القاهرة – تواصلت حالة الجدل بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، بشأن غياب رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان عن أحداث مسلسل الاختيار 3، والذي يعرض وجهة نظر السلطات المصرية في سنة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي. وجماعة الإخوان المسلمين.

ويتناول المسلسل الأحداث السياسية التي شهدتها مصر بعد تنحي الرئيس الراحل حسني مبارك تحت ضغط ثورة يناير/كانون الثاني 2011 وحتى الانقلاب العسكري في صيف 2013، بالتركيز على الشخصيات الرئيسية التي أدارت المشهد السياسي وقتها، خاصة الرئيس الراحل محمد مرسي، والرئيس الحالي ووزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي، فضلا عن خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والمحبوس حاليا.

وبعيدا عن الانتقادات الفنية، أثار المسلسل الجدل على مستويات عدة، أبرزها التسريبات المقتطعة التي يتم عرضها في نهاية كل حلقة، خاصة أنها تمت في مقرات حكومية رسمية، بالإضافة إلى غياب الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش وقتها، رغم أنه كان من أبرز الشخصيات التي أدارت المشهد السياسي بعد تنحي مبارك.

أين عنان؟

ومع استمرار تغييب عنان عن أحداث المسلسل، تحولت حالة الدهشة بين نشطاء مواقع التواصل إلى سخرية مصحوبة باستنكار، وتساءل مغردون على موقع تويتر كيف يمكن إلغاء دور سامي عنان في الأحداث وكأنه كان مجرد ضابط صغير.

ووجه مغردون سؤالا لمخرج المسلسل بيتر ميمي، بالقول كيف لمسلسل تاريخي المفترض أنه يؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ مصر أن يتجاهل رئيس أركان حرب القوات المسلحة، مع ما كان له من دور بارز ومحوري في الأحداث؟

وقالوا آخرون بالعامية المصرية “وديت عنان فين يا بيتر” (إلى أين ذهبت بعنان يا بيتر؟). بينما غرد بعضهم ساخرا حول مشهد إقالة طنطاوي وعنان وتعيين السيسي وزيرا للدفاع، بالقول “حتى مشهد إقالة طنطاوي وعنان حذفوا منه عنان، وده قمة الإعجاز العلمي”.

وفي السياق ذاته، تساءل آخرون عن غياب شخصيات بارزة في الأحداث وقتها -حتى الآن- مثل الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء خلال أحداث ثورة يناير/كانون الثاني 2011 ومنافس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، فضلا عن رموز جبهة الإنقاذ التي تولت معارضة مرسي، مثل محمد البرادعي الذي أصبح نائب رئيس الجمهورية بعد الانقلاب العسكري، والأمين العام الأسبق للجامعة العربية ووزير الخارجية الأسبق عمرو موسى.

 

السيسي وعنان

وفي عام 2014 أعلن سامي عنان ترشحه لرئاسة الجمهورية، لكنه انسحب قبل بدء السباق الرسمي الذي حسمه السيسي لصالحه في ظل منافسة ضعيفة، ليعود عنان في عام 2018 معلنا ترشحه للرئاسة ومنتقدا الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.

لكن عنان تعرض للاعتقال بتهمة مخالفة القواعد العسكرية بوصفه ما زال برتبة “فريق مكلف” ولا يجوز له ممارسة العمل السياسي. وبعدها تم إلقاء القبض على أبرز اسمين في فريقه الرئاسي، وهما أستاذ العلوم السياسية حازم حسني، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام جنينة.

وقتها، تابع المصريون على الهواء مباشرة انفعال السيسي تجاه مرشح وصفه بالفاسد، وقال إنه سيمنعه من الوصول لكرسي الرئاسة، دون أن يذكر اسمه، لكن مواقع التواصل وقتها قالت إنه يقصد سامي عنان، خاصة مع عدم وجود مرشحين آخرين أمام السيسي.

نظرة أحادية

في هذا السياق، يرفض مصطفى خضري رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر) اعتبار مسلسل الاختيار بأنه تاريخي أو وثائقي لأنه يقدم وجهة نظر أحادية متحيزة، وليس هناك أي مساحة متاحة للرأي الآخر أو التوازن في عرض الأحداث وفق وصفه.

وأرجع الخضري سبب تغييب عنان وشفيق وعمرو موسى عن المسلسل إلى أن هؤلاء الثلاثة تحديدا سبق لهم الترشح للرئاسة، ويعتبرهم نظام السيسي منافسين محتملين في الانتخابات القادمة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف خضري أن أي إشارة لهؤلاء الثلاثة وتحديدا سامي عنان في المسلسل ستكون في أحد سياقين، الأول إظهارهم بشكل جيد وهو ما سيكون بمثابة إعلان ممول لهم على حساب السيسي في الانتخابات القادمة، والثاني أن يتم اغتيالهم معنويا في أحداث المسلسل، وهذه مغامرة لها مخاطرها.

وأشار إلى أن عنان وشفيق وموسى رجال دولة، واستخدامهم في المسلسل لدعم رواية النظام قد يقابلها رفضهم أو نفيهم، وهو ما يعصف بمصداقية المسلسل، وقد تكون روايتهم المضادة أكثر مصداقية، خاصة أنها ستلاقي دعما من إعلام المعارضة في الخارج.

واتهم الخضري المسلسل باقتطاع بعض المشاهد التسجيلية الموثقة عن سياقها الحقيقي، لإعادة توجيه الرأي العام. كما سخر من المسلسل بالقول إنه يستشهد بالأموات أو المغيبين الذين لا يستطيعون الرد أو النفي.

وعلى الرغم من الإشادات الواسعة التي نالها مسلسل الاختيار من إعلام السلطة وأعضاء البرلمان داخل مصر، حيث وصفه بعضهم بوثيقة تاريخية لا يمكن تزييفها، يرى الإعلامي المعارض المقيم بالخارج سامي كمال الدين، أن المسلسل وقع في أخطاء قاتلة وذلك عبر “تفصيل جميع الحلقات على مقاس السيسي فقط”، وفق وصفه.

وفي حديثه للجزيرة نت، تابع كمال الدين أنه من غير المنطقي ولا المقبول حذف شخصية سامي عنان تماما من المسلسل، فمن غير المعقول أن طنطاوي أدار بمفرده الفترة الانتقالية بعد ثورة يناير/كانون الثاني.

وأضاف الإعلامي المعارض أن الفريق سامي عنان ليس غائبا عن الدراما فقط، ولكنه تم تغييبه أيضا عن المشهد السياسي.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.