الدراسة تقدم دليلا على كيفية الاستجابة لأمراض المحاصيل الناشئة عن طريق تحديد جينات المقاومة في الأصناف النباتية، والتأكد من أن هذه الحواجز الجينية للأمراض موجودة في أصناف النباتات

استخدم فريق دولي من الباحثين طرق اكتشاف الجينوم المبتكرة لإظهار كيفية وقف انتشار مرض لفحة القمح المدمر، وحدد الباحثون اثنين من الجينات التي تحمي نباتات القمح من التعرض للفطريات التي تسبب المرض.

وتقدم الدراسة -التي أجراها الفريق ونشرها بدورية “نيتشر بلانتس” (Nature Plants) بتاريخ 16 فبراير/شباط الجاري- نظرة ثاقبة عن كيفية دفاع النباتات عن نفسها ضد مسببات الأمراض.

ويمكن أن تؤدي نتائج الدراسة الدولية -التي قام بها فريق يعمل بقيادة مركز جون إينيس البريطاني- إلى تطوير إستراتيجيات جديدة لحماية المحاصيل من الأمراض.

ما هو مرض لفحة القمح؟

يعد مرض لفحة القمح الفطرية أحد أكثر أمراض القمح المخيفة في العقود الأخيرة، حيث خلف سلسلة من الدمار عبر 3 قارات منذ أن تم الإبلاغ عنه لأول مرة في عام 1985.

وينتشر المرض كالنار في الهشيم في ظروف الطقس المطيرة أثناء مرحلة إزهار نبات القمح ومن خلال البذور المصابة، وكذلك عن طريق الجراثيم التي يمكن أن تنتقل لمسافات طويلة في الهواء، مما يشكل تهديدا رئيسيا للإنتاج العالمي من القمح.

ويمكن أن يترك الفطر في الحبوب مادة ثانوية تسمى “فوميتوكسين” قد تصيب الناس والماشية بالأمراض، وحددت الإدارة الأميركية للغذاء والدواء الحد الأقصى لهذه المادة في الغذاء بجزء واحد في المليون.

ولهذا، فإن اكتشاف ونشر جينات المقاومة ضد هذا المرض أمر بالغ الأهمية لتخفيف التهديد الذي يشكله.

مرض لفحة القمح يهدد الزراعة عبر العالم (الجزيرة)

طرق اكتشاف الجينوم المبتكرة

لتحقيق هذا الاكتشاف استخدم الفريق تقنية جديدة تسمى الاستنساخ السريع للجينات (AgRenSeq)، والتي تم تطويرها بواسطة باحثين من مركز جون إينيس مع زملائهم في الولايات المتحدة وأستراليا للكشف الجينومي، ولتسريع مكافحة مسببات الأمراض التي تهدد المحاصيل الغذائية في جميع أنحاء العالم.

وسمحت لهم التقنية الجديدة بالبحث عن جينات مفيدة بين مجموعة من أصناف القمح التراثية ومن الأقارب البرية للقمح.

وتمكن التقنية الجديدة الباحثين من التنقيب والبحث في “مكتبة” جينية واسعة من جينات المقاومة المكتشفة في الأقارب البرية للمحاصيل الحديثة حتى يتمكنوا من التعرف بسرعة على التسلسلات الوراثية المرتبطة بقدرة مكافحة النبات للأمراض.

وعثر الباحثون على جينين يرتبطان بمقاومة مرض لفحة القمح، ووجدوا أن هذين الجينين كانا موجودين في بعض أصناف القمح، ولكنهما غائبان عن بعضها الآخر، مما يشير إلى أنه يمكن استخدامهما كعلامات لإنتاج أصناف من القمح مقاومة للمرض.

بعد ذلك، حدد الباحثون نوعين من بروتينات القمح (إنزيم كيناز ومستقبل مناعي) يساهمان في توفير المقاومة للفطر، ثم استخدموا تقنيات الهندسة الوراثية لإنتاج قمح معدل وراثيا بمستويات متغيرة من هذين البروتينين، ثم تم اختبار قدرة هذا المنتج على مقاومة العدوى بالفطر.

وأظهرت النتائج أن القمح الذي يحتوي على مستويات أعلى من كلا البروتينين زادت مقاومته للعدوى مقارنة بالنباتات ذات المستويات المنخفضة، ثم أجرى الباحثون مزيدا من التجارب لتحديد كيفية تفاعل هذين البروتينين لتوفير مقاومة ضد الفطر.

ووجدوا أنه عندما كان كلا البروتينين موجودين بمستويات عالية شكّلا مركبا قادرا على التعرف على الجزيئات الموجودة على سطح الفطر والارتباط بها على وجه التحديد، ومنع هذا الارتباط العدوى الفطرية عن طريق منع دخولها إلى الخلايا النباتية.

وبشكل عام، قدمت هذه الدراسة دليلا على أن جينات القمح والمستقبلات المناعية يمكن أن تشكل حواجز خاصة بالمضيف ضد الفطر، ويمكن استخدام هذه النتيجة في الأبحاث المستقبلية التي تهدف إلى تطوير إستراتيجيات جديدة للسيطرة على هذا المرض في محاصيل القمح.

يخطط الفريق لإتاحة المعلومات للمربين لتربية أصناف مقاومة لمرض لفحة القمح. (مركز "جون إينيس")
يخطط الفريق لإتاحة المعلومات للمزارعين لإنتاج أصناف مقاومة لمرض لفحة القمح (مركز جون إينيس)

مثال جيد للتعاون الدولي

يقول فريق البحث إن هذه الطريقة قابلة للتكييف بدرجة كافية للعثور على جينات مقاومة للمرض، وإن دراستهم تقدم دليلا على كيفية الاستجابة لأمراض المحاصيل الناشئة عن طريق تحديد جينات المقاومة في الأصناف النباتية والتأكد من أن هذه الحواجز الجينية للأمراض موجودة في أصناف النباتات.

وتشير نتائج الدراسة إلى أنه يمكن استخدام طرق اكتشاف الجينوم المبتكرة لتحديد الجينات المرتبطة بمقاومة مرض لفحة القمح ويمكن استخدامها في برامج التربية لتطوير أصناف مقاومة من القمح، ومن ثم يمكن أن يساعد ذلك على تقليل الخسائر الناجمة عن هذا المرض المدمر وتحسين الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.

وقال البروفيسور بول نيكلسون قائد المجموعة البحثية في مركز جون إينيس في بيان صحفي للمركز “لقد حققنا اكتشافا مهما لمرض ناشئ يهدد الأمن الغذائي العالمي”.

ويخطط فريق التعاون الدولي البحثي -الذي يشمل مجموعات من اليابان والسعودية- لإتاحة هذه المعلومات للمركز الدولي لتحسين الذرة والقمح، ويسمح ذلك للمربين بتحديد هذه الجينات بسرعة في مجموعاتهم، والتأكد من تضمينها في تربية أصناف مقاومة لمرض لفحة القمح.

وقال الدكتور جوناثان كلارك رئيس تبادل المعرفة والتسويق في مركز جون إينيس “هذا مثال جيد حقا للتعاون الدولي الذي يساهم في أهداف الأمم المتحدة للاستدامة، لأن صحة النبات العالمية مهمة لتحقيق الاستدامة الغذائية”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.