واشنطن- مع دخول الحرب أسبوعها الرابع، لم ترسل الولايات المتحدة قواتها إلى أوكرانيا، لكنها تسعى لمواجهة غير مباشرة مع روسيا، عبر عدة وسائل متاحة خارج ساحة المواجهة العسكرية التقليدية.

وأطلق الرئيس الأميركي جو بايدن عدة مرات تعهدا مزدوجا منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وقال إن “الولايات المتحدة لن تحارب روسيا في أوكرانيا، لأن معنى ذلك مواجهة مباشرة بين حلف شمال الأطلسي (ناتو) وروسيا تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، وهو أمر يجب أن نسعى جاهدين إلى منعه”، إلا أنه كرر أن بلاده وحلفاءها سيعملون بكل قوة لإلحاق “هزيمة إستراتيجية” بروسيا.

وتتبع واشنطن عدة طرق، بعضها تقليدي كتقديم السلاح والمساعدات للجانب الأوكراني، وبعضها مبتكر سواء عن طريق الدعم الاستخباراتي أو المعنوي، أو بطرق مفتوحة على وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل إلحاق الهزيمة بروسيا.

مواجهة مبكرة

وبدأت الولايات المتحدة المواجهة غير التقليدية قبل عبور القوات الروسية الحدود الأوكرانية، حيث كشفت واشنطن معلوماتها الاستخبارية مبكرا عن قرب وقوع الحرب، ونشرت بيانات بأعداد القوات الروسية ومناطق انتشارها، وكانت تُحدث هذه المعلومات بصوة شبه يومية.

كما أكدت إدارة بايدن علنا عدة مرات نيتها فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا “حال غزوها أوكرانيا”، وهو ما تحقق بالفعل، حيث فرضت واشنطن وعواصم غربية عقوبات مالية أليمة وحظرت العديد من البنوك الروسية من التعامل بنظام “سويفت” (SWIFT) للتحويلات النقدية.

وفرضت واشنطن أيضا عقوبات على البنك الروسي المركزي، وحجّمت ودائع روسية تقدر بمليارات الدولارات، وفرضت عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار مساعديه ومئات من أعضاء النخبة (الأوليغارشية) الروسية القريبة من الكرملين.

ونسقت مبكرا واشنطن كذلك مع حلفائها في حلف الناتو لتوفير مدربين عسكريين لتحسين المستوى القتالي للقوات الأوكرانية خلال الأشهر التي سبقت بدء الحرب، ثم أمرت واشنطن بمغادرة كل العسكريين الأميركيين أوكرانيا قبل أيام قليلة من الغزو الروسي.

وسائل التواصل الاجتماعي

واهتمت واشنطن كثيرا بالترويج لوجهات النظر المعارضة للحرب الروسية، فهي تنشر كل تفاصيل أنشطتها الدبلوماسية السياسية على كل وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من اللغات، منها الروسية، والأوكرانية، والعربية، والصينية.

ورتب مكتب التواصل الإستراتيجي بالبيت الأبيض لقاء افتراضيا عبر تطبيق زوم مع 30 من أهم المؤثرين في تطبيق “تيك توك” (TikTok)، موفرا معلومات أساسية لهم حول الحرب، وأطلعهم على الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة.

ويسهم الإعلام الأميركي في التأثير على الرأي العام العالمي مروجا للرواية الأوكرانية في الصراع، وهو ما نجح في تشكل حملة ضغط عالمية غير مسبوقة ضد روسيا. كما لا تستضيف شبكات الأخبار الأميركية أي خبراء أو معلقين ممن يتبنون مواقف قريبة من الموقف الروسي، أو يتعاطفون معه.

من ناحية أخرى، بادر بعض العسكريين الأميركيين السابقين ممن لهم خبرات قتالية في مساعدات الأوكرانيين باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وغرد القائد العسكري المتقاعد جون سبنسر، وهو أحد أهم المتخصصين في حروب المدن وما يرتبط بها من تكتيكات عسكرية وتوازنات إستراتيجية، باللغة الأوكرانية والإنجليزية، شارحا للمدنيين الأوكرانيين كيفية استعمال المياه في ظروف الحرب والحصار بطرق صحية، كما غرد شارحا طرق مبتكرة للاحتماء في المناطق السكنية في أثناء القصف الجوي.

وقال سبنسر “يصبح الوصول إلى المياه الصالحة للشرب مسألة حياة أو موت في حالات الحروب، وفي مدن أوكرانيا يمكن أن يؤدي شرب المياه الملوثة إلى القيء، والإسهال، مما يؤدي إلى الجفاف الشديد والموت. إذا كنت  تشك في تنقية المياه، فاتبع التعليمات المرفقة”.

ونصح سبنسر الأوكرانيين -في تغريدة باللغة المحلية- بقوله “عليكم استخدم الخرسانة مادة عازلة واحتموا خلفها، فهي مواد جيدة لحماية أنفسكم، والخرسانة المسلحة بقضبان الصلب (التعزيز) أفضل بعشر مرات من أكياس الرمل. واستخدموا الأنقاض والحجر كذلك”.

إمدادات السلاح

وقبل يومين، وقع بايدن على حزمة إنفاق فدرالي بقيمة 1.5 تريليون دولار تضمنت ما يزيد على 13 مليار دولار لدعم المجهود الحربي الأوكراني، وللمساعدات الإنسانية والاقتصادية.

ويواجه البيت الأبيض ضغوطا هائلة من الكونغرس لإيجاد طرق جديدة لمساعدة أوكرانيا عسكريًا، خاصة بعدما ألقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي كلمة -عبر الاتصال بالفيديو- أمام الكونغرس، طالب خلالها بقاذفات مقاتلة، وفرض منطقة حظر طيران جوي فوق أوكرانيا.

وعقب خطاب زيلينسكي، شرح بايدن الأربعاء الماضي بالتفصيل كيف ستنفق الولايات المتحدة 800 مليون دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا التي تمت الموافقة عليها هذا الأسبوع، ووعد “ببذل المزيد من الجهد في الأيام والأسابيع المقبلة”.

وستخصص الأموال لتوفير 800 نظام مضاد للطائرات من طراز “ستينغر”، و9 آلاف نظام مضاد للدروع، منها المئات من صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات، و7 آلاف مدفع رشاش صغير ومتوسط الحجم، فضلا عن الآلاف من قاذفات القنابل يدوية وبنادق الخرطوش.

وذكرت شبكة “سي إن إن” (CNN) الإخبارية أن الولايات المتحدة ستوفر طائرات بدون طيار من طراز “سويتشبليد” (Switchblade)، وهي طائرات مسيرة صغيرة متقدمة تعرف بـ”الكاميكازي”، أي طائرات انتحارية تحمل رؤوسا حربية وتنفجر عند الاصطدام.

ويمكن لهذه الطائرات من الحجم الصغير أن تضرب هدفا على بعد 6 أميال، في حين يصل مدى النموذج الأكبر منها إلى أكثر من 20 ميلا. وسيوثر استخدام القوات الأوكرانية لهذه الطائرات على خسائر الجانب الروسي، التي يتوقع لها أن تشهد ارتفاعا كبيرا حال بدء استخدام هذه الطائرات.

وفي مؤشر على السرعة التي يتطلع بها المسؤولون الأميركيون للتحرك لدعم أوكرانيا، وصل نحو 300 مليون دولار من أصل 350 مليون دولار خصصتها إدارة بايدن لأوكرانيا خلال نحو أسبوعين.

ومن ناحية أخرى، يطالب المزيد من أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري أجهزة الاستخبارات الأميركية بتقديم كل ما لديها من معلومات وتقديرات وموارد لمساعدة الأوكرانيين في مواجهة الروس.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.