يبدو أن الأجانب الذين بيد فصائل المقاومة في قطاع غزة يمثلون إشكالية لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يريد شن حرب برية شاملة على القطاع، في حين تحاول دول -منها الولايات المتحدة- إرجاء العملية لحين إطلاق سراح مواطنيها، حسبما يقول خبراء.

وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد أطلقت مؤخرا سراح أسيرتين أميركيتين (سيدة وابنتها) لدواعٍ إنسانية، بعد وساطة قطرية، وقد أطلق ذوو الأسرى حملة للمطالبة بإطلاق سراح ذويهم.

ووفقا لأستاذ العلوم السياسية خليل العناني، فقد مثَّل إطلاق سراح الأسيرتين خرقا محدودا في ملف المدنيين الموجودين لدى المقاومة، الذي يواجه مصاعب أبرزها رغبة نتنياهو في شن حربه البرية التي يقول إنها تهدف للقضاء على حركة حماس.

وقال العناني خلال الوقفة التحليلية “غزة.. ما بعد؟” على شاشة الجزيرة إن دولة قطر تحاول استغلال علاقاتها الطيبة بحركة حماس لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المدنيين الموجودين لديها، وليس العسكريين، وهو أمر ترغب فيه الدول الغربية أيضا، لأنه ملف يؤثر في انتخاباتها الداخلية.

وقد أحرجت عملية إطلاق سراح السيدتين الأميركيتين نتنياهو الذي لا يريد الاستماع لأي حديث غير حديث الحرب، رغم المخاوف الكبيرة المتعلقة بمصير الأجانب الذين لدى المقاومة، أو بما سيحدث لهم بعد الاجتياح، حسب العناني.

أما المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي ديفيد بولجر، فقال “إن إطلاق سراح الرهينتين الأميركيتين خفف حرارة الموقف بعد الهجوم الذي شنته حماس قبل أسبوعين” في إشارة لعملية طوفان الأقصى، لكنه أكد أيضا أن الولايات المتحدة تعرف أنهما مجرد أسيرتين اثنتين من بين مئات في غزة.

ومن ثم -يضيف بولجر- فإن الولايات المتحدة تريد أن تتأكد من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها حتى لو اقتضى الأمر توغلا بريا في غزة، لكنها في الوقت نفسه تحاول تأمين خروج هؤلاء المدنيين.

وقال بولجر إن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للمنطقة كانت لا بد أن تحقق نتائج، لأن سياسة الولايات المتحدة هي أن من أُخذوا بالقوة لا بد أن يعودوا لديارهم بأي طريقة.

من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين إن حكومة نتنياهو تحاول ترميم الفشل الذي منيت به عن طريق اعتماد القوة الباطشة لإطلاق سراح الموجودين لدى المقاومة من مدنيين وعسكريين من دون أي مفاوضات.

ووفقا لجبارين، فإن نتنياهو يتعامل مع كل تنازل أو تأجيل للحرب على أنه هزيمة جديدة، بما في ذلك الممرات الإنسانية والمساعدات القليلة التي تم إدخالها إلى غزة.

ومن هذا المنطلق، فإن الحكومة الإسرائيلية -برأي جبارين- تحاول الرد على الضربات التي تعرضت لها بالطريقة نفسها، أي أنها تحاول استرداد كل من لدى المقاومة من مدنيين وعسكريين بالقوة كما أخذوا منها بالقوة، لأن هذا يعيد لها هيبة الردع وتأييد الرأي العام الإسرائيلي.

كما أن نتنياهو -حسب جبارين- سبق له وصف صفقة تبادل الأسير جبريل الرجوب بأنها “فشل سياسي يجب ألا يتكرر”، وبالتالي هو يمضي قدما في كل ما يدفعه للتفاوض بشأن الموجودين لدى المقاومة.

الرأي نفسه ذهب إليه العناني الذي قال إن إسرائيل ربما تفعّل قانون “هانيبال” الذي يجيز للجيش قتل الأسرى، بدليل أنها قتلت بالفعل عددا من الأسرى خلال قصفها المتواصل على غزة، خصوصا أنها مقتنعة بأن حماس ستستغل كل من لديها من أسرى أو جثث حتى لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

بدوره، قال بولجر إن الرئيس الأميركي جو بايدن مقتنع بأن ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري لا بد أن يكون له رد يضمن عدم تكراره، وهو المنطلق نفسه الذي يتبناه نتنياهو حتى في ما يتعلق بالذين بيد حماس.

ولا يرى بولجر أن نتنياهو سيتخلى عن محاولة استعادة “الرهائن”، لكنه قال إن الرهان الحقيقي هو “إلى أين ستذهب القوة البرية المتجهة لغزة، خصوصا أن المؤشرات تشي بأننا إزاء هجوم شامل على القطاع وليس مجرد عمليات انتقائية لتفادي وقوع قتلى أو إصابات بعيدا عن حماس”، مؤكدا أن بايدن يحاول إقناع نتنياهو بضرورة وضع هذا الأمر في الحسبان.

وفي هذا السياق، قال العناني إن التحدي الأكبر أمام واشنطن حاليا هو كبح جماح نتنياهو وتأجيل الاجتياح البري لحين حسم ملف الرهائن، لأنه من غير الممكن التفاوض بشأنه خلال الحرب.

وخلص العناني إلى أن قطر -من خلال علاقاتها بالولايات المتحدة- يمكنها إرجاء الاجتياح البري لحين تأمين خروج الأسرى المدنيين كافة، الذين تقول المقاومة إن الظروف على الأرض لا تسمح بإطلاق سراحهم.

ويرى العناني أن هؤلاء الأسرى يمثلون ضغطا كبيرا على الحكومة الإسرائيلية، لأنهم ينتمون لدول غربية حليفة لتل أبيب، وبالتالي لن يكون نتنياهو راغبا في المغامرة بخسارة دعم هذه الدول، وربما يحاول منح الوسطاء فرصة لإطلاق سراح هؤلاء الأسرى.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.