ربما تفزعك نتيجة تلك الدراسة قليلا، لكن هناك دوما فرصة للتصحيح؛ فقد توصلت دراسة بتاريخ 3 يونيو/حزيران 2022، عن جامعة ميشيغان، إلى أن الأطفال الذين يضربهم والداهم لتربيتهم من المرجح أن يصيروا ضحية للإيذاء الجسدي من الغير في المستقبل

تستخدم الأسر والأشخاص الموكلون بتربية الأطفال العقاب الجسدي كرد فعل على سوء سلوك الطفل في مختلفة أنحاء العالم؛ ويتعرض نحو 63% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و4 سنوات للأذى الجسدي بانتظام، أي ما يقرب من 250 مليون طفل، يعاقبون جسديا، رغم عدم وجود دليل على فعالية ذلك في التربية، بل هناك أدلة مؤكدة على نتائجه السلبية، لذا نقدم لك عدة أسباب علمية للتوقف عن الضرب كطريقة لتعديل سلوك أطفالك.

1- حماية الطفل من الإساءة الجسدية

ربما تفزعك النتيجة قليلا، لكن هناك دوما فرصة للتصحيح؛ فقد توصلت دراسة بتاريخ 3 يونيو/حزيران 2022، عن جامعة ميشيغان، إلى أن الأطفال الذين يضربهم والداهم لتربيتهم من المرجح أن يصيروا ضحية للإيذاء الجسدي من الغير في المستقبل.

العقاب الجسدي يضر بنمو الأطفال (غيتي)

حللت الدراسة العلاقة بين الضرب في المنزل والإيذاء الجسدي في 56 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، وعرّف الباحثون الضرب المقصود بأنه ضرب باليد، على وجه أو رأس أو ظهر الطفل، وليس بأداة، مثل العصا أو الحزام، لأنه أكثر أنواع العقاب الجسدي شيوعا، ولا يحاسب عليه القانون في الدول التي تمنع الإساءة الجسدية للأطفال من الوالدين.

وحلل الباحثون بيانات أكثر من 156 ألف طفل، تتراوح أعمارهم بين سنتين و4 سنوات، وأشارت النتائج إلى انخفاض احتمالية التعرض لإيذاء جسدي من الغير بنسبة 14%، عند مقارنة الأطفال الذين تعرضوا للضرب من والديهم (22%)، بمن لم يتعرضوا للضرب (8%).

2- ضمان تفوقه دراسيا

قدمت جامعة تكساس، في يونيو/حزيران 2021، ملخص مراجعة لـ69 دراسة، معظمها من الولايات المتحدة و8 دول أخرى. وأشارت جميع الأدلة في تلك الدراسات إلى أن العقاب الجسدي يضر بنمو الأطفال ورفاههم، وأكدت على فشله في الحد من مشكلات الطفل السلوكية أو تعزيز النتائج الإيجابية للعقاب، وتوقعت مزيدا من المشكلات بدلا من ذلك.

على عكس الضرب، كان للمدح أثر جيد على تربية الأطفال وتعزيز سلوكياتهم الجيدة؛ فوفقا لدراسة نشرتها مجلة “علم النفس التربوي” عام 2020، قام الباحثون بمراقبة 2536 طفلا من سن الحضانة إلى الصف السادس، وبالفعل أظهر الأطفال تركيزا على المهام الموكلة لهم بالفصل الدراسي بنسبة تصل إلى 20%، وإلى 30% عندما تكررت عبارات المديح على مسامعهم، مقارنة بالأطفال الذين تعرضوا للتوبيخ.

الضرب يؤدي لإبطاء النمو العقلي للطفل (شترستوك)

إضافة إلى ذلك، قدم مختبر أبحاث الأسرة في جامعة نيو هامبشاير، نتيجة دراسة استمرت لأكثر من 4 عقود من البحث، على أكثر من 7 آلاف أسرة أميركية، مع نتائج دراسة شملت 32 دولة، لقياس مدى تأثير الضرب والصفع على الأطفال في المستقبل.

وأوضحت الدراسة التكلفة الكبيرة لضرب الأطفال بغرض تربيتهم، حيث يؤدي الضرب لإبطاء النمو العقلي للطفل، وفشله دراسيا، واحتمالية تورطه في جرائم مستقبلا.

3- منع الطفل من الكذب

أثبت العقاب البدني فشله بالتحديد في مقاومة كذب طفلك، فجميعنا يود سماع الحقيقة من أطفاله، لكن كيف؟

قدم قسم علم النفس التربوي والإرشاد، بجامعة ماكجيل، إجابة بسيطة لمعضلة كبيرة، من خلال تجربة ربما حاكاها الكثير من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، بترك طفل بمفرده في غرفة لمدة دقيقة، مع لعبة خلفه على الطاولة، مع تعليمات بعد إلقاء نظرة خاطفة على اللعبة أثناء غياب الباحثين.

مع وجود الطفل بمفرده، تصور كاميرا المراقبة ما يحدث، ثم يعود الباحثون لسؤال الطفل عما إذا ألقى نظرة خاطفة.

تكررت التجربة مع نفس الأطفال كل شهر، لملاحظة أثر التقدم في العمر على الاختيار بين الكذب والصدق، وكانت النتيجة أن الأطفال كذبوا بكثرة إذا توقعوا العقاب، مما لو طلب منهم الباحثون قول الحقيقة إما لأنه سيرضي الكبار، أو لأن الصدق سلوك جيد.

كما وجدوا أنه في حين أن الأطفال الأصغر سنا كانوا أكثر اهتماما بقول الحقيقة لإرضاء البالغين، فإن الأطفال الأكبر سنا لديهم معايير سلوك داخلية قوية، مما جعلهم يقولون الحقيقة لأنه كان الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.

العقاب الجسدي له تأثير سببي مباشر على السلوك الخارجي (شترستوك)

4- حتى لا يصبح طفلك عدوانيا

لم تخرج “الجمعية الطبية الكندية” بتوصية للآباء إلا بعد بحث استمر 20 عاما، لتحديد أثر العقاب البدني للأطفال على المدى الطويل. وأجرت أقسام العلوم الاجتماعية بالجامعات الكندية تجربة معمقة للتدخل في سلوك الآباء، وتدريبهم على الحد من استخدامهم للعقاب الجسدي لأطفالهم.

وأشارت النتائج إلى أن العقاب الجسدي له تأثير سببي مباشر على السلوك الخارجي، كما ارتبط بمجموعة متنوعة من مشاكل الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق وتعاطي المخدرات والكحول.

وأظهرت النتائج بوضوح أن الأطفال الذين تعرضوا للعقاب الجسدي يميلون إلى أن يكونوا أكثر عدوانية تجاه الوالدين أنفسهم والأشقاء والأقران، والأزواج فيما بعد، وأكثر عرضة لتطوير سلوك معاد للمجتمع.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.