القاهرة- أعلنت “الحركة المدنية الديمقراطية” في مصر (تم تأسيسها أواخر عام 2017 وتضم عدة أحزاب وشخصيات عامة) أمس الأحد قبول دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى حوار سياسي، وهي الدعوة التي أطلقها خلال ما عرف بـ”حفل إفطار الأسرة المصرية” في الأسبوع الأخير من شهر رمضان.

وفي الوقت نفسه، عبر عشرات النشطاء السياسيين والمعارضين المصريين عن دعمهم لفكرة الحوار مؤكدين في الوقت نفسه أن أي حوار سياسي لابد وأن تسبقه وتتوازى معه سلسلة من الاجراءات والتدابير الجادة لبناء الثقة بين السلطة الحاكمة وباقي مكونات المجتمع السياسي والمدني المصري.

وحسب ما نشر السياسي والمرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي على صفحته في موقع فيسبوك، فإن الحركة قبلت مبدأ “الحوار السياسي” من منطلق المسؤولية أمام الشعب وحرصا على مصالح الوطن واحتراما للدستور وإدراكا لحجم الأزمة الكبرى التي تمثل تهديدا خطيرا لحاضر البلد ومستقبله وسعيا للتوصل إلى خطة وطنية شاملة تضع مصر على الطريق الصحيح الذي تستحقه وتقدر عليه.

كما أكدت الحركة على مسؤولية السلطة الآن في رفع الظلم عن جميع سجناء الرأي باعتبار أن ذلك حق لهم ولأسرهم وأحبائهم، بل إنه حق لمصر التي أرق ضميرها هذا الوجع، فضلا عن أنه إشارة لازمة على الجدية في اعتبار هذا “الحوار السياسي” مقدمة لفتح صفحة جديدة تليق بمصر العزيزة وشعبها العظيم.

وأكد الموقعون على البيان أنهم لكي يشاركوا في الحوار فإنه لا بد أن يكون جادا وحقيقيا، وأن ينتهي لنتائج عملية توضع مباشرة موضع التنفيذ، وهو الأمر الذي يستلزم برأيهم عددا من الضوابط الإجرائية والموضوعية التي تساعد على جعله وسيلة لإنقاذ الوطن وحل مشكلاته لا مجرد تجميل للواجهة.

وشملت قائمة الموقعين على البيان أحزاب الكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والمحافظين والدستور والوفاق القومي والحزب الاشتراكي المصري وحزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، إضافة إلى عدد من الشخصيات العامة أعضاء الحركة (لم يذكرهم البيان الذي نشره صباحي).

وحسب ويكيبيديا، فإن الحركة المذكورة هي حركة سياسية ليبرالية مصرية تأسست في 2017، وضمت عددا من الأحزاب التي كانت ضمن التيار المدني الديمقراطي الذي سبق تأسيسه في 2014، وهي حزب الدستور وحزب الكرامة وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب العيش والحرية.

 

شروط الحوار

بيان الحركة المدنية الديمقراطية وضع 7 ضوابط يجب أن تتوفر في الحوار، وعلى رأسها أن يكون تحت مظلة مؤسسة الرئاسة باعتبار أن الواقع يؤكد أنها الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه خلال الحوار، كما طالبت بأن يجري الحوار بين عدد متساوٍ ممن يمثلون السلطة بكل مكوناتها وبين المعارضة، وأن يكون الحوار بين شركاء متكافئين بلا مصادرة ولا مكايدة ولا تخوين.

وطالبت الحركة بإطلاق الحوار خلال الأيام القليلة القادمة، وأن يتم بث الجلسات من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وتشكيل أمانة فنية مسؤولة عن الإعداد للحوار وإدارته وصياغة مخرجاته وكتابة تقرير عنه ينشر دوريا على الرأي العام.

وقدمت الحركة توزيعا مقترحا لجدول أعمال الحوار على محاور أساسية هي الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، والإصلاح التشريعي والمؤسسي، وحقوق الإنسان والحريات العامة، والأمن القومي والمصالح الوطنية، وتعميق المواطنة ومكافحة التمييز.

كما طالبت الحركة بحضور الحكومة ورؤساء الهيئات البرلمانية جلسات الحوار ومشاركتها بالرأي وتقديم المعلومات التي تطلب منهم بشكل واضح وشفاف، لكي تتخذ أطراف الحوار قراراتها على قاعدة من المعرفة الصحيحة، ومشاركتهم كجهات اختصاص إذا ما تم الاتفاق على التوصيات النهائية في صورة تعديلات تشريعية أو إجراءات تنفيذية.

هدوء في مواقع التواصل

مواقع التواصل الاجتماعي في مصر لم تتفاعل بشكل واسع مع البيان، واكتفى أغلب المتفاعلين معه بإعادة نشره دون التعقيب عليه.

وأشاد عدد من رواد مواقع التواصل ببيان الحركة المدنية والضوابط التي وضعتها للحوار حتى يكون حوارا حقيقيا، وتساءل بعضهم عن موقف الحركة في حال رفض النظام المصري هذه الضوابط.

في المقابل، رأى آخرون أن بيان الحركة المدنية “رد مبالغ فيه” على دعوة لحوار مبهم لم يتم الإعلان عن موعده أو آلياته، وأن الحركة كان عليها أن تكتفي ببيان ترحب فيه بالدعوة وتنتظر الإعلان عن آليات الحوار، كما رأى البعض أن بعض الشروط التي وضعها البيان “متشددة”، وقد تتسبب في التراجع عن الحوار إذا كانت هناك نية له من الأساس.

وأكد البعض أنه لا يمكن أن يتم أي حوار سياسي قبل الإفراج عن آلاف المعتقلين في السجون المصرية بسبب آرائهم السياسية، والذين لم يتورطوا في أي جرائم أخرى.

ورأى البعض أن الحركة المدنية مجرد وجه آخر لجبهة الإنقاذ التي شاركت في الانقلاب على حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، والتي يستخدمها النظام المصري من وقت لآخر في تخفيف الضغوط السياسية عليه.

 

 

 

 

 

 

 

رؤية وليست شروطا

بدوره، حرص المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي -وهو أحد أعضاء الحركة- على تخفيف حدة البيان في تصريحات لصحيفة “الشروق” المصرية (خاصة) قال فيها إن الحركة لم تضع شروطا مسبقة للحوار، وإنما طرحت رؤى وأفكارا وعوامل من أجل إنجاحه، موضحا أن نجاح السلطة هو نجاح للمعارضة والعكس صحيح، وأن الأزمة التي تمر بها البلاد تهم الطرفين، وأن الشعب يريد أن يرى السلطة والمعارضة في الموقع الصحيح من أجل تجاوز الأزمات التي تمر بها البلاد.

وأشار صباحي -في تصريحاته- إلى أن أحزاب الحركة المدنية لم تطرح طلبات تتجاوز الدستور نصا أو روحا ولم تستخدم لغة الشروط، وترى أنها غير مفيدة للطرفين “نحن ندخل الحوار بنوايا حسنة حتى نصل إلى نتائج أفضل لمصلحة بلدنا”.

وأكد المرشح الرئاسي السابق أن أحزاب الحركة المدنية ومواقعها المعروفة من السلطة طوال السنوات الماضية حريصة بشكل واضح على الشعب والدولة والوطن، وأنها تعارض من موقع الولاء للشعب والحرص على الدولة والبحث عن حياة أفضل للجميع.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وجه خلال كلمته في حفل إفطار رئاسي بعقد “حوار وطني مع كافة القوى السياسية دون استثناء أو تمييز حول أولويات العمل الوطني في المرحلة الراهنة”، في دعوة نادرة منذ وصوله إلى السلطة.

وطالب الرئيس المصري بـ”رفع نتائج هذا الحوار إليه شخصيا”، مع وعده بحضور المراحل النهائية منه، إلى جانب توجيهه بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي (تشكلت أواخر 2016).

وقال السيسي في كلمته إن “الوطن يتسع لنا جميعا”، وإن “الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية”، كاشفا على أن نتائج الحوار ستعرض على البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ، في إشارة إلى إمكانية إصدار قوانين أو تغيير أخرى.

 

بيان النشطاء

وبالتوازي مع بيان الحركة المدنية الديمقراطية، دعا عشرات النشطاء السياسيين والمعارضين المصريين السلطات المصرية إلى اتخاذ “تدابير جادة لبناء الثقة” بينها وبينهم كشرط للحوار.

ووقع أكثر من 60 ناشطًا ومعارضًا مصريًا في خارج وداخل البلاد على بيان مشترك نُشر الاثنين أكدوا فيه أن “أي حوار سياسي لابد وأن تسبقه وتتوازى معه سلسلة من الاجراءات والتدابير الجادة لبناء الثقة بين السلطة الحاكمة وباقي مكونات المجتمع السياسي والمدني المصري”

ومن بين التدابير التي طالب بها الموقعون على البيان: وقف استخدام “الاحتجاز التعسفي” و”الحبس الاحتياطي”، والغاء القضايا التي مر عليها عامان دون احالة للمحاكمة.

ومن جهته قال الناشط السياسي المصري الفلسطيني رامي شعث الذي أطلق سراحه في مطلع كانون الثاني/يناير بعد توقيفه لأكثر من 900 يوم لوكالة الصحافة الفرنسية “نريد حوارا بين شركاء وليس حوارًا بين سجناء وسجّانيهم”.

وأضاف شعث، أحد الموقعين على البيان، أن “الإفراج عن نحو 40 ناشطا لا يساوي شيئا في بلد يُحتجز فيها 60 ألف معتقل سياسي وتعتقل أشخاصا جددًا كل يوم”.

وتقدر المنظمات الحقوقية عدد السجناء السياسيين في مصر بنحو 60 ألف سجين، إلا أن السيسي دائما ما ينفي ذلك.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي عرض السيسي “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، مشددا على أن التعليم والصحة والكهرباء حقوق أكثر أهمية من حق التجّمع المحظور بشكل شبه تام في البلاد.

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.