها اثنان من علماء النفس الهولنديين، كانا مهتمين بعلاقة التوتر بالربو، وبعد ملاحظة نتائج الأبحاث السابقة التي تشير إلى أن الإجهاد يدفع مرضى الربو إلى إدراك أعراض الربو لديهم على أنها أكثر حدة، تساءلوا عما إذا كان من الممكن حدوث تأثير معاكس من خلال التجارب البدنية المرهقة.

من خلال الدراسة، تم نقل بعض المتطوعين من الطلاب المصابين بالربو إلى مدينة ملاهي، حيث تم فحص الوظائف التنفسية للمتطوعين في أثناء ركوب الألعاب الأفعوانية.

كانت نتائج البحث مثيرة للباحثين، ففي حين أن وظائف الرئة تنخفض بشكل متوقع بسبب الصراخ والاضطراب العام، فقد انخفض الشعور بضيق التنفس أيضًا. يشير هذا إلى أن الباحثين عن الإثارة الذين يركبون الأفعوانية يرون أن التجربة مرهقة بطريقة إيجابية.

لماذا يحب الكثيرون ألعاب الملاهي الخطيرة غيتي
بعض زوار ألعاب الملاهي الخطيرة يعانون من السكتات الدماغية وإصابات خطيرة بسبب حوادث الاصطدام (غيتي)

السعي إلى المجازفة

ولكن لماذا يسعى البعض لهذه الألعاب ويرفضها آخرون؟ في مراجعة حديثة لدور الدوبامين، وهو مادة كيميائية أخرى في الدماغ ومهمة في أداء عمل مسارات المكافأة العصبية.

وجدت المراجعة أن الأفراد الذين يصادف أن لديهم مستويات أعلى من الدوبامين يسجلون أيضًا درجات أعلى في مقاييس الإحساس الساعي للسلوك الاندفاعي، الذي يدفع صاحبه لركوب الألعاب الخطيرة.

في حين وجدت دراسة أخرى أن تناول مادة تسمى هالوبيريدول، التي تعطل تأثيرات الدوبامين داخل الدماغ، أدت إلى انخفاض ملموس في سلوك البحث عن الإحساس، وهو ما يعني أن الأشخاص الذين لديهم مستوى أعلى من مادة هالوبيريدول يفكرون أكثر من مرة في ركوب تلك الألعاب الخطيرة.

وفي دراسة استقصائية حديثة، نظرت في مدى حرص الأشخاص من مختلف الأعمار على قضاء عطلات مثيرة، أظهرت أن الاهتمام بهذه الأنواع من الإجازات يبلغ ذروته في بداية مرحلة البلوغ، ويتراجع مع كل عقد يمر. يشير هذا إلى أن كبار السن أقل ميلًا للمشاركة في أنشطة مشابهة لركوب الأفعوانية.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.