الكويت- اجتاحت موجة غضب نيابية عارمة الكويت فور إعلان تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، بعد انتخابات مجلس الأمة التي جرت يوم 29 سبتمبر/أيلول الماضي وأسفرت عن تقدم كبير للمعارضة.

فعقب صدور المرسوم الأميري بتشكيل الحكومة، طالب 45 نائبا بتصحيح هذا التشكيل واستبعاد بعض العناصر، التي اعتبروها خسرت الثقة الشعبية وانتهكت الدستور خلال الحكومات السابقة، مطالبين رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بتصحيح الأمر، تجنبا لحدوث أزمات في المستقبل.

واستبق موجة الغضب النيابية اعتذار النائب عمار العجمي عن قبول حقيبة وزارية، اعتراضا على عدد من الوزراء الذين شاركوا في حقبة رئيس الوزراء السابق، وهو ما أدى إلى تأجيل أداء الوزراء لليمين الدستورية، وسط أحاديث عن إعادة تشكيل الحكومة واستبعاد بعض العناصر منها.

الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس الحكومة الكويتية الجديدة (الصحافة الكويتية)

إشكالية دستورية

ويرى الخبير الدستوري محمد المقاطع أن تشكيل الحكومة أخذ بتوجهات جديدة لم تكن موجودة سابقا؛ إذ خرج التشكيل عن فكرة المحاصصة التي تمثل الفئات المجتمعية المختلفة سواء قبلية أو طائفية أو عائلية أو حتى التوجهات الحزبية، وهو تشكيل من كفاءات كويتية متنوعة تمثل شرائح المجتمع من دون أن تبنى على أساس من المحاصصة “وهذا توجه طيب وجديد”.

وأضاف المقاطع -في حديث للجزيرة نت- أن التشكيل الحكومي لم يخرج عن النمط التقليدي؛ فقد جاءت الحكومة بتشكيلة اعتيادية من حيث تمّيز الوزراء المشاركين فيها أو من حيث قلة عدد الوزراء المنتخبين من المجلس، فتم الاكتفاء بوجود وزير واحد من مجلس الأمة “محللا”، في إشارة إلى النائب عمار العجمي الذي اعتذر عن قبول المنصب.

وأضاف أن اختيار العجمي في الوزارة جاء من أجل استيفاء الشرط الدستوري بأن يوجد وزير واحد من مجلس الأمة في الحكومة على الحد الأدنى، وهذا خلافا للتوجهات الدستورية التي تدعو إلى أن يكون هناك أعضاء من مجلس الأمة في الحكومة، يمكن أن يصل إلى حد النصف كما تقول المذكرة التفسيرية للدستور.

وأوضح أن التشكيل الحكومي عكس توجها جديدا لدى القيادة السياسية، وهذا أمر يحسب لها، ولكن وجود شخصيات عليها تحفظات بسبب مواقف في الحكومات السابقة أدى إلى هذا التأزيم، مشيدا بموقف النواب المعترضين على الحكومة مبكرا حتى يتم التصحيح قبل إقرار التشكيل النهائي للحكومة.

تطلع كويتي لوجود توافق بين مجلس الأمة والحكومة الجديدة (الصحافة الكويتية)

أزمة مماثلة

واستذكر الخبير الدستوري الكويتي حدوث أزمة مماثلة عام 1963، وفي ذلك الوقت تدخل أمير الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم وأعاد تشكيل الحكومة باستبعاد 4 وزراء ممن كان عليهم اعتراض من أعضاء المجلس، “وأعتقد هذا أمر طبيعي، حتى تبدأ الحكومة بشكل جيد، خصوصا أن أيا من أعضاء مجلس الأمة لم يعترض على تكليف الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بتشكيل الحكومة، فهو مقبول بالنسبة لهم ويرون أن اختياره كان موفقا”.

وأوضح المقاطع أن الوضع الحالي يشير إلى وجود إشكالية دستورية باعتذار عضو مجلس الأمة عمار العجمي عن المشاركة في الحكومة بعد اختياره، خصوصا بعد صدور مرسوم تشكيل الوزارة، وهذا يتطلب إعادة إصدار مرسوم جديد وإلغاء المرسوم السابق على أن يتضمن المرسوم الجديد التشكيل الجديد واستبعاد العناصر المعترض عليها، حتى يحدث التوافق السياسي والبرلماني الذي يدعم الحكومة الجديدة.

حضور شعبي

ومن جانبه، أكد النائب الكويتي السابق حسين القويعان أن التشكيلة الحكومية كانت مخيبة للآمال ولا تتوافق مع طبيعة مجلس الأمة الموجود الذي خرج بأغلبية مريحة للنواب الإصلاحيين، لكن هذه ليست المرة الوحيدة التي لا تتلاءم الحكومة مع البرلمان، ففي عام 1963 عندما كانت الحكومة تحمل أغلبية من الشيوخ، تم الاعتراض عليها حينها ووصل الأمر إلى التهديد بمقاطعة الحكومة، وانتهى الأمر بتدخل من أمير البلاد آنذاك الذي أعاد الأمور إلى نصابها.

وأضاف القويعان -في حديث للجزيرة نت- أن رئيس الحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح “لديه حضور شعبي كبير، والشعب يثق به، ولا بد أن يثق هو أيضا بممثلي الشعب المنتخبين، وأن يثق بأن قسوة الانتقادات في البداية ستجنب الحكومات المستقبلية الكثير من الأزمات السياسية التي قد تنتهي بتقديم الاستجوابات أو الدخول في مشاكل سياسية لا يحمد عقباها”.

مشاورات واسعة

أما رئيس اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي بندر الخيران، فيرى أن مشهد تشكيل الحكومة به اختلالات كثيرة وغير مسبوقة، والبداية كانت من سرعة إعلان التشكيل الحكومي بعد ساعات من تكليف رئيس الحكومة بذلك.

وأضاف الخيران -في حديث للجزيرة نت- أن الأمر كان يتطلب ممارسة المشاورات الواسعة مع الكتل السياسية والبرلمانية، وقراءة عميقة للمشهد السياسي والاقتصادي، وبعدها يتم تشكيل الحكومة من كفاءات وطنية قادرة على أن تقدم رؤية إصلاحية للمرحلة المقبلة.

وأضاف الخيران أنه كان ينبغي عند تشكيل الحكومة أن تتم مشاورات عميقة مع نواب المنتخبين، وقراءة ما أفرزته النتائج، وفي الوقت نفسه إبعاد حالة الخلاف والتجادل السياسي حول بعض الشخصيات التي قد تكون محل خلاف دون تعجل في تشكيل الحكومة، معربا عن اعتقاده بضرورة معالجة الأزمة الحالية بطريقة أمثل.

كان رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح قد تم تكليفه بتشكيل الحكومة الأربعاء الماضي، قبل صدور المرسوم الأميري رقم 189 بتشكيل الحكومة الجديدة التي ضمت 6 وزراء من الحكومة السابقة و9 وزراء جدد.


المصدر: وكالات + الجزيرة نت

Share.

صحفية عراقية من اربيل خريجة وزارة الاعلام في اربيل سنة 2004

Comments are closed.