نشرت “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية مقالا يدعو الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تصفية عشرات المليارات من الدولارات التي وضعها البنك المركزي الروسي في الولايات المتحدة كجزء من احتياطاته من العملات الأجنبية لزيادة المساعدات الأميركية لأوكرانيا دون إرهاق دافعي الضرائب الأميركيين، ولإرسال إشارة قوية مفادها أن واشنطن ملتزمة بجعل حتى أقوى دول العالم تدفع ثمن جرائم الحرب التي ترتكبها.

يقول كاتبا المقال لورانس تريب أستاذ القانون الدستوري بجامعة هارفارد الأميركية، وجيريمي لوين الطالب في كلية الحقوق بالجامعة نفسها، إنه ووفقا لبعض التقديرات، قد يصل إجمالي هذه الأموال إلى 100 مليار دولار، وهي عبارة عن أصول مجمدة في الاحتياطي الفدرالي والبنوك الأميركية الأخرى في إطار عقوبات وزارة الخزانة التي تحظر المعاملات مع البنك المركزي الروسي، ومع وجود تفاصيل جديدة عن “الفظائع” الروسية التي جعلت احتمال رفع هذه العقوبات غير ممكن على نحو متزايد، فقد تكون هذه الأموال في عداد المصادرة إلى أجل غير مسمى أو النهائية.

ربما لا يكون الأميركيون مستعدين للدفع

وأشار الكاتبان إلى أن مصادرة هذه الأصول واستخدامها لمساعدة أوكرانيا يمكن أن يتم من خلال الاستيلاء على اليخوت والقصور الروسية المملوكة لأفراد في النظام الروسي، وبالتالي تخصيص عائداتها للمساعدات العسكرية والإنسانية في أوكرانيا، وذلك قد يتم ببطء للغاية، وعائداته ضئيلة لتلبية احتياجات أوكرانيا المتزايدة والملحة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات والغذاء والدواء، ومع دخول الحرب أسبوعها الثامن وتضخم تكاليفها قد لا يكون الشعب الأميركي على استعداد لدفع الفاتورة لمدة أطول.

وبررا دعوتهما بأن هناك سوابق كانت خلالها الولايات المتحدة تستولي من حين لآخر على أموال تابعة لحكومات معادية لأغراض إنسانية وعلاجية مختلفة. فقد تم ذلك في عام 2003 بالاستيلاء على 1.7 مليار دولار من الأموال العراقية الموجودة في البنوك الأميركية، وخُصصت لمساعدة الشعب العراقي وتعويض ضحايا “الإرهاب”، وفي عام 2012 أتاح الكونغرس أصول البنك المركزي الإيراني المجمدة لتسوية الدعاوى القضائية مع عائلات أولئك الذين لقوا حتفهم في الهجمات “الإرهابية” الإيرانية، وفي عام 2019 أتاحت الإدارة الأميركية بعض أصول البنك المركزي الفنزويلي المجمدة لزعيم المعارضة المنفي خوان غوايدو، وفي فبراير/شباط الماضي بدأت إدارة بايدن عملية تصفية حوالي 7 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني المنحل بدلا من تسليمها إلى طالبان، واحتفظت بالنصف للجهود الإنسانية الأفغانية والنصف الآخر للوفاء بأحكام المحكمة في الدعاوى المرفوعة من قبل الحكومة الأفغانية.

وأوضحا أنه نظرا لأن الاحتياطات المعنية هي ملك للدولة الروسية، على عكس أصول الأوليغارشية، فهي ليست محمية بالحماية المعتادة التي يوفرها النظام القانوني للملكية الخاصة في أميركا.

مبررات أخرى للمصادرة

وقالا إنه لا شك في أن الحكومة الروسية ستشتكي بمرارة من أن تصفية احتياطاتها من العملات الأجنبية كانت “سرقة”، تماما كما فعلت مع العقوبات الحالية، لكن “انتهاك روسيا المستمر لأبسط مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان، واحتياجات الشعب الأوكراني الملحة، يجب أن يكون أكثر من خطابها الذي يخدم مصالحها الذاتية”.

واستمرا يقولان إن روسيا بوتين “لا تعرف سيادة القانون، فقط القوة الغاشمة”، وإن بوتين ينظر إلى الحماية القانونية في الغرب على أنها مصادر ضعف “عفا عليها الزمن”، وهي جزء من تفاخره الأوسع بأن المجتمعات الحرة لا تستطيع أن تصمد أمامه هو وغيره من “الطغاة في جميع أنحاء العالم”.

وختما مقالهما بأن من أجل مواجهة أميركا لتحدي بوتين لا تحتاج إلى “التضحية بمبادئها التاريخية أو تأكيد رؤية بوتين العدمية للحكم”، كما أن لديها من الأدوات التي تحتاجها “لمساعدة الشعب الشجاع في أوكرانيا على البقاء وهزيمة بوتين، وسيكون من العدل بموجب القانون بالنسبة لأميركا أن تفعل ذلك من خلال تحويل كنزه ضده”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.