القدس المحتلة- أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارا يمنح عائلة سُمرين المقدسية الحق في البقاء، واستعمال عقارها المهدد بالإخلاء في بلدة سلوان لصالح شركة “هيمونتا” الاستيطانية.

ووصف محامي العائلة وسيم دَكوَر القرار بالنادر جدا لأن المحكمة العليا لا تصدر قرارات لصالح المقدسيين في هذا النوع من القضايا عادة، مشيرا إلى أن المحكمة طلبت ردا من المستشار القانوني للحكومة ومن دائرة “حارس أملاك الغائبين” حول القضية، ورغم أن ردود الجهتين لم تكن لصالح العائلة فإن المحكمة لم تأخذ بهما.

وفي إجابته عن سؤال عما إذا كان قرار المحكمة العليا له ما بعده، أكد المحامي -في حديثه للجزيرة نت- أن “القرار هو الأول من نوعه الذي يتم فيه رد دعوى قدمها المستوطنون ضد عائلة مقدسية لإجلائها من العقار، وقد يساعد عائلات أخرى في الحفاظ على عقاراتها”.

وفي بلدة سلوان (جارة الأقصى) خيمت أجواء من الفرح على 16 فردا يعيشون بهذا العقار الذي يبعد عشرات الأمتار عن أولى القبلتين، ويقطع تواصل مدينة داود الاستيطانية.

‪حفريات الاحتلال على مدخل سلوان لإكمال المشاريع الاستيطانية وخلفها منزل عائلة سمرين (الجزيرة)

الحلم تحقق

وفي أول تعقيب لها على القرار، قالت أمل سُمرين للجزيرة نت “حققت حلمي.. حملتُ الراية البيضاء ورفعتها على سطح منزلي وأطلقت الزغاريد بعد السجود شكرا لله”.

وأضافت “منذ بداية شهر رمضان وأنا أتضرع لله طالبة أن يثبتنا في منزلنا وينصرنا على أعدائنا ولم أُخذل.. بقيت الأمنية الأخرى التي أتمنى تحققها وهي أن يتحرر المسجد الأقصى”.

أما نجلها أحمد الذي يتابع القضية مع المحامين منذ عقود فقال “لم نسمع خبرا جيدا منذ 30 عاما، كان الإخلاء هو الكابوس الوحيد الذي يطاردنا والآن تحررنا منه بعد اندثاره إلى الأبد”.

ووفقا لهذا الشاب المقدسي فإن العائلة دفعت ثمنا باهظا للحفاظ على عقارها من الاستيلاء، ودفعت مقابل ذلك نحو 400 ألف دولار أميركي.

وبالعودة لأصل القضية يقول أحمد إن الجد الأكبر للعائلة موسى سمرين بنى منزله أربعينيات القرن الماضي على أرضه التي تبعد عشرات الأمتار عن المسجد الأقصى المبارك من الجهة الجنوبية، بالإضافة إلى دونمين من الأرض الخالية أمام المنزل التي اهتم بزراعتها وجني ثمارها على مدار عقود.

ونزح أبناء الحاج موسى عام 1967 إلى الأردن، فعاش معه ابن أخيه في المنزل واشتراه منه قبل موته، وانتقلت الملكية بشكل تلقائي للابن محمد سمرين فتزوج أمل وعاشا فيه، وأنجبا 7 من الأبناء.

موقع إستراتيجي

فتح المستوطنون عيونهم على المنزل الذي يحظى بموقع إستراتيجي وادّعوا أنه يقع ضمن ما تسمى مدينة داود الاستيطانية، وبمجرد وفاة الحاج موسى عام 1983، حولت سلطات الاحتلال ملكية العقار لدائرة “حارس أملاك الغائبين” بادعاء أن أبناءه يعيشون بالأردن وليس له ورثة في البلاد، وتم ذلك دون إبلاغ العائلة حتى وصلتهم ورقة إخلاء من المنزل عام 1991، علما بأن العقار لم يخلُ يوما من السكان.

استأنفت عائلة سمرين على القرار وقدمت أوراقا تثبت شراء محمد زوج أمل المنزل من الجد الأكبر، واستمرت المحاكم حتى تلقت العائلة أمرا آخرا بالإخلاء عام 2011، ولم تتوقف الجلسات واعتبرت القاضية أن العائلة محمية بالعقار لأن محمد زوج أمل ما زال على قيد الحياة، وبعد وفاته عام 2015 بدأت معركة قضائية جديدة.

وخلال السنوات الأخيرة، تنقلت القضية بشكل تدريجي من محكمة الصلح إلى المركزية فالعليا التي أصدرت قرارا لصالح العائلة بعد نحو عامين من التقدم بالتماس لها.

ولم تخلد أمل إلى النوم مطمئنة منذ 30 عاما لأن شبح التهجير القسري يطاردها من جهة، ويؤرقها أذى المستوطنين الذي يحيطون بالعائلة من جهة أخرى، لكنها ستستغرق بالنوم بدءا من هذه الليلة بعدما انتزعت حقها بالبقاء في عقارها مع أبنائها وأحفادها.

وختمت هذه المقدسية بلهجة أهالي بلدة سلوان المميزة حديثها بالقول “أنا صامدة وسأبقى كذلك.. جبالنا لا تهزها الرياح وجذورنا ممتدة في عمق القدس ولا يمكن اقتلاعها”.

المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.